345 - فاستبقوا الخيرات
خطبة الجمعة    345 - فاستبقوا الخيرات
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ، ونستعين به ونستهديه ونسترشده ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"

أما بعد- أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-

فإن التعبيرات القرآنية دقيقة أيما دقة ، فهي ترسم بمعناها وحروفها وظلالها وإيحاءاتها المعاني التي أنزلت الكلمات القرآنية من أجلها ، لاحظوا معي قول الله عز وجل "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" دعوة من الله- جل جلاله- بعدما هيأ لنا الأرض ، وجعلها قرارا ، وقدر فيها أقواتها ، قال سيروا ، قال امشوا ، فالمشي- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- له معناه ، ولعله من الوضوح بمكان فيما يتعلق بالضرب في الأرض ، قال " فامشوا في مناكبها " أما ما يتعلق بالتوجه إلى الله- جل جلاله- فقال جل جلاله " ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأتي بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير".

والاستباق- هنا- إنما يجسده مجموعة بنتها شريعة الله تبارك وتعالى ، كل منها يحرص على أن يكون الأول ، "واجعلنا للمتقين إماما " وقال- جل جلاله- في موطن آخر "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض" والمسارعة- ههنا- إنما تعني حفز الهمم حفزاً كاملاً لتستنفد طاقاتها للوصول إلى رضوان الله- تبارك وتعالى- فما أروع كلام الله عز وجل!! وما أدقه!! أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

الدنيا التي نعيش فيها مجموعة حقائق ، وفيها لذائذ ، وفيها شهوات، أما الآخرة التي نحن راحلون إليها فهي الحقائق التي تتصف بالأبدية وبالكمال، "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى"، الآخرة مجموعة حقائق بلغنا إياها الرسول الخاتم محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وجاء الرسل قاطبة يبلغونها أقوامهم ، ذلك أن رحلة هذه الحياة إنما هي الزمن الذي يحياه الإنسان من وقت نفخ الروح فيه جنينا إلى أن ينتهي الأجل ، ثم بعد ذلك نفضي إلى عالم البرزخ . الدنيا التي نعيش فيها شاء الله- عز وجل- أن يجعلها قاعة اختبار، والاختبار إنما يكون بالشر والخير، قال جل جلاله "ونبلوكم بالشر والخير فتنة، وإلينا ترجعون" فالشر له وجود فوق هذه الأرض ، والخير له وجود فوق هذه الأرض ، ولكن مساحات الخير تتسع حتى تكاد تنفي الشر كله ، متى يكون ذلك؟! حينما يقبل الناس على الله- جل جلاله- حينما يلتزم الناس شريعة الله منهج حياتهم ، تلك الشريعة التي جاءت لتفجر كل طاقات الخير فينا، الخير من الباطن ، والخير في الظاهر، أما سمعتم قول الرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" أما سمعتم قول الله- عز وجل- "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم" حينما تتسع ميادين الخير، وهي متسعة واسعة ، معنى ذلك أن أقوالك خير، وأفعالك خير، وأحوالك خير، ومواقفك خير، وبالجملة الكفر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- منبع الشرور، لا يمكن أن يأتي الكفر بحال من الأحوال ، بذرة من ذرات الخير، حتى ما يبدو لنا أنه من الخير، وقد صدر من بيئة كافرة ، فإنه قد عري ن كل التعري عن الخير، ذلك أن قاعدة الخير أن تعمل وأنت تبتغي وجه الله جل جلاله.

"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه".

أما علمتم أن هذه الأمة التي بناها شرع الله عز وجل إنما هي أمة خير "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، أما سمعتم ما طلب منا بنص القرآن الكريم " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير" أما علمتم أن الصدقة من الخير، وأن الإحسان من الخير، وأن تبسمك في وجه أخيك من الخير، وأن إغاثتك الملهوف من الخير، وأن أمرك بالمعروف ، ونهيك عن المنكر من الخير، بل أنفاسك ما دامت معطرة بالحضور مع الله عز وجل فهي خير مع خير.

