343 - الهجرة
خطبة الجمعة    343 - الهجرة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأعطيتنا وأوليتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن

ربنا ولك الحمد حتى ترضى ، ربنا ولك الحمد إذا رضيت ، ربنا ولك الحمد بعد الرضا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

فإن الأرض التي أقامها الله عز وجل وفق سنن، أوجدها وأمدها ،لولا إيجاده لها لما وجدت ! ولولا إمداده- سبحانه وتعالى-  لاضمحلت ، فهي تدور حول نفسها دورة من أدق الدورات ، وكأنما في باطنها ساعة ! لكنها ليست كالساعات ،كذلك هي تسبح في الفضاء الرحب العجيب ! تدور حول الشمس ، تسير وفق ما رسم الله- تبارك وتعالى- لها ، تسير بلا أجنحة ! كما قال من قال ، ومن على الأرض- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- هم لله عز وجل ،ولله عليهم نعمتان : نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، فكل شيء في هذا الوجود إنما خلقه الله- تبارك وتعالى- بقضاء وقدر، وما نسميها الأسباب والمسببات إنما هي قائمة بإقامة الله- جل جلاله- إذا أعطى الله- تبارك وتعالى- فلا يمكن لأحد أن يمنع ، وإذا منع الله- تبارك وتعالى- فهيهات أن يكون هناك من يعطي، من أعز الله- تبارك وتعالى- فلا مذل له ، ومن أذله الله- تبارك وتعالى- فلا معز له !!! هذا كله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- في دائرة حديثنا الذي نبدؤه بقول القائل  وقد رصد ذلك الوصول المبارك ، وصول أعظم مهاجر في هذا الوجود ، فإذا به يقول "هللي يا ربى المدينة واهمي = بسخي الأظلال والأنداء ..... واقذفيها الله أكبر حتى = ينتشي كل كوكب وضاء ... واجمعي الأوفياء إن رسول الله آ--- تٍ لصحبه الأوفياء... وأطل النبي  فيضاً من الرحمة = يروي الظماء تلو الظماء .

لو قلت لي لم بدأت من النهاية ؟!! لقلت لك :بدأت منها لأبين أن الذي يرسمه الله- تبارك وتعالى- مهما حاول أعداء الله- عز وجل- أن يعطلوه،أو يمحوه !! ما يقرره الله- تبارك وتعالى- مهما حاول أعداء الله- تبارك وتعالى- أن يبطلوه ،أو يوقفوه !! فإنهم لا يقدرون على ذرة من هذا،بله جميعه !! ولهذا حين ما بدأنا من النهاية تلك التي يقول فيها أحد الصحابة أنس- رضي الله عنه- لما وصل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم المدينة ، أضاء منها كل شيء - وحق لها أن تضيء يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، لأن الله- جل جلاله- قال "قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين".

عند الخروج من المسجد بعد صلاة الفجر نظر الناظر إلى الأفق ، فإذا به يرى الهلال !! هلال الشهر الذي نودعه ، كان مستلقياً على ظهره في عباب السماء ، منوراً بهجاً ، ربما نظر إليه الكسول فرآه كسلان !! قد ألقى بظهره إلى الفضاء ، وراح ينحدر نحو الغروب ، وينظر إليه ناظر آخر، فإذا به يقول: لم لا تراه مودعاً لعامٍ هجري ،طويت صفحاته بكل ما سجل فيها من خير أو شر !!يودعنا ، وهو يقول- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- : يا من صليتم الصبح في جماعة ثم خرجتم إلى بيوتكم ، ألا تنظرون إلي ! إني أودعكم من أجل أن أطلل عليكم مرة ثانية ، أهل في السماء على هذه الأمة ، لتسجل عاماً هجرياً جديداً ، هو العام الثاني والثلاثين بعد الأربعمئة وألف، ولكني حيث أودعكم اليوم لتستقبلوني غداً ، عليكم أن تقفوا وقفة واحدة صحيحة صريحة مخلصة صادقة عميقة ، كما تقف كل المؤسسات الناجحة في هذه الدنيا تراجع حساباتها على رأس كل عام، ترى ما الذي حل بالمسلمين في العام الذي نودعه؟ ما الإيجابيات إن كانت؟ وما السلبيات وما أكثرها؟ !! ما الذي قصرنا فيه؟ ما الذي أنجزناه بعدما وقفنا على مطلع العام الهجري المنصرم نستقبله ، فإذا بنا أمام برنامج قد أنزله الله- تبارك وتعالى- لهذه الأمة ، ما الذي ضيعنا من هذا البرنامج يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ هل حققنا في العام الذي نودعه هجرتين قرر العلماء أنهما فرض لازم على كل قلب ؟؟!!! على كل قلب مسلم هجرتان ، فرض لازم، هجرة إلى الله- تعالى-  وهجرة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-

