352 - في أفق الصلاة المطلوبة
خطبة الجمعة    352 - في أفق الصلاة المطلوبة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن، ربنا ولك الحمد حتى ترضى، ربنا ولك الحمد إذا رضيت، ربنا ولك الحمد بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ،عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد".

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

فإن الخزانة قد فتحت ، وتدفقت منها الرسائل ، تلك التي كان يخطها الخلفاء الراشدون الذين صاغتهم شريعة الله عز وجل ظاهراً وباطناً ، ورقت بهم إلى آفاق الإنسانية العليا ، كما يحدث تماماً في الأيام القريبة حيث تكون هناك مجموعة من الوثائق يفرج عنها ، كانت حبيسة ، ولما أخرج هذا الحبيس من سجنه إذا بالمضمون غير المضمون ، وإذا بالماهية تختلف عن الماهية ، وإذا بالمسار يضاد المسار.

رسالة قرأناها من خزانة عمر بن عبد العزيز- رضي الله تبارك وتعالى عنه- بعث بها إلى عماله ، لا تحسبن أن مضمون الرسالة كتلك التي تناقلتها الأخبار، وفيها توجيهات تدعو من وجهت إليه : أن يرصد أنفاس الذين يصلون ، يرصد أعدادهم انتماءاتهم المذهبية ، ألوانهم، لباسهم، مواقعهم من المجتمع، كل ذلك من أجل ألا يتأتى من اولئك المصلين ما يبعد الأشرار عن شرهم.

رسالة عمر- هنا- مختلفة تماماً ، جوهراً ، شكلاً ومضموناً، فبم يوصي بها عمر عماله ، يقول: " إن أهم أمركم عندي الصلاة ، فمن حافظ عليها كان لما سواها أحفظ، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع" أجل العمال الذين انقطعت صلتهم بالله تبارك وتعالى تمتلئ جنوبهم بالترهل، وجيوبهم بأموال الناس، أما الذين يهتمون بالصلاة فهؤلاء على بصيرة من ربهم، على استحضارعلى مدار اليوم والليلة،  اؤلئك يعيشون خارج بيوت الله عز وجل- بعد أن أدوا الصلاة- في رحاب أنوار الصلاة، ذلك أنهم كانوا يتقنونها ويقيمونها تحقيقا لماهيتها ،  مع إتمام للضوابط

الهيكلية لتلك العبادة التي هي أرقى العبادات بعد الشهادتين.

وربما وجدنا من يقول : ألا ترى معي بأن هناك من يصلي ويسرق، يصلي ويكذب، يصلي ويرابي، يصلي ويؤذي، يصلي ويزني، يصلي ويشرب الخمر، ربما كان ذلك صحيحاً- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ولكنا- ههنا- لا نتحدث عن هذه الصلاة التي يصليها هؤلاء ، هؤلاء إنما أتوا بشبح الصلاة، وهيهات منهم حقيقة الصلاة، ولو أقاموها كما طلبت لما كان سلوكهم بهذه المثابة !!

هؤلاء لو أنهم أقاموا الصلاة كما يقيمها أولئك الذين امتدحهم الله عز وجل بقوله "الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة" لو أنهم أقاموها على الوجه الذي أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام حيث يقول "لا يزال الله عز وجل مقبلاً بوجهه على العبد وهو في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه ربنا جل جلاله"أجل لا يزال الله عز وجل مقبلاً على عبده بوجهه وهو في الصلاة ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وبدهي أنه إذا أقبل الله- جل جلاله- عليه ، فلا يفهم أن يعرض عن الله بالكذب أو الرشوة أو شرب الخمر أو إيذاء الناس !!!