ومن هنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قال العلماء: الخير كل ما ترغب فيه النفس رغبة مطلقة ويعود عليها بالنفع ، والشر بخلاف ذلك ، كل ما ترغب فيه النفس رغبة مطلقة ، ويعود عليها بالضرر، وهناك خير مطلق ، لا خلاف فيه على الإطلاق ، وهناك شر مطلق ، لا خلاف فيه على الإطلاق ، وهناك خير مقيد ، وهذا الخير المقيد ربما تبدى خيرا لأحدهم على أن يعود على الطرف الآخر بالشر. ما مقاييس الخير والشر؟ الشر كل معصية لله- عز وجل- الربا شر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- النظرة الخائنة شر، والكلمة الكاذبة شر، والاستماع لما لا يحل لك أن تستمع إليه شر، والإيذاء باليد إنما هو من الشر كذلك، أما الخير فكل ما يكون طاعة ، تطيع ، وإن ظننت أن هذا الميدان إنما يعود عليك بلون من ألوان الإساءة البدنية- مثلاً- أو المالية ، فهو من الخير.

أما سمعتم قول الله- عز وجل يقول "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" مقاييس الخير- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ليست مرتبطة بالقوة الاغتصابية الغاشمة التي إنما تبنى من دماء الناس ، ومن عرق الناس ، تبنى من السرقات والانتهاب للثروات، كثرة الأموال ، المال سماه الله عز وجل خير، أما قال الله- جل جلاله- "وإنه لحب الخير لشديد" أحب المال هو الذي جعل البخيل بخيلا ، أما قال الله- عز وجل- "إن ترك خيراً الوصية للوالدين" أي: إن ترك مالاً، وقد نص العلماء على أن الخير حيث يطلق على المال ، إنما يدل على ثنتين ، الأولى: أنه يكون كثيراً ، والثانية : أن يكون من حلال طيب.

أنتم أمة الخير!! قال- عليه الصلاة والسلام- "للشهيد عند الله عز وجل ست خصال" ونحن هنا نستبق الحديث ، ذلك أن الحديث إنما يتناول خطورة الغفلة عن الحقائق الأخروية ، إذا ما عشنا في الدنيا ولذائذها وشهواتها ، إذا ما استغرقتنا الدنيا معنى ذلك أن عدو الله قد تغلب علينا ، وحيث تغيب الحقائق الأخروية ، أو تغيًب ، وحيث تبهت تلك الحقائق في النفوس ، وحيث تهمش ، وحيث تهاجم الحقائق الأخروية ، معنى ذلك أننا لا نرى إلا ما حولنا من هذه الدنيا!!! معنى ذلك أننا نتناطح فيها ، أننا نتقابح فيها ، أننا نتعادى فيها !! وحبيبنا- عليه الصلاة والسلام- يقول " والله ما الفقر أخشى عليكم ، وإنما أخشى أن تفتح الدنيا عليكم" يخشى علينا- عليه الصلاة والسلام- أن تفتح علينا الدنيا، لماذا؟ قال: لأنه إذا فتحت الدنيا ، ولم نر إلا الدنيا ، وغابت عنا الحقائق الأخروية التي نحن راحلون إليها ، معنى ذلك أننا سنتنافس في هذه الدنيا، وهذه الدنيا لا تحتمل تنافسنا ، بل إنها لا تهضم أنفاسنا، بل كيف تهضم مطامعنا ومطامحنا وتطلعاتنا وآمالنا، وهي رقعة تضيق عن مطمع واحد من أهلها ، فكيف باثنين ، أو ثلاثة !!!