أما هجرتنا إلى الله- جل جلاله- وهي هجرة قلبية ، فنعني بها أن توثق صلتك بالله- عز وجل- إيماناً بالله ، واعتصاماً بحبله المتين ، وتوكلاً على الله ، وإنابة إليه ، وثقة بالله واعتمادا عليه ، ورجوعاً في كل شأن من شؤونك إلى الله ، على ألا تحجبك الأسباب والمسببات التي أقام الله- جل جلاله- الكون عليها- عن عطاءات الله تبارك وتعالى ، فليست الأسباب والمسببات سوى حجب ، تحجب قدرة الله عز وجل ، وقد جاءت شريعة الله عز وجل لتنبه على ذلك " إنا كل شيء خلقناه بقدر" لا نلغي الأسباب شرعا ، ولا تحجبنا عن الله مسبب الأسباب معرفة !! .

الطعام الذي ندفع به في الجهاز الهضمي- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ويتحول إلى مستحلب ، ثم يضخ في الدم ، أتظن بأن ذرات هذا المستحلب تعي أن تتميز فيما بينها ، ليكون منها دم ، ومنها خلايا عظام ، ومنها شعرفي الوجه أو في البدن ، ومنها جلد، ومنها .. ومنها ...، إنه الله- جل جلاله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام الذي يسير الكون بمجراته وذراته ، هذه الهجرة إلى الله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- من لم يجدها في قلبه فليحث على رأسه الرماد !!.

أما هجرتنا إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- فنعني بها أن ترجع إليه- صلى الله عليه وسلم- وتوثق به صلتك ، إيماناً به ، وتصديقا بما جاءنا به من الله جل جلاله ، وأن تستمد من مشكاة نبوته- عليه الصلاة والسلام- منهج حياتك ، تستمد من المشكاة النبوية : الأخلاق والقيم والعبادات والمعاملات والحلال والحرام ، إذ لا مشكاة سوى مشكاته- عليه الصلاة والسلام- تعطي الهدايات ، وتقدم البصائر، وترشد الحياة ،وتستمد منها أحكام الشريعة.