نتحدث- هنا-  عن الصلاة التي يقول فيها الحبيب عليه الصلاة والسلام "إذا قام العبد يصلي فإنما يناجي ربه"، نتحدث عن الصلاة التي هي سلم للعروج ، تعرج الروح عليه، الصلاة التي هي ميادين الأنوار، الصلاة التي هي مسارح القلوب، الصلاة التي هي هبة الله تبارك وتعالى لأمة محمد عليه الصلاة والسلام، الصلاة التي هي تحية الله عز وجل لهذه الأمة، بعدما حيا الله تبارك وتعالى رسولنا- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ليلة المعراج، من كرمه سبحانه وتعالى أنه أتحف هذه الأمة بالصلاة، لأجل أن ترتقي هذه الأمة بالصلوات إلى حيث عرج عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، ويبقى الفارق أنه- صلى الله عليه وسلم- إنما عُرج به جسداً وروحاً.

وأما أنت فقد أكرمك الله تبارك وتعالى حيث منحك معدن الأسرار، ومفتاح القرب والتقرب،فكان أمرك عروجا روحيا بقدر قوة روحك ، وصفاء نفسك ،وتخلصك من العلائق والعوائق ، والجواذب التي تجذب إلى الأرض ، كما تفعل الأرض بالأجرام فوقها تفعل تلك في نفسك ، فتمنع من الانطلاقة التي شرعت الصلاة ليحققها بها العبد الذي يسرح طوال اليوم ويسبح ، لا يكل ، ولا يمل ، ولابد له مع هذا التعب من استراحة المحارب!! !! وجبريل الأمين- في رحلة المعراج- خير رفيق ، لم يفارق ، ما مثله سفراء ، ولدى السدرة الجواز عليه صار حظراً ، فكان ثم انتهاء، فدعاه النبي حين علا السدرة نور منه عليها غشاء، ههنا يترك الخليل خليلاً، أين ذاك الصفاء؟ أين الوفاء؟ قال: عذراً فلن أجاوز حدي، لو تقدمت حل فيّ الفناء، وبه زج في البهاء وفي النور إلى حيث كل خلق وراء، ورأى الله لا بكيف وحصر، لا مكان يحويه لا أناء ، فوق فوق وتحت تحت لديه، قبل قبل وبعد بعد سواء، إنما خصص الحبيب بسر لسواه ما زال عنه الخفاء، وعليه صب الكمال وزال الكيف والكم حين زاد الحباء ، وسقاه بحور علم فعلم الخلق منه كالرشح وهو الإناء ، وحباه أنواع كل صفاء ، نفحة منه ما حوت الأصفياء.

نتحدث عن هذه الصلاة- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- تلك التي قال فيها ربنا جل جلاله وقوله الحق وصدق "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر"، أجل يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الصلاة التي لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر يحتاج إلى أن يعيد نظره فيها ، ذلك أن أمامنا مجموعة من الحقائق ، أرجو الله تبارك وتعالى أن يبلغنا أعماق الحقائق ، منها: أنه عليه الصلاة والسلام قد بعث بالرسالة الخاتمة الناسخة غير المنسوخة العامة الشاملة التي تغطي كل أنشطة الحياة، بها تسعد البشرية دونها تشقى، فدلنا على الله جل جلاله، وعرفنا بصفات الله عز وجل، وأوقفنا أمام أنوار أسماء الله تبارك وتعالى، وأطلعنا على سبيلين للمعرفة ، ما أروعهما ، السبيل الأول: كلام الله الذي تلقاه من جبريل عليه الصلاة والسلام ، وفيه يحدثنا الله تبارك وتعالى عن ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله ومظاهر عظمته، والسبيل الثاني: إنما هو هذا الكون بكل أبعاده وآماده ومظاهره وظواهره وتلوناته وتناسقه وروائعه.

ومن هنا أقبلنا على الله عز وجل عبر هذا الكون كما أقبلنا على الله تبارك وتعالى عبر الآيات الكريمات التي نتلوها صباح مساء ، وبها نستنضح النور، وينضح علينا النور، وقد بين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أمري الدنيا والآخرة، ودعانا إلى عمارة الآخرة بعمارة هذه الدنيا وفق منهج الله تعالى ، لا وفق ماتراه الشهوات ، وتقود إليه وتدفع الأهواء !!، ذلك أن الرحيل إلى الآخرة لننال السعادة هناك إنما هو بعمارة هذه الدنيا وفق منهج الله.

