349 - في دائرة الحوار وفق الشريعة
خطبة الجمعة    349 - في دائرة الحوار وفق الشريعة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن، ربنا ولك الحمد حتى ترضى ربنا ولك الحمد إذا رضيت، ربنا ولك الحمد بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

فإن الشاعر يقول "فالحزن أن تضع العقاب إذا فشى سر المظالم موضع الغفران"، "فالحزن أن تضع العقاب إذا فشى سر المظالم موضع الغفراني" ويقول من قبله شاعر آخر "ووضع الندى في موضع السيف بالعلى مضر.... كوضع السيف في موضع الندى" حالتان حالة تقتضي اللين والرفق والهدواة والتأني ن وأخرى تقتضي الشدة.

إذا ما أغار عدو الإسلام على المسلمين بخيله ورجله ، فإنه لا  يدفع بالكلام اللين والرفق والهدوء ، إذا ما أغار أعداء الله عز وجل على عقائد الأمة وشريعتها وقيمها وسلوكها ومنهج حياتها ، في هذه الحالة الرد لا يكون بالحديد والنار، وإنما يكون بمصادمة الأفكار للأفكار.

الحديث- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- في فلك قيمة حضارية جاءنا بها كتاب الله عز وجل ، وتمثلها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أروع وأرفع تمثيل، قيمة حضارية تبرز أخص ما في ملامح الشخصية الإسلامية من وعي وفهم وإدراك وإحاطة وقدرة على الحوار! هذه القيمة وردت ، ولها آداب ومواضعات ومنطلقات ، ولها آفات، والجدير بالمسلم حينما يقيم هذه السلوكية الربانية- وهي سلوكية الحوار- الجدير به أن يدري ما الذي يحاور به؟ ومتى يحاور؟ ومن يحاور؟ وكيف يحاور؟ وما الأهداف التي يسعى إليها في حواره؟ قد تتعطل لغة الحوار، ومن العبث- ههنا- أن يلح المسلم على التمسك بالحوار على أنه من سيرة المسلمين، لكن ما دام هناك فسحة ومجال ، ما دام هناك إذن من شريعة الله- تبارك وتعالى- ما دام الأمر يتعلق بقمع الباطل، وفضح البدع، ورفع قيمة الحق والدفاع عنه، ما دامت المسألة تتعلق بإحقاق الحق وإبطال الباطل ودفع الشبه وفضح الخصم ، فالمسلم إنما تراه في تلك الدوائر.

لو استعرضنا- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- مجموعة من المواقف ، ولو تعرفنا إلى بعض آيات القرآن الكريم التي تدور في هذا الفلك ، لوجدنا أنفسنا أمام تيارين ، كلاهما عليه أكثر مما له ، تيار: إنما يرفع لغة الحوار تحت عناوين تحتاج إلى وعي وإدراك وانتباه وذكاء وفطنة ، عناوين ملغومة ، أو ملغمة ، من مثل التقارب بين الأديان، من مثل حوار الحضارات ، دون أن ندري ما أبعاد هذا الحوار، من مثل التعافي السلمي، من مثل إقصاء ما يمكن أن يؤدي إلى الاشتباكات، ترفع مثل هذه العناوين في دوائر مغلقة ، وربما نشطتها وسائل الإعلام ، مع أن الميادين العملية هي ضرب وهدم وتقتيل وإغارات ومطاردات واضطهاد، وفريق إنما مس لسانه البكم ، فإذا به ينهى عن كل ما يمت إلى الحوار بصلة حتى في بيته ، قد حرم حتى بيته الحوار، مع أن الأصل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن يكون من جملة الأساليب التربوية في البيوت ، إذ تقوم التربية في كثير من ميادينها ومواقفها وحالاتها واشتبكاتها وشذوذها على الحوار.