هجرتك إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أن تسلم له بكل ما جاء به من الله- جل جلاله- " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! هذا قول الله- جل جلاله- :" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " لا بد من التسليم الكامل لكل ما جاءنا به- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ودعك من الببغاوية الفكرية تلك التي كانت من قريب ، ولا تزال تنقل الثقافة الرائجة التي تقرب من أعداء الله- تبارك وتعالى- قال احدهم إن الدعوة إلى الله- عز وجل- حينما تأخذ طريقها في المجتمع يعني هذا الإقصاء لكل من ليس مسلماً ، التنحية الإبعادلمن ليس بمسلم !!! ما الذي تقوله يا هذا؟ يقول إذا سمحنا للدعوة إلى الله- عز وجل- أن تأخذ طريقها في الحياة ، إذا مكنا لهؤلاء في الأرض ، والذين يمكن لهم في الأرض- ههنا- هم الدعاة إلى الله- جل جلاله- هم الذين يدعون إلى " لا إله إلا الله محمد رسول الله " هم الذين يدعون إلى الحق والخير والرشد والهداية والمحبة والإيثار ومكارم الأخلاق ، يقول هذا : إذا مكنا لهم في الأرض معنى ذلك أنهم أقصوا أضدادهم ، وكأني بهذا قد عمي عن أن الأرض اليوم في كثير من بقاعها قد أقصي المسلمون عن التمسك بأزمة الحياة ليصوغوها وفق منهج الله- تبارك وتعالى- فمن يقصي من يا ترى ؟؟ هؤلاء هم الذين يدفعوننا إلى أن نقول مَن أخرج مَن من مكة المكرمة ؟؟ هل المسلمون في مكة هم الذين أخرجوا أهل مكة منها ؟؟ لأنهم ما أسلموا أم أن المشركين أم أن الجاهلية أم أن الوثنية هي التي أخرجت المسلمين من مكة المكرمة؟؟!! ما لكم لا تبصرون ؟؟!! عجيب أمر هؤلاء ،  فليعطوا مثالاً واحداً على الإقصاء الذي يتحدثون عنه ، بل الأنكى من ذلك أن هؤلاء جهلة بدينهم ، ومن العجب أنهم ينتمون للإسلام !أعداء المنهج الإسلامي يجهدون في إقصاء حملة المنهج الداعين إلى تطبيقه ، بحجة أن المنهج إذا طبق أقصاهم عن سدة التوجيه !ألا يرون أنهم يمارسون الإقصاء الذي يتخوفون من غيرهم أن يمارسوه ، هم واقع عملي ، ويحتجون بالتخوف مما يفعلونه !!هو تبريرساقط يراد منه ألا يحكم شرع الله- تعالى – لأنه إذا حكم قلم أظافر الشر فلا تخمش وجوه الناس !!

قضية الإقصاء هذه قد قررتها آيات قرآنية كثيرة ، بل يمكن أن نبدأها- ههنا- من ورقة بن نوفل ، ذلك أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- لما تلقى أولى نجوم وحي الله- تبارك وتعالى- في غار حراء ، جاءت به السيدة خديجة- رضي الله تبارك وتعالى- عنها إلى ورقة بن نوفل ، وكان عنده علم من الكتاب ، وقص عليه- أفضل الصلاة وأتم التسليم- ما رأى وما سمع ، فإذا بورقة يقول: إنه الناموس الأكبر الذي جاء إلى موسى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ويقرر ورقة بعد ما سمع من المصطفى- عليه الصلاة والسلام- ما كان منه مع جبريل- عليه الصلاة والسلام- " أنه الناموس الأكبر" أي : وحي الله تبارك وتعالى أي: جبريل الذي ينزله الله- عز وجل- على الرسل عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أين الشاهد ههنا؟ الشاهد أن ورقة قال للرسول عليه الصلاة والسلام بعد ما قرر ذلك " ..يا ليتني أكون جذعاً حين يخرجك قومك" !!مباشرة هذا الذي قاله ورقة ، لأنه كان على دراية بسنن اجتماعية تجسد أمر المواقف الفاجرة من دعوات الله- تعالى- و إنما هي البنية الاجتماعية التي بنيت عليها المجتمعات الوثنية الفاجرة الآثمة المجرمة الطاغية !!!.

يقول للرسول عليه الصلاة والسلام : ليتني أكون شاباً حين يخرجك قومك ، إذن لون كنت كذلك لأنصرنك نصراً مؤزراً ، هنا تملك العجب الرسول- عليه الصلاة والسلام- الذي ما كان يعرف لمثل هذا الشر أي مبرر !!إنسان يدعو إلى الحق والخير والبر ، فيجازى بالإبعاد عن أرضه !!أي سوء خلق هذا ؟!! ذلك أنه يدري أنه ما يصدر عنه إلا كل خير، هو قد تحلى بمكارم الأخلاق ، وشهدت له قريش بالصدق والأمانة ، فما الذي يدفعهم إلى إخراجه ، قال لورقة متعجبا : " اومخرجي هم " ؟ قال : نعم ، ثم يعلل كاشفا عن منهج أهل الباطل في هذا الشأن :  " والله ما جاء أحدٌ بمثل ما جئت به إلا أخرجه قومه " يذكر ويحدد سنة الإخراج ، المشركون هم الذين يخرجون الموحدين ! الكفار هم الذين يخرجون المؤمنين ، الجاهلية هي التي تخرج الإسلام ن يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! فلم يبقبق هؤلاء على شاشات التلفاز، ليقولوا : إن المسلمين إذا ما تولوا أزمة الحياة ، معنى ذلك أنهم يقصونالآخرين !! خيبكم الله ! على ماذا تستندون يا ترى ، أم أنكم تريدون أن تروجوا لثقافة إنما هي محبوبة لأعداء الله- تبارك وتعالى- أما سمعتم قول الله- عز وجل- ينعى على بني اسرائيل في سلوكياتهم " .. ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريق منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ، وإن يأتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا " أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام " ولهم في الآخرة عذاب عظيم " ولو قال هؤلاء : إن المصيبة حين تحكم شريعة الله- تعالى- أننا سنفقد الرشوة والعدوان والظلم والآفات النفسية ، ولن يبقى للشهوات الحرام مكان ، ولن يجد الراتعون في أموال الناس سرقة لها مرتعا بعد ذلك ، لو قالوا : هذا أو بعضه لصدقوا ، ولصدقناهم فيما يقولون !

أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! لو أن هؤلاء قد سمعوا قول الله عز وجل : " وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " قررمجلس الشذاذ إخراج المتطهرين من البيئة الوسخة حيث إنه لا تتفق الطهارة مع النجاسة ، ولا يلتقي التوحيد مع الشرك ، ولا يصاحب الإيمان الكفر، ولا يتحاب الإسلام مع الجاهلية ، ولما كانت أزمة القوة والحكم بيد المشركين ما كان من قرار قرروه إلا أن قالوا : " أخرجوهم " و كان جواب قوم لوط- عليه السلام- حينما أمرهم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- بطهارة السلوك ،" وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون "

 

أما سمع أولئك النص العام الذي لا يحتاج إلى تفاصيل ، بل إن التفاصيل تعرف جراء قراءتنا لقصص الأنبياء- عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم- : " وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا " فمن يقصي من ؟؟؟؟ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! هاهنا نقول : إن الإسلام حينما يتولى الأمر ليصون الحياة ، معنى ذلك أنه يعطي كل ذي حق حقه ، ويرسم الطريق ، من رسم الطريق التي تنتهي في جنة عرضها السموات في الأرض ، ولا يمكن أن ينتهي من ينتهي إلى جنة عرضها السموات إلا إذا كان أهلا بسلوكياته وسلوكيات أهل الجنة ، يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام : الصدق والأمانة وابتغاء الخير والدلالة على المعروف ونفي المنكر من المجتمع ، إذا أرادوا بالإقصاء إقصاء المنكرات فهم على صواب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !!! إذا أرادوا بالإقصاء إقصاء الفساد الاجتماعي وسلوكه ،  فهم على صواب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !!!

 

بل أشد من ذلك اجتمعت قريش يوما- يا امة محمد عليه الصلاة والسلام- في دار الندوة ، وهذا أمر يعلمه المسلمون قاطبة صغيرهم وكبيرهم ، رجلهم وامرأتهم ، اجتمعوا ليقرروا بعدما اتسعت دائرة الدعوة إلى الله- عز وجل- في مكة ، وخاف زعماء قريش جراء ذلك على زعامتهم !! بئست الزعامة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إذا دفعت إلى الشرور !! إن زعاماتهم قد انطوت بعد ذلك ، والذي أخذوه منها  العار والشنار، أخذوا معهم النار التي أوقدوها حيث وقفوا في وجه الدعوة إلى الله جل جلاله !! زعماء قريش خافوا على أنفسهم ، اجتمعوا ، وكان معهم من له حق النقض ، طرحت الآراء ، ثلاثة مقترحات ، استخدم لها من له حق النقض فنقضها ، أو نقض اثنين منها ، أما الثالث فطاربه فرحاً ، الأول طرح الرأي على أن يسجن- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- حتى يموت في السجن !! يقيد بالحديد ويغلق دونه الباب ولا يعطى إلا االطعام ، ثم ينتظرون أن يموت- عليه الصلاة والسلام- أجل تربصوا به ريب المنون ، وما دروا أن الله عز وجل حينما أنزل جبريل عليه الصلاة والسلام بداية للوحي إنما أراد الله تبارك وتعالى أن تغطي هذه الشريعة مشارق الأرض ومغاربها إلى أن يرث الله عز وجل الأرض وما عليها أراد الله تبارك وتعالى لهذه الشريعة أن تستضيء البشرية قاطبة وما كان لأحد أن يطفئ نور الله جل جلاله ، لكنهم لا يعقلون قالوا : نحبسه نطعمه حتى يموت ، فنستريح ، حق النقض رفع صاحب النقض يده يعترض على هذا المقترح ، وعلل ذلك ، فقال : هذا ليس لكم برأي ، لماذا ؟ قال : لأنه اذا ما حبستموه لا تأمنوا على أنفسكم أن يجتمع عليكم أصحابه فيثبوا عليكم ، فيخرجوه من بين أيديكم ، ثم يغلبوكم على أمركم ، تسحب الكراسي من تحتهم ، فيقعون على الأرض !!! أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، خوفهم بذلك رووا رأيا آخر.