ومن هنا على الأمة أن تراجع حساباتها في كل المخططات التي تطرح من أجل أن تصوغ المجتمع، ذلك أن المخطط الحقيقي الراسخ اليقيني الصادق العميق الشامل المسعد إنما هو ما أنزله الله عز وجل من شريعة وما أنزله الله عز وجل من أحكام وما بينه الله تبارك وتعالى من أخلاق ومعاملات وحلال وحرام ، وما بينه رسوله- عليه الصلاة والسلام- بسنته القولية والفعلية والتقريرية .

فعمارة هذه الدنيا إنما يكون بالعمل الصالح الذي يتفق مع شرع الله عز وجل، كما يكون بالإيمان وحقائق الإيمان ، فإذا ما رحلت من هذه الدنيا إلى الآخرة وجدت الحصادهناك ، وما أروعه نداء إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، أو كما قال عليه الصلاة والسلام "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام دون أن ينتهي ظلها" أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

هذه الحقائق جلاها لنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبين أن الذين يصلون إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر هم الأبرار لا الأشرار،ومن الأشراركل من تنكب صراط الله عز وجل، وكل من استمسك بعروة الله الوثقى هو من الأخيار "إن الأبرار لفي نعيم* على الأرائك ينظرون* تعرف في وجوههم نضرة النعيم* يسقون من رحيق مختوم* ختامه مسك ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون* ومزاجه من تسنيم* عينا يشرب بها المقربون".

من هنا يقول ابن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه " عَجِبُ ربنا جل جلاله " وهذا تعبير عجيب لعله من المتشابهات التي نحقق فيها معنى يعلمه الله، وننزه الله عز وجل عما يتبادر من معنى من ظاهر اللفظ، ذلك أن التعجب- في عرف اللغة- إنما ينبني على أمر يبدو للمتعجب ، وهو في غفلة عن سره ، حيث إنك إذا ما رأيت أمراً تعجبت ، حتى إذا ما عرفت سببه زال العجب، "عَجِب ربنا جل جلاله من رجلين" أيهما أنت؟ " الأول ثار عن غطائه ووطائه ن من بين أهله وحبه ، فقام يصلي" لك أن تقف لحظة أمام التعبير بثار، الثائر لا يقوم متكاسلاً من الليل ، وإنما يثور ثوراناً، أرأيت إلى حركة الثائر وهي تكتسح الظلام والظلم والشر والأشرار، ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه، فقام يصلي فيقول الله عز وجل "يا ملائكتي ! انظروا إلى عبدي ثار من وطائه ولحافه من بين أهله وحبه يصلي ، رغبة في ما عندي ورهبة مما عندي"

نحن حينما تطوى الآخرة عن ذاكرتنا حينما تغيب الآخرة، فلا يذكر بها إلا لماماً لتبقى في ذواتنا خيالات وصور تائهة ضبابية، ربما تكتسح الدنيا بزينتها تلك القلوب فإذا بهذه الدنيا هي التي تُعمل عملها في السلوك، لماذا ثار هذا الذي أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام عنه حيث ثار عن لحافه ووطائه، رغبة فيما عند الله ورهبة مما عند الله، فالذي يحمله إنما الرغبة والرهبة، والمسلم لا تفارقه الرغبة فيما عند الله، ولا تنفصم عن ذاته الرهبة مما عند الله، يقول عليه الصلاة والسلام "لو أن قطرة من الزقوم ألقيت في الدنيا لأفسدت على الناس معايشهم فكيف بمن كان طعامه"، الذي لا ينطق عن الهوى أخبرنا بهذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام.