استبقنا- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- الحديث ، ذلك أن كتاب الله عز وجل قد عرض علينا البداية والنهاية ، فحيث لا نحتضر البداية والنهاية معنى ذلك أننا نعيش في زمننا الذي نعيش فيه دونما نظرة للمستقبل ، بل ربما رفع لنا عبر وسائل الإعلام ، أو بعض وسائل الإعلام ، أن المستقبل الذي يسعى إليه الإنسان لا يعدو هذه الدار التي يعيش فيها، مستقبلك في أن تصبح زعيماً ، مستقبلك في أن تصبح كبير قوم ، مستقبلك في أن تصبح رجل أعمال ناجحا ، مستقبلك أن تصبح ذا شأن ومكانة في المجتمع، أما المستقبل الحقيقي الذي أظهر الله- عز وجل- ندم من غاب عنه ، أو غفل عنه ،فإنه يصرخ متندما " يا ليتني قدمت لحياتي" فهو في الحياة التي نحن راحلون إليها ، أجل هي المستقبل الحقيقي الذي يعمل له الأكياس.

ومن هنا بين الله عز وجل لنا ما كان من أمر آدم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قد خلق الله- تعالى-  آدم مما خلقه ، ونفخ فيه الروح ، ثم أمر الله عز وجل الملائكة فسجدوا إلا إبليس أبى، وهنا أعلن إبليس بالعداوة ، أجل عدونا الحقيقي إبليس، وإذا ما قال القائل: أنت تصرف أنظارنا عن العدو الذي نعايشه ، أقول إن كل أعداء الله- عز وجل- إنما هم حزب إبليس وجنده الذين يحملون إضلاله دعوة وتطبيقا!!، أعلن إبليس العداء ، وحرص كل الحرص على أن يفسد على آدم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- حياته وما زال به حتى أكل آدم- عليه الصلاة والسلام- من الشجرة، وكان الإهباط ، فبردت نار إبليس ، لكنها لم تنطفئ ، بردت ناره حيث رأى عدوه قد أهبط إلى الأرض، وما درى أن هذا الذي عاداه إنما له مكانة عند الله ،" فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" ما درى أن نزول آدم- عليه الصلاة والسلام- إلى الأرض إنما يعني نزول الغواص إلى قاع البحر من أجل أن يصعد بعد نزوله باللالئ والجواهر والنفائس ، أُهبط من أجل أن يعود، يعود إلى الجنة ، ليبقى فيها- بإذن الله- أبد الآبدين ودهر الداهرين.

نار إبليس انطفئت قليلاً ، أو خمدت ، ولكنه آلى على نفسه، وأخبرنا الله عز وجل بهذا- لئلا نغفل عنه- أمة محمد عليه الصلاة والسلام قال "ربي بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض، ولأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين" أرأيتم عظمة التعبير لأزينن لهم في الأرض، يريد منا إبليس أن نكون أرضيين ، ما نرى إلا الأرض ، وما نعيش إلا للإرض ، حتى ندفن فيها، وكان ما كان من أمر إبليس ، فإذا به يخوض معنا معارك، هذه المعارك تأخذ مراحل ودركات ودرجات ، حيث يلتقي الإسلام مع الجاهلية، والتوحيد مع الشرك، والحق مع الباطل، والعدل مع الظلم، حيث يلتقي الإيمان مع الكفر، هذا كله من تلك المعارك التي رتب لها عدو الله ومن هنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام خضنا معركة الإيمان فنجحنا ، وانتقلنا من رحاب الإيمان بعدما انتصرنا فيها إلى معركة ثانية أبى إبليس إلا أن يعاند بها.