 

 وطرحوا الرأي الثاني : نستريح منه حيث نخرجه من مكة ، نلقيه في أي بلاد الله شاء ، ثم بعد ذلك لا نبالي ، نعكف على أنفسنا ، نتدبر شؤوننا ، وإذا بصاحب حق النقض يرفع يده يعترض على هذا الرأي ، يقول : أما رأيتم حلاوة حديثه ، وقوة منطقه ، وشدة تأثيره في القلوب ، وشدة الجاذبية فيه- عليه الصلاة والسلام- قال : إنكم لا تأمنون إذا ما ألقيتموه خارج مكة أن يجمع عليكم الناس ، ثم يغيروا عليكم ، ليأخذوا الأمر من بين يدكم ،  فروا رأيا غيره.يا سبحان الله !كيف تلقف أتباع الشيطان هذا الرصد للدعاة ، وأخذوا يضعون الحلول للحيلولة بينهم وبين الناس ، ولو عبرتلفيق التهم ، وإساءة السمعة ، والطعن بالنوايا الصالحة!!

 

 وإذا بصديق صاحب النقض الصديق الحميم ، والأخ الودود له" عمرو بن هشام " صاحب النقض هذا هو" إبليس " يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !لما سمع بالاجتماع ، ودرى خطورته ،حضر ، جاء بصورة شيخ نجدي ، والجن كما نعلم يمكن أن تتجسد ، وحين دخل بهذه الصفة وسألوه عمن يكون ؟ قال: سمعت باجتماعكم هذا ، فحضرت ، لعلكم لا تعدمون مني رأياً ينفعكم ، ويصلح لكم ، هو أخ حميم لأبي جهل " عمرو بن هشام " ما يختلفان إلا في القالب الجسدي ، وإلا فالباطن عين الباطن ، أو قريباًمنه !! قال أبو جهل : إني وقعت على رأي ما أظنكم قد وقعتم عليه من قبل ،واشرأبت الأعناق تتلهف إليه الرأي الذي وقع عليه أبو جهل !!ولا أستبعد أن يكون التواصل الفكري بين النجدي وأبي الجهالة من وراء هذا الرأي المكتشف من مناجم الشر ! هات رأيك !! قال : نأتي بأربعين من الفتيان ، شباباً أقوياء ، شجعان ، نعطي كل واحد منهم سيفاً ، ثم يضربونه- أي الرسول- ضربة رجل واحد ، وهذا الشاب الذي يشترك مع أخوانه في قتل المصطفى- عليه الصلاة والسلام- كل منهم ينتمي إلى قبيلة غير القبيلة الأخرى ، فإذا بدم الرسول- عليه الصلاة والسلام- يتفرق في القبائل ، ولا يقدر بنو عبد مناف أن يأخذوا بثأرهم ، وحينها يرضون بالعقل- أي بالدية- فنديه- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- طار فرحاً إبليس ، وقال هذا هو الرأي ! لا رأي لكم سواه.الاستئصال هم كل أتباع إبليس .