وما زال أناس باسم التربية السوية يحرصون على أن تنأى عن الترهيب ، أي تنهى عن ذكر ما أوعد الله به أعداءه في الآخرة ، حتى كاد هذا الجانب ينمحي أو تنمحي حقائقه من ذواتنا. من له القدرة على الزقوم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟! الزقوم طعام الأثيم الذي استغرقته الآثام، طعام الشرير الذي يعتدي على الناس ويبغي عليهم، الذي يظلم الناس، الذي يضيع الحقوق، الذي لا ينصف المظلوم ، أو لا ينتصف له

الزقوم طعام الأثيم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وهي شجرة لم ينبتها الله عز وجل في الجنة حاشا، وإنما في الجنة طوبى تلك التي حدثنا عن مظهر من مظاهرها يسير الراكب في ظلها مئة عام حتى يقطعها، وشجرة الزقوم إنما ينبتها الله عز وجل في النار، إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان من نار، يغلي منهما دماغه ، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذابا ، إن أهون أهل النار عذاباً!!! من يطيق بعض هذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟! إن حر الصيف وحده كفيل بأن يوقظ فينا هذه المشاعر التي أحب عليه الصلاة والسلام أن تبقى مستيقظة، حيث قال يُخبر عن الله جل جلاله "يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار عن وطائه وغطاءه من بين أهله وحبه" يقوم يصلي" رغبة مما عندي ورهبة مما عندي".

وأما الثاني ، ثاني الرجلين " فرجل غزا" والغزو في سبيل الله يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ركيزة من ركائز المجتمع الإسلامي، ذل قوم غزو في عقر دارهم، إذا لم يكن هناك تطلع إلى حماية الأوطان والمقدسات والأعراض، وبسط الشريعة التي بها تسعد البشرية، فلا بد للجانب الآخر الظلامي الشرير من أن يهيمن فوق هذه الأرض،" غزا مع جماعة في سبيل الله، فانهزموا فوقف أمام نفسه، وعلم ما على المنهزم أمام الأعداء، فوطن نفسه على أن يرجع إلى الحق، فأقبل على القوم يقاتلهم حتى أريق دمه، فقال لهم الله تبارك وتعالى أي : للملائكة "يا ملائكتي انظروا إلى عبدي انهزم مع جماعته، لكنه علم ما عليه من الهزيمة فرجع، رجع حتى أريق دمه، رغبة في ما عندي ورهبة مما عندي"، أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ونحن بين يدي صحابي جليل ، هو أبو الدرداء رضي الله تبارك وتعالى عنه، وهذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-  نافذة صغيرة نطل بها على ما نحن مقبلون عليه، نحن مقبلون على الآخرة ، وهناك إما شقي أو سعيد، والمسألة إنما تتعلق بما كنت عليه في هذه الدنيا، أرأيت إلى قول الله عز وجل "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون" " لأن يصب الرصاص مذاباً في الأذن خير من أن يسمع النداء فلا يجيب" ما النداء هنا؟ كانوا يدعون إلى السجود في الدنيا، بالآذان الله: أكبر الله أكبر، فلا يستجيبون، كانوا يدعون إلى الصلاة في الدنيا حي على الصلاة حي على الفلاح، لكنهم ما كانوا يجيبون !! أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ألهتهم الشهوات ، فدخلوا في من ذمهم الله عز وجل حيث قال "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا".

"فخلف من بعدهم خلف" كأنما يشعر اللفظ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بما على الآباء والأهل من واجب حفز الأبناء على الإقبال على الله جل جلاله، ومن هنا نبتت- في وهدة الغفلة عن الله- ذرية أضاعت الصلاة، واتبعت الشهوات، مصيرها "فسوف يلقون غيا" هذا كلام الله يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، والربط ههنا واضح كل الوضوح بين إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، ذلك أن الله عز وجل يقول "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" فمن أضاع الصلاة قد قطع صلته بالله عز وجل ، ومن قطع صلته بالله تبارك وتعالى إنما يسلك خطوات الشيطان، أما سمعتم الله عز وجل يقول "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين* إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة.