أما المعركة الأولى التي انتصرنا فيها أراد إبليس أن نكفر بالله عز وجل، ونكفر بلقائه، ونكفر بصفاته، ونكفر باسمائه، ونكفر بدينه، ونكفر بتشريعه، فأبينا ذلك كله ورفضناه أروع رفض وكان منا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام عميربن الحمام ،الذي كان واقفاً في الصف ، فقال- عليه الصلاة والسلام- قبل بدء المعركة، المعركة التي هي معركة بين الايمان والكفر، بين التوحيد والشرك، قال: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض !! قال عمير: يا رسول الله عرضها السموات والأرض؟! كأنما يستحلي هذا المعنى ، وهو حقيقة من الحقائق التي جاء بها كتاب الله ، وأكدها- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-بقوله : قوموا، وكان بيدعمير تمرات ، فإذا به يقول: ليس بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ، ورمى التمرات ، وأقبل على جنود إبليس عباد الأصنام يقاتلهم ، حتى استشهد، ولكنه كان وهو يقاتل يقول مرتجزا : ركضا إلى الله بغير زاد ،،، إلا التقى وعمل المعاد ،،، وكل زاد عرضة النفاد ،،، غير التقى والبر والرشاد ... قال:  ركضاً إلى الله ، أما يجلي هذا ما قاله الله- تعالى- ؟! أما قال لنا "فاستبقوا الخيرات" وها هو ذا عمير يلبي الأمر!!

المنافقون- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هم الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، لا ينفقون إلا إذا طلعت أرواحهم مع دراهمهم التي ينفقونها، المنافقون نعى عليهم كتاب الله عز وجل ، بل نعى على الأمة بعامة إن تقاعست "وما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثقالتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل"، هذه حقائق- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لا ينبغي أن تستحضر فحسب ، بل ينبغي أن نذوب فيها ، وتذوب فينا ، ينبغي أن تسري في عروقنا في دمائنا في خلايانا في خيالاتنا في عقولنا في نفوسنا ، لأنها الحقيقة الواضحة الأبية العالية العزيزة التي قررها شرع الله المعصوم.

ينتقل إبليس إلى معركة ثانية بعد أن يلقي السلاح في المعركة الأولى حيث قررنا الثبات على الإيمان ، بل نجد بذل النفس والنفيس في سبيل الإيمان أروع فوز، ما شهدت البشرية تربية مثل تربية الإيمان للمؤمنين ، حرام بن ملحان !! كان في بئر معونة ، وكان الغدر من المشركين فيه فإذا برجل من المشركين يسمى جبار، جاء إلى حرام من الخلف وطعنه ، فأنفذ رمحه فيه ، طرف الرمح- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ظهر من بين الضلوع !! فإذا بحرام يأخذ الدم المتفجر، الدم المنور، دم التوحيد، دم البذل في سبيل الله تبارك وتعالى ،  ويمسح به وجهه وهو يقول بملء فيه :" فزت ورب الكعبة " عجيب أمره !! وليس بعجيب ، عجيب أمره بالنسبة للمتقاعسين الذين يخافون ، يريد أحدهم أن لا يموت ، بل سيموت جيفة ، إن لم يفقه عن الله جل جلاله.

ومن هنا ننتقل في معركتنا مع الشيطان وجنوده  إلى معترك " البدع " البدعة خطيرة!! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، حيث انتصرنا على إبليس في ساح الإيمان ارتضى منا أن ننتقل إلى ما يتعلق بالابتداع ، والابتداع خطير! بل إذا ما قارنا بين الكبائر وبين الابتداع لوجدنا أن مرتكب الكبيرة أقل سوءاُ من المبتدع ، ذلك أن الذي يرتكب الكبيرة يقبل الرجوع إلى رحاب الله عز وجل بالتوبة ، أما الذي يبتدع في العقائد- مثلا-  أو الذي يبتدع في العبادات والسلوكيات ، هذا يظن أنه يتقرب ببدعته إلى الله ، فهو يعطل كتاب الله بما ابتدع ، ويعطل سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ويرى نفسه طائعا لله !!فمتى يتوب من أمر يراه صوابا ؟! والمبتدع يوالي من عادى الله ، ويعادي من والى الله ، المبتدع يكذب الصادق ، ويصدق الكاذب ، المبتدع يحقر ما عظم الله ، ويعظم ما حقر الله ، ذلك أنه يريد أن ينشىء ديناً إلى جانب ما جاء به عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وكلما أنشأ " بدعة " هدم مقابلها " سنة "