 

من يقصي من ؟؟؟ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! إن إبليس وجنوده وحزبه وأتباعه ورجالاته هم الذين يسعون إلى الاستئصال ، استئصال المسلمين من فوق هذه الأرض ، وهنا قد يقول القائل : إنك تخلط أحياناً بين الإسلام وحملة الإسلام ! وهذه من النكايات التي ينكأ بها أعداء الله- عز وجل- هذه الأمة ! هل من فرق بين الإسلام  وبين حملة الإسلام في دائرة الدعوة إلى الله- عز وجل- هم يقولون : نحن لا نعادي الإسلام ، وإنما نريد أن لا نرى مسلماً ، ما معنى أنكم لا تعادون الإسلام ؟ أيعني : أنكم لا تعادون كتاب الله عز وجل في أوراقه ؟! أم أنكم لا تعادون سنة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- في كتبها ؟؟؟ أنتم لا تعادون المكتبات الإسلامية ، أما أن يكون هناك إسلام متحرك فوق هذه الأرض ، فهذا الذي لا ترضونه أبداً !! لكن الرسول- عليه الصلاة والسلام- قد رفعنا من قبل إلى أفق من الفهم لهذه النكاية !ودلنا على أن معاداة أولياء الله- تعالى- معاداة لله- تعالى !! وما أكثر الصور الواقعية في سيرته- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- التي على الأمة أن تستوعبها اليوم قبل الغد ، أجل صور واقعية من التطبيقات الربانية ذلك أن سيرته- عليه الصلاة والسلام- إنما تجسد أحكام شرع الله تبارك وتعالى ، وحقائق السلوك .

في غزوة بدر- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- لما ناشد الرسول عليه الصلاة والسلام ربه جل جلاله مناشدة ضارعة : اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد على الأرض !!!  أليس في هذا تقرير للتلاحم الفذ بين الدعوة وحملتها ؟؟!! ألم نستمع إلى ما دعا به نوح- عليه السلام- حيث فاه بصيغة تفور بهذه الحقيقة ، حيث قال " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر " أرأيت إلى قوله " فانتصر " دون " فانصرني " !!! وهنا حينما يقتل أعداء الدعوة حملتها من المسلمين وهم يرفعون شعاراً " أنا لا نعادي الإسلام " معنى ذلك أنهم يضحكون على الذقون ! معنى ذلك أنهم مفترون مخادعون !إذ إنه إذا ما قضي على حملة الإسلام فما الذي يبقى يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ؟

إذا ما وقفنا وقفة سريعة وجدنا أنفسنا أمام عطاءات حدث الهجرة ، ولعل الأمر الأول حينما  أنزل الله- عز وجل- الوحي ، فكان الحدث الأكبر في حياة البشرية قاطبة ، هذا الحدث الذي أراد الله عز وجل به أن يستخرج الناس من الظلمات الى النور   "الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور  بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد" كان ذلك ، أو كانت  البداية ، وما أعظمها ! وما أروعها إضاءة! تكفل الله عز وجل أن تكفي البشرية قاطبة ، وقد بين- عليه الصلاة والسلام- في أحاديثه أن الأرض كلها ستدخل في دين الله تعالى ، وذلك حين ينزل المسيح عيسى بن مريم- عليه الصلاة والسلام- فيقيم شرع الله ، ولا يبقى- حينها- إلا ملة واحدة ، التي هي ملة الرسل- عليهم الصلاة والسلام- قاطبة ،المسيح حينئذ يضع الجزية ، يكسر الصليب ، يقتل الخنزير، وهنا يتحقق ما قاله عليه الصلاة والسلام  "بأن هذا الدين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار" هذا المعنى كان قائماً في ذوات الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم.