إذا كان يحب أن تشيع الفاحشة له عذاب في الدنيا والآخرة، فكيف بمن دعا إلى الفاحشة، كيف بمن روج للفاحشة، كيف من يسر الفاحشة، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة ذلك أن المجتمع إذا ما شاعت فيه الفاحشة لم يبق صالحاً لا للدنيا ولا للآخرة. ونحن أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أمة تحمل الرسالة الخاتمة، أمة قد كرمها الله عز وجل بالرسالة الخاتمة، أمة عليها أن تتسنم منصة التوجيه العالمي، ولكن هيهات- الآن- هذا المقام منها، إذا ما توغلت في البعد عن الله عز وجل معرفة، والبعد عن شريعة الله تبارك وتعالى تطبيقاً.

ومن هنا يقول مصعب بن مسعد قلت: يا أبتاه يقول الله عز وجل "ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"، "ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" أينا لا يسهو أينا لا يحدث نفسه، قال يا بني ليس بذاك، إنما هو إضاعة الأوقات، يصلي العصر قريباً من المغرب، والمغرب عند دخول العشاء، والعشاء يصليه أو لا يصليه، أما صلاة الفجر فيمكن أن تقضى بعد طلوع الشمس بساعة أو ساعتين، أما الظهر فهيهات هيهات!!! حتى لو أنه صلى مثل هذه الصلوات مع تضييع أوقاتها معنى ذلك أنه يصليها أشباحاً ، لا أرواح لها ، فمن أين تنهاهم عن الفحشاء والمنكر مثل هذه الصلاة !!.

والصلاة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، إذا ما أردت أن تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر، فعليك أن تراعي التعريف في الصلاة "إن الصلاة" أي : التي أرادها الله عز وجل ، الصلاة التي تفرغ فيها قلبك لله جل جلاله، الصلاة التي حينما تكبر الله عز وجل تكبيرة الإحرام لا يبقى في قلبك معظم سوى الله جل جلاله، فإذا بك تنفصل عما حولك ، بل وعن نفسك، إذا بك تتلو كلام الله ، وإذا بك تعظم الله تسبيحاً وتحميداً، وإذا بك تكبر الله جل جلاله، وإذا بك تقرأ شيئاً من القرآن الكريم كلام الله تعالى.

وهنا يمدك كتاب الله عز وجل بالإمداد بعد الإمداد، وهناك خمس صلوات يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، مع كل صلاة وجبة من الوجبات التي قال فيها العلماء في الصلاة جلال وجمال، أما الجلال فقد أشار إليه الحبيب عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فزع إلى ربه جل جلاله وقف بين يديه، عرض حاله عليه، تململ على أعتاب الله عز وجل، فزع إلى الصلاة، حينما يحزبك أمر إذا كانت صلتك بالله عز وجل وثيقة ، لا تجد باباً غير باب الله، ولا تجد من يمكنه أن يخرجك مما أنت فيه إلا الله جل جلاله.

أما الجمال يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام فيتمثل في تلك الإفاضات التي والله  حينما يعيشها الذين يقيمون الصلاة يقولون لو أننا بقينا هكذا أبد الدهر لكان من أروع ما أعطانا الله عز وجل، وعلى هذا يقول عليه الصلاة والسلام "وجعلت قرة عيني في الصلاة" الجمال يستأثره كله، لا تبقى ذرة من ذراته إلا وقد توجهت إلى الله عز وجل "يا أيها المزمل* قم الليل إلا قليلاً* نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا" كم خاف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضلات الفتن!! كم خاف علينا عليه الصلاة والسلام من شهوات الغي!! وكم خاف علينا رسولنا من الطغيان والطغاة الذين عاثوا في الأرض فساداً.