وإذا ما انتصر ابليس في ميدان البدعة بردت ناره ، ورضي عن أولئك الذين قد ابتدعوا أيما رضا ، فهو يضحك ملء فيه عليهم كما يضحك ملء فيه على أولئك الذين خسروا المعركة معركة الإيمان فكفروا بالله جل جلاله ، لكنا انتصرنا حيث التزمنا كتاب الله وسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وهنا إذا كان الحديث عن الالتزام ، فهو حديث واضح ، ولكن الحديث عن المسارعة في الالتزام " فاستبقوا الخيرات " ولا يمكن أن نستبق الخيرات يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إلا إذا لاحت لنا حقائق الآخرة ، فرأيناها بعين البصائر المكحلة بإثمد اليقين ! أوإذا اتضحت لنا حقائق الآخرة ، فملأت جوانحنا .

كان من جملة ما ربى عليه الصلاة والسلام الصحابة أنه كان يحدثهم عن الجنة والنار فكأنهم رأي عين ، أسمعتم أن سوط أحدنا من الجنة يعدل الدنيا وما فيها ؟! أسمعتم أن موضع شبر من الجنة يعدل الدنيا وما فيها ؟! أسمعت أن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها ؟! أسمعت أن نصيف المرأة من أهل الجنة يعدل الدنيا وما فيها ؟! وما هذه الدنيا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هي لذائذ واهية ماضية حتى في حضورها ! وهي شهوات عارضة يخرج الإنسان منها إما مذموماً وإما ممدوحاً.

إذا خرج ممدوحاً معنى ذلك أنه قد فهم عن الله عز وجل قوله: "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد" لو أن امرأة من أهل الجنة أطلت على الدنيا لأضاءت ما بينهما ، ولملأ ما بينهما ريحها ، أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وما هذه الدنيا التي نعيش فبها إذا ما أردنا أن نقارنها بالآخرة. هذا لا يعني يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن تترك الدنيا ، ما أحد طلب منك أن تتركها ، ولكن المطلوب أن تترك الحرام منها ، وأن تترك الشبه منها ، وأن تترك كل ما يبعد عن الله عز وجل منها ، المطلوب أن تبنيها وفق منهج الله الذي رضيه لنا ، مسارعاً إلى الله جل جلاله تبتغي رضوان الله تبارك وتعالى ، ومنهجك كتاب الله وسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ومن هنا ينتقل العدو من معترك الابتداع حيث أبينا عليه أن نبتدع  والتزمنا بنور كتاب الله ونور سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ينتقل إلى مرحلة الوسوسة بالكبائر، يغري بها وربما سول لبعض النفوس فقال لهم : إنه لا يضر مع الإيمان شيء !!! وأن الله غفور رحيم وأي شيء في أن يزني ما دام قد آمن ؟! وأي شيء في أن يرابي ؟؟ وأي شيء في أن يكذب ؟ أي شيء في أن يغتاب ؟ أي شيء في أن ينم ؟ أي شيء في أن يغمض عينيه عن أحوال هذه الأمة حيث لا يحمل ولا ذرة من همها ؟ لا شيء عليه على الإطلاق في ظنه ،ويسعى ليوظف النص  يخفف الأمربه عنه ، فيقول : أما سمعت قول الله عز وجل "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً"