ذلك أن الحوار فيه تفتيق للأذهان، فيه إثارة للمعاني الخيرة، فيه تنبيه وإرشاد، فيه إيقاظ، فيه لطاقات النفس ،وفيه أخذ بيد المحاور، إن كان المحاور من أؤلئك الذين قد تمكنوا من هذا الأسلوب الحواري ، فيه أخذ بيده إلى المراقي ليأخذ هو بالتالي من أخذ بيده محاوراً إلى المراقي ، ذلك أن الحوار كثيراً ، إذا ما أقيم وفق آدابه ووفق منطلقاته ووفق شروطه ، كثيراً ما يثمر الخير الكثير، أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

من العبث أن نقيم حواراً في قضية لا ينفع فيها الحوار، صلاح الدين ما استرجع بيت المقدس بالحوار، بنو قريظة الذين توجه وفد منهم إلى مكة المكرمة فإذا بهم يعرضون على أهل مكة- وكانوا يعبدون الأوثان- نصرتهم وتأييدهم على أن يغيروا على المدينة المنورة من أجل استئصال الإسلام ، وقد شهد وفدهم- وهم من الأحبار من علماء يهود، يهود بني قريظة- شهدوا بأن الوثنية خير مما جاء به محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وبينوا أنه من طاعة الله عز وجل أن يستأ صل هذا الدين !!!! أي: الإسلام الذي جاء به الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام.

وأن هذا الدين الذي جاء به- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يخشى منه أيما خشية ، وعلى أهل مكة أن يجندوا جنودهم ، وأن يغيروا إلى المدينة المنورة ن وقد وعد الأحبار أهل مكة بأن يكونوا معهم ، ثم انطلق الوفد اليهودي المحرض إلى غطفان ، واستعدوا القبائل التي أغريت بالمال ، فإذا بعشرة الآف مقاتل ، جاؤوا في غزوة الأحزاب ليحدقوا بالمدينة المنورة ، كادوا أن يطيحوا بدعوة الله عز وجل في عقر دارها ، ولكن هيهات هيهات !! لأن نور الله تبارك وتعالى إنما أطلعه الله عز وجل من غار حراء ليبقى إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها ، فأنى لنافخ بفيه أن يطفيء الشمس ، ونور الله أثبت!!

هيهات إن دين الله تبارك وتعالى جاء بالإسلام من أجل أن يطيح بالجاهلية ، وهي بؤر شر وفساد، إن دين الله عز وجل قد جاء بالتوحيد ليقصم ظهر الشرك، والشرك إنما هو بؤر فساد وشر، إن دين الله عز وجل جاء بالعدل من أجل أن يقيم العدل فوق هذه الأرض، جاء بالرشاد من أجل أن تنتفي الغواية من فوق هذه الأرض، دين الله عز وجل هو الحق، ومن هنا لما جاء الرسول إلى مكة فاتحا تلا قول ربنا جل جلاله "قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" هم قالوا عن الحق الذي جاء به دين الله تبارك وتعالى إنه باطل ، وقالوا عن التوحيد الذي جاء به دين الله تبارك وتعالى إنه لا يناسب البشرية ، بل قالوا : إن الوثنية خير من التوحيد.

أهؤلاء يحاورون يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ؟؟؟!!! إذا أردنا أن نتعرف إلى الوقائع علينا أن نكون مع التعرف منصفين ، ندري دلالات الحوادث ، نحسن قراءة التاريخ والوقائع من أجل ألا نخدع ، ومن أجل أن نكون على بينة من أمرنا ، نتبين متى نضع الندى ، ومتى نضع السيف، متى يكون العقاب ، ومتى يكون العفو.