ولذلك فارق هذه الحياة- عليه الصلاة والسلام- انتقل إلى الرفيق الأعلى، بعد ما اختار الرفيق الأعلى ، وهو يكرر" الصلاة وما ملكت أيمانكم " لئلا يعتدي بعضنا على بعض ، لئلا يتسلط القوي على الضعيف، والغني على الفقير، ومن بيده سلطان على من ليس بيده سلطان،" الصلاة وما ملكت أيمانكم " ثم عليه الصلاة والسلام في صبيحة يوم الاثنين ، وكان قد مس الصحابة غم ما بعده غم، ضاقت صدورهم والله!! ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يستطع الخروج من بيت السيدة عائشة للصلاة، لثقل مرضه- عليه الصلاة والسلام- وخشي الصحابة، كانوا يترقبون الأخبار التي تسر، ويخشون بل لا يريد أحدهم أن يسمع غيرها.

وامتلأ المسجد- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بالصحابة، ووقف الصديق فكبر، الصحابة اليوم هم ثمرة جهاده- عليه الصلاة والسلام- جاء ليبين للناس السبل المفضية إلى رضوان الله عز وجل، ويبين أن الأمة الإسلامية حينما تلقي بجرانها إلى الأرض ، وتستقر أمورها، وتحكم شرع الله تبارك وتعالى، وتصوغها الشريعة صياغة يقال عنها فيها "صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون" قال- تعالى- "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" ثمرة جهاده الموصول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم تمثل في ذلك المسجد الذي غص بملائكة البشر، غص بأولئك الذين أثنى الله عز وجل عليهم بقوله "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سماهم في وجوههم من أثر السجود".

" أقرب ما يكون الرب من عبده وهو ساجد" أي : ألا تريد أن يقبل الله عليك، أما تريد أن يكون الله تبارك وتعالى قد تولى أمرك ، وكلأك بكلاءته، أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد صحيح، فالسجود لون قرب من الله جل جلاله ، ومعناه أنك تخليت عن ذاتك لتبذلها رخيصة في ذات الله من أجل نصرة دين الله عز وجل، حققت العبودية التي خلقنا الله عز وجل لنحققها في رحاب هذه الدار، حتى إذا ما رحلنا إلى الله جل جلاله وجدنا هناك ما يسرنا ، ونأى بنا الله عز وجل عما يضرنا.

من هنا ارتفع الستر  "وأطل عليه الصلاة والسلام على الصحابة، وتبسم " ما يطاق التعليق يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم على تلك الابتسامة، هذا هو رسولنا عليه الصلاة والسلام بعث من أجل أن تتعلق القلوب بعلام الغيوب، بعث من أجل أن تقف البشرية على قدم العبودية لله عز وجل، فلا يستعبد بعضنا بعضاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً، لا سلطان إلا لشرع الله، ولا إله إلا الله، لا يعبد الهوى في المجتمع الاسلامي الرباني الذي رباه عليه الصلاة والسلام.

لم ابتسمت يا رسول الله وهو على وشك الرحيل؟ لأنه رأى ما تقر به عينه، أليست الصلاة قرة عينه؟ وقرة عينه أن يرى المصلين، وهم الصحابة الذين اصطفوا صفوفاً من أروع ما تكون الصفوف، خلف إماماً ما أرق قلبه، وما أندى تلاوته، تخنقه العبرات ، فلا يتمالك أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يتم بها القراءة، وكاد الصحابة أن يفتتنوا ، أرادوا أن يتأخروا له، ظناً منهم أنه سيدلف إليهم ، لكنه أشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم، أرأيتم يده عليه الصلاة والسلام توجهت إلى الصحابة ولكنها توجهت إليكم اثبتوا على صلاتكم، مهما حاول الدخلاء، مهما حاول الأشرار أن يمنعوا الأمة من أن تقيم الصلاة، فلا يمكن لهذه الأمة أن تمكنهم من ذلك، كيف؟ وقد أشار لهم الرسول بيده الشريفة أن أثبتوا على صلاتكم، ثم أسدل الستار، واطمئن الصحابة على صحته عليه الصلاة والسلام.