أجل ،لا يزال يغريه حتى يوقعه في شر الكبائر، ثم يجعله يسوف في التوبة والرجوع ، سأتوب غداً أو بعد غد إلى أن تأتي سكرات الموت ، وبدلاً من أن تأتي سكرات الموت كما تأتي الصالحين الإمام الغزالي رحمه الله  يقول عنه أخوه أبو أحمد: من الليل قام أخي  فاغتسل ، ثم أوتي بالكفن ، وكان قد أعده ، فقبًله ووضعه على عينيه وقال " سمعا وطاعة للدخول على الملك " ثم اضجع مستقبلا القبلة وأغمض عينيه ورحل إلى الله جل جلاله ، كان ذلك صبيحة الاثنين يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! ولم نذكر الغزالي ولا نذكر السيدة فاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها ؟؟ تقول أم سلمى وكانت تمرضها إن فاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها طلبت أن تغتسل فاغتسلت أحسن الاغتسال ، ثم طلبت ثياباً جديدة لبستها ، ثم قالت لأم سلمى ضعي فراشي وسط الغرفة ، فعجبت من طلبها ن لكنها وضعت فراشها وسط الغرفة ، فاستلقت الزهراء عليه مستقبلة القبلة ، ووضعت كفها رضي الله تبارك وتعالى عنها تحت خدها ، ثم قالت : يا أم سلمى ! يا أم سلمى! إني راحلة الآن ، أنا محتضرة ، ثم أسلمت روحها لله جل جلاله.

ما أروعه من فراق يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يفارق به أولئك الحياة الدنيا التي فيها الابتلاء ، خرجوا منها وقد نجحوا وأفلحوا وفازوا ، لم يرتكبوا الكبائر، وإن زلت قدم أحدهم مرة في كبيرة من الكبائر سارع إلى العودة إلى رحاب الله عز وجل ، حيث تعصي الشيطان في الكبائر فلا تستجيب له حيث دعاك إليها ، معنى ذلك أنه قد ألقى السلاح !!! لا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- وإنما ينتقل إلى الصغائر، ولا يزال يغري بالصغائر، وربما خدعنا فقال: إن الصغائر إنما تكفر بالوضوء ، وتكفر الصغائر بالخطوات إلى بيوت الله عز وجل ، بل إن الله عز وجل قال " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " يقول الله عز وجل " إلا اللمم " واللمم أي: الصغائر، ولا يزال يكيل لهم من الصغائر حتى يستمرئها الراتع فيها ، وقد جهل أو غفل عن أنه لا كبيرة مع التوبة ، ولا صغيرة مع الإصرار، ذلك أن الإصرار على الصغائر إنما يحولها إلى كبائر، وقد حذرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام فقال : " إياكم ومحقرات الأعمال " ثم ضرب لنا مثلاً عليه الصلاة والسلام " أن قوماً كانوا بفلاة فاحتاجوا إلى النار فأخذوا يجمعون الحطب فجاء كل منهم بعود حتى اجتمع لهم حطب فأوقدوا ثم أنضجوا خبزتهم " حيث تجتمع الصغائر تشكل حريقاً يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

هل يلقي السلاح إذا ما حذرنا من الصغائر لا يلقيه يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وإنما بحسب ما أقسم عليه " لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " إذا به ينتقل إلى المباح ، وهل هناك معركة مع الشيطان في المباح ؟! يكفي أن يقال : لا يزال يوسع لنا دائرة المباحات ، والمباح لا ثواب ولا عقاب ، لا ثواب  لفاعله ، ولا عقاب عليه ، ولكنه إذا اتسعت دائرة المباحات لا بد من أن تمتد حتى تأكل الآداب ثم السنن ثم تزحف إلى الواجبات ثم تسقط الفرائض هو مباح ،لكنه حيث نتوسع فيه نغفل عن أننا نتاجر مع الله جل جلاله ! نغفل عن سلعة الله ، وهي سلعة الله الغالية " الجنة " يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام والجنة إنما تحتاج منا إلى أن نوجه هممنا عالية إلى المعالي ، ونحن نرجو ثواب الله عز وجل ونحمد الله تبارك وتعالى.