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! جاء ضمام بن ثعلبة وفداً عن قبيلته سعد ابن بكر إلى مكة المكرمة ، دخل المسجد سأل عن ابن عبد المطلب، أين ابن عبد المطلب؟ فقال له عليه الصلاة والسلام أنا، قال أمحمد أنت ؟، قال نعم، قال يا ابن عبد المطلب إني سألك فمغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن عليً في نفسك، قال عليه الصلاة والسلام : لا أجد في نفسي ، فاسأل ما أحببت، قال أسائلك* الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك ، آلله بعثك إلينا رسولا ؟ قال نعم، قال إني أسائلك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك أالله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا ، ونخلع ما كان يعبد أباؤنا من هذه الأنداد ؟ قال نعم، قال فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

نفس غير ملتوية نفس ، ما زالت على الفطرة التي تستجيب إذا بدا لها الحق ، وإن كانت على الشرك ، نفس درت صدق القائل ، نعم أخذت الأمر على أن صدقه هو الأصل ، وليس الكذب ، فلما أدرك بعدما سأل واستحلف الرسول عليه الصلاة والسلام بالله جل جلاله ما كان منه إلا أن قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ثم مضى إلى قومه، فقال عليه الصلاة والسلام إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة ، أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، ذلك أن ضماماً رضي الله تبارك وتعالى عنه كان له عقيصتان.

إذا ما انتقلنا وإن كانت النقلة ربما وجدناها بعيدة إلى سورة الكهف، وقبل الانتقال إلى سورة الكهف، ننطلق إلى ذلك المجلس : بهو طويل عريض ، يجلس صاحب المجلس في صدره على عرشه ، ووقف قبالته من أرسل إليه رسولا موسى- عليه الصلاة والسلام- حيث بعثه الله- تعالى-  إلى فرعون ، فالمشهد إنما هو في مجلس فرعون بدأ موسى- عليه الصلاة والسلام- يحاور فرعون ، ودعاه إلى الله جل جلاله ،و أخذ يبين له الآيات الدالة على صدقه في دعوته.

 وههنا ، ينبغي أن نتعرف إلى نقطتين هامتين تتعلقان بشخصية فرعون ،حتى نتمكن من فهم موقفه من الحوار ، الأولى أنه هو القائل " ما أريكم إلا ما أرى " أخذ الأعين كلها من أجل أن تنظر بعينه ، ومن هنا أخذ الأسماع كلها من أجل أن تسمع بلسانه" ما أريكم إلا ما أرى "وفي هذا إلغاء للآخرين إلغاءُ كاملاً، هذا هو عين التجبر، ولعل هذا التجبر لا يعتبر شيئاً أمام ما قال ، حيث قال " إنا ربكم الأعلى" ومع ذلك حاوره موسى كليم الله !! أجل حاوره ، وإن كنا نحن في القرن الحادي والعشرين علينا أن نقرأ المشهد كله حيث انتهى بإغراق الله عز وجل فرعون حيث لم تجد تلك المحاورة!!أجل لم تنفع المحاورة في ذلك المجلس ، لأن عرشه الذي كان يجلس عليه تحته ، وهوملتصق به حتى كاد أن يكون الجزء الأكبر منه ، وما كان يرى في دعوة موسى- عليه السلام- إلا أنه مريد لهذا العرش !!! هذا ، وقد علم الله عز وجل أزلاً إلى ما ينتهي أمر فرعون، ورجوعا إلى مجلس الحوار نجد مجموعة من الحقائق ن منها :

 أن الأفكار النيرة والحقائق المعروضة على مسمع فرعون في مجلسه ، لا تقلقله عن كرسيه ذرة واحدة،إذ هو- كما قلنا- ملتصق به أيما التصاق، ومن هنا جاءته أمواج متلاطمة لأنه ما فهم عن الله- جل جلاله- بالكلام النير، و "قال فرعون وما رب العالمين "؟ كأنه  أراد أن يفهم ، أراد أن يتعرف ، وهذا طيب في المحاور، إذا جاءك المحاور يحاورك وهو يبتغي الحق ، عليك أن تحاوره، إذا أراد أن يسترشد فعليك أن تحاوره، إذا أراد أن يتبين وجه مسألة من المسائل قد غلظت عليه ، وأشكلت ، عليك أن تحاوره، إذا كان في تيه وهو غافل عن شأنه ، فعليك أن تحاوره، هؤلاء كلهم مظنة الحوار معهم أن يثمر الحوار، إيقاظاً للنائم ، وتنبيهاً للغافل ، ورداً للضال إلى الطريق المستقيم.