ورجعوا بعد ما انفضت الصلاة وقضيت، ورجع الصديق إلى السنح في ضاحية المدينة حيث أهله هناك ، وجاء الخبر بعد قليل " توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم " أليس هذا المشهد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام كفيل بأن يقول للأمة في مشارق الأرض ومغاربها عليك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن تراجعي موقفك من الصلاة، الصلاة المعراج، الصلاة ساحات الفضاء الروحي، الصلاة التي بها تنخلع عن هذه الدنيا انخلاعاً كاملاً، من أجل أن تأخذ ما يعطيك الله عز وجل إياه لتعيش في رحابه ، وأنت تصوغ الحياة ، وأنت تعمرها وفق منهج الله تبارك وتعالى.

أما المشهد الثاني- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- وبه نختم من أجل أن نتبين عظمة هذه الفريضة التي قال فيها العلماء لخصوصيتها : فرضت على غير السنة التي فرض الله عز وجل بها الفرائض، فرضت مباشرة من غير جبريل، كأنما يقول الله عز وجل لنا : هذه الصلاة فرضتها مباشرة على الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام من أجل أن تكون الصلة لكم بالله عز وجل مباشرة دونما وساطة، إن الله جل جلاله لا يزال مقبلاً بوجهه على العبد، وهو في صلاته ، ما لم يلتفت، أجل، قال العلماء إذا كانت الأركان أركان الإسلام إنما هي أركان للإسلام لا يقوم الإسلام إلا بها ، لكنها تختلف من إنسان لإنسان من حيث الطاقة، أرأيت إلى الحج فرض على من استطاع إليه سبيله، أرأيت إلى الصيام يعذر بالإفطار من لم يتمكن من الصيام لمرض يضر الصيام معه، أرأيت إلى الزكاة من لم يملك النصاب فلا زكاة عليه، هذه الأركان تتسع وتضيق بحسب ما أعطى الله عز وجل عباده المكلفين، أما الصلاة فإنها لا تسقط بحال من الأحوال  "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فمضجعاً أو مستلقياً " أو كما أخبر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لماذا؟

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونسترشده ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح بالأمة وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، فإنه قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

أما بعد أمة محمد عليه الصلاة والسلام

صورة من شقين ، الشق الأول: أنتم يوم القيامة تبعثون غرا محجلين ، أي الوجوه تتلألأ نوراً ، والمرافق تتلألأ نوراً ، والأرجل تتلألأ نوراً، كل موضع من مواضع الوضوء تتوضأ اليوم ، ولا ترى النور المعنوي الذي سيتجلى لك حسياً يوم القيامة، غرا محجلين من آثار الوضوء كما أخبر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وفي المقابل يقول أبو الدرداء  "يلقى على أهل النار الجوع ، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة، فيعلمون أنه لا يزيل الغصص إلا الماء فيستغيثون بالماء فيقدم إليهم بكلاليب من حديد، إذا قرًب إلى وجوههم شوى وجوههم ، وإذا أدخل بطونهم قطع أمعائهم" فيتشاورون، على قاعدة الديموقراطية هناك في النار، فيتفقون على أن يتوجهوا بالدعاء إلى خزنة جهنم،  "يدعون خزنة جهنم أن يخفف الله عز وجل عنهم يوماً من العذاب" فيكون الجواب من الخزنة " ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات فكذبتم، قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" يتوجهون إلى المسؤول عن الخزنة ، وهو مالك،" ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك، فيجيبهم إنكم ماكثون، فيقولون تعالوا ندعوا ربنا فلا أحد خير من ربنا، قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين، ربنا أخرجنا منها، فإن عدنا فإنا ظالمون " الآن فقهوا هذه الحقيقة ، الرسل تقاطرت على هذا المعنى، وبينت الرسل أنه لا رجوع إلى هذه الدنيا، وبينت أن هذه الدنيا وحدها هي دار الاختبار، وبينت أن من سقط في الاختبار في هذه الدنيا فسوف يحصد شقاء اختياره السيء،" ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " الجواب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " كانوا يستهزؤون بالرسل ، كانوا يصدون عن سبيل الله ، كانوا يعطلون شريعة الله عز وجل، كانوا ينادون في المجتمع أنه ما ينبغي أن يتدخل شرع الله عز وجل في صياغته، وكأنما  شرع الله يصوغ المجتمع صياغة شريرة!!! هم لا يريدون الصدق بل يريدون الكذب، هم لا يريدون الأمانة بل يريدون الخيانة، لا يريدون إلا السرقات يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، يريدون الظلم والطغيان والبغي، من هنا لا يريدون شرع الله عز وجل أن يطبق ما الذي يمنعه من التطبيق ؟! الأهواء والشهوات ، إن شرع الله إنما يحفظ الإنسان من سطوة أهوائه ، ويصونه من شهواته أن تغرقه.