ثم  العدولا يلقي إلسلاح ، إذ ينتقل من المباح إلى الأعمال المفضولة ، وكثيراً يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ما يسأل السائلون ، يقولون: هل يجوز كذا؟ يقال : يجوز، ولكن الأولى أن لا تفعله ، فيقول : ما دام أن الأولى أن لا أفعل ، فسأفعل إن شاء الله عز وجل ، فتجده يربي نفسه على الأخذ بالمرجوح من الأقوال ، أو بالمفضول من الأعمال ، مع أن أصحاب الهمم إنما يتطلعون  إلى رضوان الله تبارك وتعالى ، هؤلاء إنما حثهم كتاب الله عز وجل على الاستباق في مضمار الخيرات.

مدح الله عز وجل الصحابة رضي الله عنهم فقال : "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً" أما سمعت الوصف  "والسابقون " هم الذين سبقوا ، أبو بكر ممن سبق إلى الإيمان ، وعمر ممن سبق إلى الإيمان ، وهؤلاء رضي الله تبارك وتعالى عنهم ، قد سبقوا إلى رحاب الهجرة ، إلى كهف المدينة المنورة حيث أضاءت شريعة الله عز وجل على الخافقين "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان " الذين اتبعوهم أنتم أمة محمد عليه الصلاة والسلام واتباعهم يعني أنك قد تتلمذت في مدرستهم ، تلك المدرسة التي كانت تطلب دائماً الأفضل والأقرب والأحب إلى الله تبارك وتعالى.

أما سمعت بأقسام الناس يوم القيامة ، تلك التي اخبرنا الله- عز وجل- عنها بقوله "إذا وقعت الواقعة* ليس لوقعتها كاذبة" ثم قال "فأصحاب الميمنة * ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة * ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون * أولئك المقربون" قربهم الله تبارك وتعالى ، لأنهم سبقوا إلى رضوان الله ، إلى طاعة الله ، إلى حيث محاب الله جل جلاله.

وأخيراً لا يلقي الشيطان سلاحه ما دامت روحك بين جنبيك ، فإن الشيطان يعالن بالعداء دون حياء !! ومن هنا قال لنا الله عز وجل "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" الغفلة عن العدو سقوط في مكائده وشبكاته ، والعدو- هنا- ليس يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام صورة لا تحس ، ولا تلمس ، ولا تشم ، صحيح أن الشيطان كائن خفي عنا ن ولكن هناك صور، أو هناك أذناب له ، أو هناك جنود لهذا الشيطان ، هم اللذين يسعون  فساداً في الأرض ، يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

المرحلة الأخيرة التي تبقى بيننا وبين الشيطان هي مرحلة " المراغمة " ما دمتم مسلمين تعلنون لا إله إلا الله ومحمد رسول الله ، وتقام الصلوات في المساجد ، ويدخل الناس في شهر رمضان ويحجون البيت العتيق ن ما دامت هناك زكوات تخرج ، وما دام هناك نداءات بعد نداءات تدعو هذه الأمة أن تتيقظ ، وأن تستشعر مكانتها من الله عز وجل ، وأن تعمل بمقتضى إيمانها ، بمقتضى نسبتها إلى الله جل جلاله ، فإن أعداء الله عز وجل في غيظ قاتل  ، لأننا حالتئذ في مقام " المراغمة ط ما دام لك وجود ، فوجودك إنما يراغم أعداء الله تبارك وتعالى ، ويكفى هنا أن أذكر ما قاله العلماء رحمهم الله تبارك وتعالى قالوا : إذا صليت فسهوت ، ووجب عليك أن تسجد للسهو، وسجدت للسهو هاتين السجدتين ، وتسميان " المرغَمتين " والمرغِمتان إذا كانت صلاتك صحيحة ، لأنك سهوت وما تدري كم صليت معنى ذلك أن السجدتين إنما ترغمان أنف الشيطان ، وإلا فهما جابرتان لصلاتك التي صليت.