فرعون ! قال فرعون "  وما رب العالمين " أسمعتم السؤال " وما رب العالمين " وإن كان هناك نص في آية قرآنية أخرى "ومن رب" من رب العالمين ، ولكن نحن أمام المشهد الذي فيه  "وما رب العالمين " ما الفرق يا ترى ؟ حينما قال " وما رب العالمين " كأنما يسأل عن ماهية الله جل جلاله !! يريد أن يتعرف إلى حقيقة ذات الله ، إلى حقيقة صفات الله، وهيهات والله !! ما عرف الله إلا الله، أعوذ برضاك من سخطك وبمعافتك من عوقبتك وبك منك، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ،هذه مناجاة سيد الخلق وهو ساجد ، قد ذاب حضوراً ، من يحيط بالله عز وجل علماً، هو يريد حقيقة ذات الله تبارك وتعالى ، وهيهات لجبريل أن يعرف حقيقة ذات الله عز وجل !! .

سبوح قدوس رب المكلائكة والروح ،" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"هو المتصف بكل صفات الكمال ، المنزه عن كل صفات النقصان ، هو الأول بلا بداية ، وهو الآخر بلا نهاية ، وهو الظاهر ليس فوقه شيء ، وهو الباطن ليس دونه شيء ، فرد صمد "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد"،  "قال فرعون وما رب العالمين " موسى عليه الصلاة والسلام اختاره الله عز وجل لفرعون رسولا ، و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " ومما يمتاز به الرسل- عليهم الصلاة والسلام- صفات واجبة في حقهم : الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة، ومن هنا لفت فرعون ومن كان في مجلسه إلى ما ينبغي أن يسألوا عنه ، ينبغي أن يسألوا عن مظاهر قدرة الله ، وعن مظاهر عظمة الله ، وعن مظاهر مظاهر أنوار أسماء الله تبارك وتعالى ، إن الله عز وجل أبدع هذا الخلق من أجل أن يعرفنا به إليه ، فمن ثنايا هذا الخلق نتعرف إلى الله جل جلاله ، ولذلك كان جواب موسى عليه الصلاة والسلام "رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين".

 السؤال في ناحية والجواب في ناحية!! السؤال عن ذات الله عز وجل ، والجواب عن الأدلة على عظمة الله تبارك وتعالى ، وفرعون بخبث " قال لمن حوله ألا تستمعون " كأني أسأله في جانب وهو يجيب من جانب آخر، فإذا بموسى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يكمل دون أن يلتفت إلى تلك المقاطعة ، " وقال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آباءكم الأولين " فإذا بالتعليق الفاجر الذي علق به فرعون على استمرار موسى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بعرض مظاهر قدرة الله عز وجل " قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون* قال رب المشرق والمغرب وما بينهما " أجل "رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون" الجواب اليوم إنما كان في ساحة عرض فيها فرعون في المجلس ، وفيها موسى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقف شامخاً بما كلفه الله عز وجل من رسالة ، ومن تبليغ ، ولما وضعه أمام أمره الواقع الذي كان عليه أن يتدبره ، وهو النظر إلى الأدلة الدالة على الله الموصلة إلى الله جل جلاله.