أما ذلك الذي كان يطعمه الله،وهو أسير بيد المشركين في مكة !!، ولما أخرج من مأسره ليقتل، أوقفوه وقد أحاط به المشركون ،، فتوجه إلى من هو أقرب إليه من حبل الوريد ، وقال:" رب إني لا أرى أمامي إلا وجه عدو، اللهم بلغ رسولك مني السلام ، وأعلمه بما فعل بنا " ذلك أنه كان مع أصحابه وقد غدر بهم فسيق أسيراً إلى مكة المكرمة، من أجل أن يقتل بواحد من زعماء مكة ، هو خبيب بن عدي- رضي الله عنه- قد قتله في معركة بدر، وقد وضع داخل غرفة ، ووصوا به امرأة تحرسه ! تقول: فنظرت إليه يوما من خلل الباب، فإذا بين يديه قطف عنب أكبر من رأسه ، ووالله ما أعلم أن في أرض الله حبة عنب .

ولما علم بأنهم سيخرجونه للقتل، استعار موسى من أجل أن يستحد بها، من أجل أن يزيل بعض الشعر من جسده ، ليلقى الله عز وجل على نظافة، فأعطته الموسى وغفلت ، وكان لها صبيً صغير، فحبا الولد حتى صار قريباً من خبيب ، ثم جلس على فخده، درت، الموسى أي الشفرة، بيد خبيب ، وطفلها الصغير على فخده، وقد قرأ ذلك خبيب ، قرأ الفزع والرعب والخوف في نفس تلك المرأة، فتبسم ، وقال أتظنين أني أقتله ؟؟!! لا ، والله، ما أنا بفاعل ذلك ، ولا أفعل ذلك ولا أريده، أو كما قال رضي الله تبارك وتعالى عنه.

ثم أخرجوه ، أو خرجوا به إلى الحل ، أو إلى خارج مكة المكرمة، وهناك استأذنهم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، هل استأذنهم ليكتب الوصية، هل استأذنهم من أجل أن يتضرع بين أيديهم ليفلتوه، استأذنهم من أجل أن يركع ركعتين لله عز وجل، وقد قال الفقهاء : أنه هو سن سنة ركعتين قبل القتل في سبيل الله تبارك وتعالى، خبيب بن عدي صلى ركعتين ثم سلم، ثم التفت إليهم فقال :" والله ! لولا أن تظنوا أني أخاف من الموت لازددت صلاة " خشي أن يظنوا حينما يستأذنهم بركعتين أخريين أن يقولوا إنه يريد أن يهرب من الموت ، ثم قال : ولست بمبد للعدو تخشعاً * ولا جزعاً إني إلى الله مرجعي * ولست أبالي حين أقتل مسلماً * على أي جنب كان في الله مصرعي* وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع  *وقتلوه رضي الله تبارك وتعالى عنه.

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللهم ربنا اجعلنا أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، حفنا والمسلمين بألطافك الخفية واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً ، وتفرقنا من بعده تفرقاً مباركاً معصوماً ، لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً، هبنا جميعا لسعة رحمتك يا أرحم الراحمين، اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا، واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.