قال العلماء لا ينجو حتى الأنبياء من مقام المراغمة بل إن مقام المراغمة يعني بصورة دقيقة أن يعلن أعداء الله عز وجل عداءهم لمن وقف في مقام المراغمة ، يعلنون عداءهم له وينعتونه بشتى النعوت ، بل ربما جيشوا له الجيوش ، وربما أنفقوا الأموال من أجل إخماد صوته وإطفاء نور دعوته إلى الله جل جلاله ، وعلى هذا فمقام المراغمة هو المقام الذي من وقف فيه وثبته الله عز وجل فإن له نصيباً رائعاً من مقام الصديقية.

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه فإنه قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، للشهيد عند الله عز وجل ست خصال ، حينما نعرضها وقد عرضها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لنبين أنه ما عرضها ترفا ، لأن هذه الشريعة لها أعداؤها وتحتاج إلى حمايتها من أعدائها ، وقضية الشهادة يعني أن الأجل قد انتهى ، ولكنه على بوابة الخروج، الخروج من هذه الدنيا التي لا بد لنا من أن نقف على بوابة من بواباتها للخروج، هذه البوابة كتب عليها الشهداء في سبيل الله.

أول هذه الخصال أنه يغفر له بأول دفقة دم ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والثانية أنه يلبس تاج الوقار فيه ياقوتة خير من الدنيا وما فيها، والثالثة أنه يشفع في اثنين وسبعين من أقاربه، وأما الرابعة فإنه يزوج باثنتين وسبعين من الحور العين، وأما الخامسة فإنه يأمن من عذاب القبر، إذ كفى ببارقة السيوف شهادة له ، هذا الذي قد رحل عن هذه الدنيا بهذه المثابة، وأما السادسة يا أمة محمد- عليه الصلاة والسلام- فهي أن فله الأمن يوم الفزع الأكبر.

هذا الشهيد فهم عن الله جل جلاله وقدم أنفس ما لديه ، وهي نفسه رخيصة ، في رضى الله جل جلاله. ومن هنا يكون الشهيد قد نجح بينما إبليس يسعى في الأرض إفساداً وإتلافاً وصداُ عن سبيل الله وإطفاءاً لأنوار شريعة الله ، وقطعاً للأمة عن شريعة الله تبارك وتعالى ، وإلهاءاً لهذه الأمة بلذائذ هذه الدنيا الفانية الحرام ، بينما الشيطان يفعل ذلك ، وقف الشهيد شامخاً شموخ الجبال الراسيات ، فإذا به يقدم على الله جل جلاله ، نقول : لم قص الله عز وجل علينا قصة آدم عليه الصلاة والسلام مع إبليس؟ لنعرف أن لنا عدوا ،  لا يفتر عنا ، فلا تفتر عنه، لم؟ ليبين الله تبارك وتعالى لنا وأنت تتتبع الآيات أن آدم رجع إلى الله، ونحن إذا ما زلت بنا القدم في يوم من الأيام نرجع إلى الله، لم يا ترى؟ حتى نلقى الله تبارك وتعالى ولا نكون من أولئك الذين قال الله جل جلاله "وبرزوا لله جميعاً فقال الضعفاء للذين استكبروا، إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء، قالوا لو هدانا الله لهديناكم، سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص".

وقال الشيطان لما قضي الأمر "إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم"

ولنكون من اولئك الذين قال الله فيهم بعد ذلك "وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم، تحيتهم فيها سلام" يومئذ تكون الحرب بيننا وبين الشيطان قد انتهت ، وقد ارتفعت رايات التوحيد ورايات الاسلام ورايات الحق ورايات العدل وقد نكست كل الرايات التي رفعها إبليس.

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، اجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم يا ربنا إنا نجعلك في نحور أعدائنا، اللهم يا ربنا اكفنا هم العدى ولقهم الردى، واجعلهم لكل حبيب فدى احفظنا اللهم من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، تقبل منا ماكان صالحاً وأصلح منا ماكان فاسدا وأصلح فساد قلوبنا بما أصلحت به عبادك الصالحين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.