أمرك بالنظر في هذه الأكوان من أجل أن تتعرف إلى مكونها ، أمرك بالنظر إلى ما أبدع الله عز وجل لتتعرف بما أبدع إلى أنه بديع السموات والأرض ، لكن فرعون إنما حرك عضلات يديه!!حيث ألجمت الحجة لسانه ، وشلت ذهنه ، فتعطلت لغة العقل !!وهذا شان الطغاة الذين لا يستجيبون للحجة مهما كانت ساطعة !! هنا ، الحديث- هنا-  إنما في التفكير والحوارلكنه حوله إلى سجونه ، ودهاليز جنوده !" قال لئن اتخذت إلهاً غيري لتكونن من المسجونين"هنا نغلق الملف يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

من أجل أن نقرأ ما جاء في سورة الكهف ، ونحن حينما نعرض ذلك إنما نعرضه بعدما ألممنا بأن فرعون في هذا المجلس ، وإن كان موسى عليه الصلاة والسلام قد أقام عليه الحجة ، لكنه لم يكن من أؤلئك الذين يستجيبون للحجج، كان متكبراً آثماً ، كان فاجراً ، يستضعف القوم ، يقتل  منهم من شاء ، ويعذب من شاء ، ويسلب ما شاء،" ألا لعنة الله على الظالمين "

 نجد أنفسنا في رحاب سورة الكهف أمام اثنين ، هما أخوان في كثير من التفاسير، ورثا عن أبيهما مالاً ، فاشترى أحدهما بساتين ودوراً وثروة، والآخر قال : إلهي إن أخي اشترى أرضاً ليبنيها ، وأنا أشتري منك أرضاً في الجنة ، فبذل في سبيل الله ما ورثه عن أبيه، أخذ الثاني يتقرب إلى الله عز وجل بالمال فصار فقيراً ،ً أما الأول فاكتنز من الأموال وثمرها حتى صار ما صار إليه ،وقد قص الله عز وجل علينا الخبر، الخبر هو اعتزاز من كفر بالله عز وجل بما أتاه الله عز وجل من ثروات في هذه الدنيا ، قوة مالية اقتصادية ، بها يترفع على الخلق، والثاني إنما قد فرغت يداه  ،لأنه قدم ما ورثه عن أبيه ، أو ما كسبه ، قدمه بين يديه ، ليجده غداً عند الله جل جلاله، فما الذي طرأمن حوار يا ترى بين الاثنين "واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا تلك الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه ابدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجد خيرا منها منقلبا" كلمات قرآنية لكنها من أوضح الواضحات كشفت عن دخيلة هذا الرجل الذي فيه زهو بما بيده.

"أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً" كأنما يحكي لنا الأمة التي كثرت ثروتها فإذا بها تترفع على بقية الأمم، ويا ليتها ترفعت بالتقوى، يا ليتها ترفعت بصلاح، يا ليتها نضحت حيث أعطاها الله عز وجل مما أعطاها من أموالعلى المحتاجين ، يا ليتها ترفعت بأن شكرت الله تبارك وتعالى على نعم الله جل جلاله، بل إنه أظهر الكفر جهاراً علانية بعد التكبر "أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً" ثم دخل جنته وهو ظالم لنفسه بشركه بالله، ظالم لنفسه لغفلته عن الله، ظالم لنفسه لأنه ظن أن لا قيامة ، وأن الساعة قائمة!! لا، إن الساعة ليست بقائمة ، بدليل أنه ظن أن هذا البستان لن يبيد أبداً ، سيبقى بحسبانه أبد الأبدين ودهر الداهرين " وما أظن الساعة قائمة" ثم يسخر من أخيه فيقول " ولئن رددت إلى ربي " يعني لو افترضنا أن هناك آخرة كما تقول وتزعم ، فإني سأجد- هناك-  خيراً مما أنا فيه ، لماذا ؟؟ قال: لأنه انطلق من قاعدة فهمها ، وهي قاعدة ليست موجودة أصلاً، إلا في نفسه .