الحدث الآخر هو حدث الإسراء والمعراج ، ومعنى من معاني حدث الإسراء والمعراج ، أنه يفك السلاسل التي وضعها أناس كثيرون حول رقابهم ، تلك السلاسل التي تريهم أن هذه الدنيا التي نعيشها هي وحدها الوجود! ولا وجود سواها ! الماديون- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الذين حصروا معرفتهم بما تقع عليه الحواس ، وألغوا ما وراء ذلك ،وقد جاء حدث الإسراء والمعراج ليبين أن الوجود له مدى لا يعلمه إلا الله- جل جلاله- فهناك الفضاءات ! وهناك السموات ! وهناك سدرة المنتهى! وهناك عرش الرحمن- سبحانه وتعالى- وهناك الجنة ، وهناك النار. صحيح أن حواسنا إنما تقع على الماديات التي حولنا ، وإن كنا لا نحيط بها ، ولكن جاء وحي الله- عز وجل- الذي جاءت البراهين التي لا تعد ولا تحصى على صدقه ، لتبين لنا مضامينه الآفاق الرحبة من وراء هذه الدنيا التي نعيش فيها لحظات إلى جانب المستقبل الأبدي !! هؤلاء الماديون سوف يصدمون بأول سكرة من سكرات الموت ، حين تأتي الملائكة لتقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث.

وأما الحدث الثالث- وهو أخطرها يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام من حيث الآثار- فهو حدث الهجرة ، إذ هو حدث يدل على أن المسلم إنما هو ابن دينه ، المسلم لا يعرف مقدسا سوى عقيدته وما يتصل بها ، سوى إيمانه بالله تبارك وتعالى ، سوى إسلامه الذي أكرمه الله عز وجل به ، وما سوى ذلك إنما يوظف من أجل نصردين الله عز وجل ، ومن هنا وطن المسلم حيث استطاع أن يقيم شرع الله تعالى !! أما تركت مكة ، وما أعظم مكة !! لماذا ؟؟ من أجل أن يقيم- عليه الصلاة والسلام- دولة الإسلام ، والمجتمع الإسلامي ، المجتمع الرباني الذي قام على المحبة والإخاء والإيثار والتواصل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخلاق الرفيعة العالية ، ومن هنا يكون المصطفى صادق الرافعي.*

إن خطوات الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما بين مكة والمدينة ، كانت تخط آثارها على الأرض ، ولكنها في الحقيقة كانت تخط سطورا على صفحات التاريخ ، وكأنما تعلن أن التاريخ قد بدأ ، وأن هذه الأمة بدأت تأخذ مسارها في هذه الأرض من أجل أن تنقذ البشرية من الجاهلية إلى الإسلام ، ومن ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن الظلم الذي كان قد تراكم فوق هذه الأرض إلى العدل الذي جاء به شرع الله- تبارك وتعالى- إن المسافة يا آمة محمد عليه الصلاة والسلام !! بين مكة والمدينة هي مسافة محدودة في حدودها ، ومقاسة ، ولكنها في الحقيقة إنما تعني ارتباط المشرق والمغرب ، حيث إن المشرق والمغرب سيدخلان في دين الله- تبارك وتعالى- .

نبهني الله وإياكم من غفلة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم ، كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد. عباد الله !أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، فقد قال لنا "يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! كما أن الله تبارك وتعالى ، كما أن الرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قد دعانا إلى أن نحكم الأخذ بالأسباب دعوة كلامية وعملية سلوكية ، دعانا إلى أن نعقد القلوب ربطاً بالله جل جلاله على أن هذه الأسباب إنما هي بيد الله عز وجل ، نأخذ بها أخذاً واعياً كاملاً ، كما أخذ بها عليه الصلاة والسلام ، ولكن القلوب ما ينبغي أن تعتمد على الأسباب ، إذا أراد الله عز وجل أن ينصر هذه الأمة من حيث الاعتقاد إنما ينصرها ولو لم يكن بيدها سبب من الأسباب ، ولكن إذا فرطت في الأخذ بالأسباب حيث دعتها شريعة الله عز وجل إلى ذلك ، ثم استنزلت النصر، فإنها تطالب بما قصرت به تجاه شريعة الله تبارك وتعالى أولاً .

في قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام اعتماد على الله ، ليس بعده اعتماد ، وثقة بالله ليس بعدها ثقة ، وتوكل على الله ليس هناك أكبر منه توكل ، ومع ذلك أخذ بالأسباب كاملة !!! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، ولم يأخذ بها لأنه كان يخاف من أن يواجه قريش حينما أراد أن يهاجر، وإنما أخذ بها عليه الصلاة والسلام ليعلم الأمة الممتدة الوجود- إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها- كيف تتعامل مع الأسباب ، ومع الحياة ، ومع أعداء الله تبارك وتعالى !! ومع ذلك حين وصل الكفار إلى فوهة الغار- غار ثور- وكان فيه المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ومعه صاحبه الأثير الصديق ، لما خاف الصديق حيث قال: يا رسول الله! لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لرآنا ! قال:" يا ابا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا " الموقف موقف غامر يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بالعطاء ، قال ربنا جل جلاله "إلا تنصروه فقد نصره الله، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" سمع الفاروق أن أحدهم يفضله على ابي بكر- رضي الله عنه- فما كان منه إلا أن غضب ، وقال: والله لليلة من ليالي أبي بكر أفضل من آل عمر كلهم ، ويوم من أيام الصديق أفضل من آل عمر كلهم ، أو كما قال- رضي الله تبارك وتعالى  عنه- يكفي أن الله عز وجل أنزل قرآناً يقول فيه : " إذ يقول لصاحبه " وبالإجماع هوأبو بكر رضي الله عنه ، ويكفي أن الله- عز وجل- قد أنزل الوحي بما قاله للصديق ، فقال "لا تحزن إن الله معنا" أي : مع الرسول ومع الصديق رضي الله عنه، وقد ظهرت معية الله مع الصديق حينما وقف في وجه الردة ، وأطفأ الله به نيرانها.

"لا تحزن إن الله معنا" هذه الحال القلبي التي ينبغي أن يكون عليها قلب كل مسلم ، وهو يضرب في الأرض ، سواء كان في سوقه ، أو في مدرسته ، أو في مصنعه ، أو في محكمته ، أو في أي موقع من مواقع حياته " إن الله معنا " هذا معنى من المعاني الخطيرة يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وهذه المعية كانت من وراء ذلك الإخفاق الذريع الذي وقع لسراقة حيث ظن أنه بإمكانه أن يصطاد الصيد الذي رصدت له الجاهلية فداءً وجائزة كبيرة ، وهي تضارع اليوم الجوائز الكبرى التي ترصد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام لمثل هذا الصيد!! ظن أنه بإمكانه أن يلحق بالرسول عليه الصلاة والسلام، وما درى أن الكون كله بيد الله ،حتى فرسه التي ركبها ليلحق بها الرسول عليه الصلاة والسلام ، إنما هي مسيرة إذ الله عز وجل آخذ بناصيتها ، وسراقة جاهل بهذا ، ولذلك ساخت فرسه في الأرض ، ساخت حتى بطنها !

أجل ! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم سارت شمس الوجود بليل ... معها البدر أفقها البيداء ... واقتفاها سراقة لاستراق النور... منها كأنه الحرباء ... وعد النفس بالثراء ولكن... رب فقر أشر منه الثراء... صير الخسف تحته الأرض بحرا...ً غرقت فيه سابح جرداء... ففدى نفسه ببذل خضوع... حين منها لم يبق إلا الذماء... وحباه وعداً بإسوار كسرى ... فأتاه من بعد حين وفاه !!!!

أجل يا أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- هذه سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، فما الذي عرفناه من هذه السيرة ؟؟ كي أختم أقول : إن الموفق السعيد هو الذي وقف على باب العام الهجري الجديد فوضع منهجاً خاصاً به ، وبأسرته ، يتعرف من خلاله إلى ما يحتاجه من الإيمانيات ، ومن النبويات ، ومن السمعيات ، يحتاج إلى سيرته عليه الصلاة والسلام ، يحتاج إلى أن يتفقه بدين الله عز وجل ، يحتاج إلى أن يتعرف إلى مكارم الأخلاق ، ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال "المهاجر من هجر ما نهى الله- عز وجل- عنه" بهذا نكون قد أحسنا استقبال الهلال ! هلال المحرم أمة محمد عليه الصلاة والسلام.     

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي* يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً" اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد ، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم ربنا اجعلنا أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك اغفر اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان معروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.