تقول هذه القاعدة : بما أن الله عز وجل قد أعطاه في هذه الدنيا معنى ذلك أنه يحبه ، وحيث إنه يحبه في هذه الدنيا ، فلا يمكن أن يفهم أنه لا يحبه في الآخرة ، بما أنه أعطاه في الدنيا فقد أكرمه ، وبالتالي سيكرمه- هناك-  في الآخرة "ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا" خاب وخسر!!! لأن قضية الإعطاء في هذه الدنيا إنما تقوم على قاعدة الاختبار، ما درى أن ما أعطي هو استدراج ، ذلك أن العلماء قرروا بناء على كثير من النصوص الشرعية أن الله عز وجل إذا أعطى عبداً نعمة ولج في معصيته ، ما من نعمة يحدثها الله عز وجل له فيحدث في مقابلها معصية لله إلا وكان ذلك استدراجاً إلى أن يصل إلى قعر جهنم ، والعياذ بالله تبارك وتعالى.

ما الموقف الآخر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ؟ قال له صاحبه هو حريص عليه ، هو حريص ألا يتمادى في الغي والطغيان ،" قال له صاحبه وهو يحاوره " هذا هو الحوار المثمر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- في الأساس حيث وجدت ضالاً عليك أن ترشده إلى دائرة الهداية ، وطريق الاستقامة ، قال له صاحبه وهو يحاوره "أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً" ثم أعلن المحاور عن موقفه.

وهذا الشأن ينبغي أن يكون حاضراً في أذهان أؤلئك الذين يمضون تحت ما يسمى حوار الحضارات ، أو التعايش السلمي ، لا يعني على الإطلاق أن ندخل في حوار الحضارات ، أو في حوار التعايش ، على أن نتخلى على ثوابتنا ، أو أن نتخلى عن التوحيد ، أو أن نكون بين بين ، قريبين من التثليث وقريبين من التوحيد بمسافة واحدة !!!نعوذ بالله من الضلال !! ووالله ما يفهم هذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، خاصة إذا علمنا أن قريشاً جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهي تظن أنها على دين ابراهيم عليه الصلاة والسلام ، بناء على هذا الظن الغاشم الآثم الغافل ، عرضوا على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يعبد معهم أصنامهم فترة على أن يعبدوا إلهه فترة ، فنزل قول الله عز وجل سورة "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد" إلى آخر السورة المباركة ، ليبين الله عز وجل فيها أنّا نوحد الله عز وجل ، ولا يمكن أن نتخلى عن توحيد الله عز وجل تحت أي مسمى من المسميات ، بل إن الله عز وجل دلنا في القرآن كيف ندعو أهل الكتاب " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون"

حاور كتاب الله عز وجل أهل الكتاب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ولكن ههنا وجدنا أنفسنا أمام موقف قال فيه الحاور لصاحبه " لكنّا هو الله ربي " لكن أنا هو الله ربي ، يعني أنا أوحد الله تبارك وتعالى ، ثم زف إليه النصيحة "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالاً وولدا فعسى ربي أن يأتيني خيراً من جنتك " أي خيرامن عطاء الله عز وجل لك ، كذلك عسى الله عز وجل أن ينزل على ما تعتز به حسبانا من السماء ، حسبانا على تلك الحديقة التي تعتز بها ، وقد اغتررت بها ، وفعلاً أرتنا الآيات- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- العاقبة التي نالها ذلك الذي قد شك بالبعث ، أي شك  في قدرة الله ، أي : كفر بالله تبارك وتعالى ، قال ربنا يبين ما نزل بحديقة الكافر،  بكلمتين طوى ثروة الرجل !!" وأحيط بثمره " بعدما أحيط بثمره تذكر ما قاله له أخوه ، وندم على أن أشرك بالله عز وجل ، وتبين له أن الأمر كله بيد الله تبارك وتعالى ... نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الحمد لله ثم الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

 عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته فقد قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

 الحوار والجدال والمناظرة كلها من الأمور التي أرساها شرع الله تبارك وتعالى ، ولكن بشروط ، قال العلماء فيما يتعلق بالجدال : إنما نهى الله تبارك وتعالى عنه ، وإذا ما تتبعنا من آيات تناولت الجدال ، وجدنا أنه إذا كان المجادل ليس على علم، وإذا كان المجادل يجادل بالباطل، وإذا كان المجادل إنما يجادل في قضية من القضايا الظاهرة، إذا ما استعرضنا ما كان من أمر الخليل ابراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه  لما دعاه إلى التوحيد ونبذ الأصنام ، كما جاء في سورة مريم عليها السلام وجدناه قد دعاه بعبارات من أروع العبارات " يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني آهدك صراط سويا *" إلى آخر الآيات ، ولكن لما قال لابنه إسماعيل- عليه السلام- " يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى " هنا من العطالة أن نقول إن على إبراهيم أن يحاور ولده في أمر الله عز وجل ، بل إنا وجدنا اسماعيل عليه الصلاة والسلام يستجيب دون أن يقول : يا أبت ينبغي أن نتحاور في هذه المسألة ، وهي من المسائل الخطيرة ، هي الذبح ، يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ،بل قال: " يا أبت افعل ما تؤمر" يفهم من هذا أنه لا حوار في القطعيات.

تعالوا حتى نتحاور في التوحيد، تعالوا حتى نتحاور في الحدود، تعالوا حتى نتحاور في : هل نقيم شرع الله أو لا نقيم شرع الله عز وجل،ونقول- كما يحلو لبعضهم- الذين يريدون أن يطبقوا شرع الله فليرفعوا أيديهم ، والذين لا يريدون أن يطبق شرع الله فليرفعوا أرجلهم ، هذا لا يطرح على الإطلاق !! أما بعد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام هذا لون من ألوان وضع الحوار في غير مواضعه " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون *" يجادلونك بالحق بعدما تبين هنا ذم للجدال ! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إذا اتضح الحق فلا جدال.

" كذبت قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجدالوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب "  " وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق" أجل أمة محمد عليه الصلاة والسلام الجدال بالباطل من أجل دحض الحق هذا مما أنكرته شريعة الله تبارك وتعالى " ومن الناس من يجادل  في الله  بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" والذي يجادل في مسألة من المسائل عليه أن يلم بكل جزئيات ما يجادل فيه ، أما إذا كان الحوار دعوة إلى الله تبارك وتعالى ، ولو تأتى هذا الحوار من قبل أعداء الله تبارك وتعالى ، ولكن على بساط الحديث عن الحقائق ، فنحن على استعداد -أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لذلك ، ومن هنا نجد أنفسنا أمام عتبة أختم بها دون أن أطيل.

تشكل مجلس من قريش ، وتناولوا شأن النبي عليه الصلاة والسلام ، وكثيرون في القرن الحادي والعشرين يرصدون حركة المسلمين ، وامتداد الإسلام ، ويعجبون مع كل هذه الغارت التي يشنها اعداء الله على الإسلام ، وهي أمواج من التضليل والتشكيك ، بل جبال متلاطمات ،مع هذا يبقى المسلمون على كثرة ، ويزدادون صباح مساء !! عجيب أمر هذه الأمة!! أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، لم ؟؟ لأنها صنع الله جل جلاله ، هؤلاء إنما يشكلون- أي أعداء الله عز وجل- يشكلون صخرة انقطعت من جبل ، ثم أخذت طريقها إلى الفضاء ، هناك رأت نفسها تسبح في الفضاء ، فظنت أنها شيء ، فإذا بها تزاحم الشمس ، تريد أن تطفأها ، وتحل محلها !!يا أيها الناس إن الإسلام شمس اطلعها الله على الوجود ، و هيهات أن تطفأ ، أوتباد ، أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

كانت صخرة ملتصقة بالجبل ، وهي في الفضاء ما خرجت عن كونها صخرة ، لكنها خفت حيث انفصلت ، وهذا شأن الكافر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قال عتبة لصحابه وهم يتباحثون أمر الرسول ، ما رأيكم أن أحمل إليه مشروعاً نفاوضه به عسى أن يعطينا شيئاً فنأخذه منه ؟ فقالوا: أنت وذاك ، وعتبة حصيف عاقل من عقلاء قريش ، جاء إلى حضرة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- وكان في ساحة المسجد ، جلس إليه ، قال : يا ابن أخي! قد جئتك من قومك أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها ، قال: تكلم، تكلم يا أبا الوليد! قال: يا ابن أخي ، ودخوله في " يا ابن أخي " دخول حصيف رائق دقيق لطيف ، وهذا ما ينبغي أن نفهمه نحن، نحن نقر بالحق ، ونحترم الصواب ، ونشيد بالأدب ، نقربالحق ولو ظهر من فم كافر، أو من سلوكه ، المشروع الصحيح اللطيف مشروع مقبول- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بصرف النظر عن طارحه ، قال: يا ابن أخي! إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة ، والمنزلة في القوم ، والمكانة من النسب ، وإنك قد جئت قومك بأمر فرقت به أمرهم ، وسفهت أحلامهم ، وعبت به ألهتهم .... لاحظ كيف يفهم عتبة الذي يمثل الوثنية ، بل تمثله الوثنية المعاصرة ، كيف فهم دين الله عز وجل ، جئت بأمر فرقت به جماعتهم ، وجئت بأمر سفهت به احلامهم !! أي أحلام هذه؟؟ الأحلام التي تسجد للحجارة ، أهذه تكرم ،وتابع فقال : وإني أعرض عليك أموراً ، إن كنت قد جئت بما جئت به تريد مالاً- ثروة اقتصادية- أعطيناك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت قد جئت بما جئت به تطلب الشرف سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت قد جئت بما جئت به تريد ملكاً- لاحظ ضربات الوثنية على أي الأوتار تضرب ،إن الوثنية تعشق ما يعرضه عتبة ، وقد ظن أن ما تعشقه الوثنية يعشقه الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام ، الدنيا كلها في نظر الحق لا تساوي جناح بعوضة ،وتابع في عرضه : وإن كنت قد جئت بما جئت به تريد ملكاً ملكناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك وإن كنت قد جئت بما جئت به تريد نساء زوجناك أجمل نسائنا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا- أي جنياً- لا تستطيع دفعه ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيك أموالنا ، حتى نبرئك منه ، فإن التابع ربما غلب.

الرسول صلى الله عليه وسلم يستمع ، وهذا من أدب الحوار- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بصرف النظر عن تفاهة المطروح ، وبعدما انتهى عتبة والرسول صلى الله عليه وسلم يستمع بكليته قال : أوقد فرغت يا أبا الوليد! قال: نعم ، قال: يا أبا الوليد! فاسمع " بسم الله الرحمن الرحيم " "حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت أياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون * بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون" وأخذ يتلوعليه آيات من سورة " فصلت " حتى وصل إلى قول الله- عز وجل- "فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود" وعتبة يدري صدق المصطفى- صلى الله عليه وسلم- فإذا به يمد يده إلى فم الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ناشدتك الرحم يا محمد! ثم قام عتبة بعدما انتهى عليه الصلاة والسلام مما تلا عليه من الآيات ، ووصل إلى السجدة فيها ، فسجد ثم قام، ورجع عتبة ، وقال أصحابه : والله لقد رجع عتبة إليكم بغير الوجه الذي ذهب به، وطرح عتبة اقتراحه فقال : يا قوم! خلوا بين هذا الرجل وما يدعو إليه ، فإن أصابته العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن ملك العرب وغلبهم فعزه عزكم ، وقابل الزعماء ما اقترحه عتبة ،بقولهم : سحرك يا أبا الوليد!.   

 أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، اللهم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. اللهم ربنا اجعلنا هادين مهديين لا ضالين ولا مضلين اجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك ، حفنا اللهم والمسلمين بألطافك الخفية واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعد تفرقاً مباركاً محفوظاً لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً هبنا جميعاً لسعة رحمتك يا أرحم الراحمين اللهم ربنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك

اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا ولكافة عبيدك المسلمين واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.