365 - الأسئلة الأربعة التي يترتب عليها السعادة
خطبة الجمعة    365 - الأسئلة الأربعة التي يترتب عليها السعادة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن، ربنا ولك الحمد حتى ترضى ، ربنا ولك الحمد إذا رضيت ، ربنا ولك الحمد بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آل سيدنا محمد ، كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد .

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله- تعالى- وطاعته ، والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ، عليه توكلت ، وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

الله- جل جلاله- يقول: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

ليس هروباً مما نحن فيه ، وإنما هي صفحات مشرقات ، لوحات زينت بأروع الخطوط الربانية ، نوافذ، كم نحن بحاجة إلى أن نطل منها على تلك الرحاب التي تتجلى فيها العزة والكرامة والشجاعة والإقدام والعلو والسمو، ولم أقض حق العلم إن كان كل ما... لاح طمع صيرته لي سلماً،،، ولم أقض حق العلم إن كان كل ما لاح طمع صيرته لي سلماً : إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى... ولكن نفس الحر تحتمل الظما... ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما ... أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة... إذن فاتباع الجهل كان أحق وأحزما... ولو أن أهل العلم صانوه صانهم... ولو عظموه في النفوس لعظما.

نفس ربانية نهلت من العلم الشرعي والكوني ما نهلت ، فإذا بها تحلق في سموات الكرامة والعزة والإباء ، تنبض بالحق ، وتصدع به !! تقف في وجه الباطل ، تقول الكلمة التي هي الفصل، إذ إنها مستمدة من كتاب الله- عز وجل- وسنة المصطفى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- .

يدخل الطلاب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قاعة الاختبار!! وكلنا قد مر فيها ، هذه القاعة يجلس فيها الطالب على كرسيه المخصص ، تمر الدقائق بطيئة ، ثم تسرع، بطئية قبل أن توزع أوراق الامتحان !! ينظر الطلاب فيها بعين تحملق، عين قد توسعت ، كأنما قد قطرت بقطرة توسيع الحدقة، عين زاغت، عين تلألأت بالنور، لم يا ترى هذا الاختلاف بين الأنظار؟ قال: لأن الطالب الذي وجد الأسئلة التي أعد الأجوبة عنها ، هو الذي تشرق أساريره ، ذلك أنه قد أعد لكل سؤال جواب ، وقد أحكم الأجوبة أيما إحكام ، ذلك أنه كان قد قبل أن يدخل قاعة الاختبار كان قد مارس الإجابة ممارسة ذهنية رائعة متمكنة.

وأما الذين لم يستحضروا الأجوبة ، نعرف ما المصير؟؟ رسوب ، أو دور ثان !! إن كان هناك دور ثان، يمكن لمن دخل القاعة- ههنا- أن ينجح من أول دورة ، ويمكن إذا ما أخفق في الدورة الأولى أن يعيد، ولكن- هناك- القاعة العريضة التي تسع الخلائق جميعا ! " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداتً " !! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! وكم تختلف قاعات الاختبار في هذه الدنياعن هذه القاعة ، وإن كانت تلتقي- معها-  في العنوان !هناك قاعة اختبار عظيمة! هناك يفوز الفائزون ويسعد السعداء، ويشقى الأشقياء ، لا دور ثان- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هناك ، لا رجوع إلى هذه الدار، إذ أقسم الله العزيز الجبار على ذلك "أنهم إليها لا يرجعون" أمة محمد عليه الصلاة والسلام!! فرق هام بين دخول الطالب اليوم وقلبه يخفق ، ذلك لأنه لا يدري ما الأسئلة التي ستأتي؟؟ أما هناك فمن مظاهر رحمة الله بنا أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- قد بلغنا- من ههنا- بالأسئلة !! أي والله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إذا ما أهمل المهمل هذه الأسئلة بهذه الدنيا ، ولم يعد لها الأجوبة السديدة ، فلا يلومن إلا نفسه! أما إذا استوعب الأسئلة التي حددها- عليه الصلاة والسلام- وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، وأعد الجواب لكل سؤال ، والجواب- ههنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !! ممارسة في هذه الدنيا ، لا تظنن أنك إذا ما استوعبت الأسئلة والأجوبة نجاك ذلك ، إن كانت حياتك على خلاف ما تجيب به، ما هذه الأسئلة العريضة؟ ولماذا نستعرضها ، ونحن بأمس الحاجة إلى استعراضها ؟؟ أسئلة تشمل أغلب ، أو كل قطاعات حركة الإنسان فوق هذه الأرض،" لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه؟، وعن شبابه فيما أبلاه؟ أو عن جسده فيما أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ " أو: كما قال- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- السؤال عريض ! يشمل العمر كله، من وقت أن تدخل في التكليف ، إلى أن تلقى الله- تبارك وتعالى- وتسأل عن الشباب !! لأنه الفترة القوية الناضجة المثمرة الثامرة ، التي فيها البناء الشامخ الذي تستقبله الأمة في مستقبلها ، ويسأل عن ماله أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! يسأل عن المال ، والسؤال- هنا- ينصب على أمرين ، لا على أمر واحد، يسأل عن ماله من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه؟ ويسأل عن علمه: ما الذي عمله بهذا العلم؟ وقد قال العلماء هذه الأسئلة عامة! كل منا وجب عليه أن يحضر الأجوبة سلوكا ، وما يخرج من هذا العموم إلا من أخبر به شرع الله- تبارك وتعالى- حيث إن النبيين لا يسألون ، بل يسألون أسئلة عامة، كما ورد في كتاب الله- تبارك وتعالى- كذلك أولئك الذين يدخلهم الله- عز وجل- الجنة بغير حساب ، وأولئك الذين يدخلون النار كما قال ربنا- جل جلاله- وقد نضحت وجوههم بالشر الذي غرقوا به في الدنيا ، وأغرقوها به كذلك !! في سورة الرحمن نسمع قول الله- تعالى-  "يعرف المجرمون بسيماهم فيأخذ بالنواصي والأقدام" أما من تبقى- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- من غير من جاءت النصوص بهم ، فإنهم يسألون : عن العمر فيما أفناه ، أفنوه ركضاَ في دروب هذه الدنيا ولهثاً وراءها!!يركض ، وهو لا يفرق بين حلال وحرام ،لا يدري: أكان لاهياً عن أمر هذه الأمة وشؤونها وهمومها؟ أكان يعيش لهذه الأمة أم أنه كان يعيش لذاته ولذاته؟! يسأل عن شبابه: فيم أبلى ذلك الشباب؟ أأفناه يا ترى حيث كان يتسكع في دروب الرذيلة، وتستغرقه الشهوات الحرام ، يسأل عن ماله؟؟؟ هل اقتنصه اقتناصاً من غابة العدوان؟؟ هل اغتصبه اغتصاباً بقوة السلطان ؟ هل وثب عليه وثوباً لسلطانه وجاهه ؟ فإذا به ينتهب الأموال كلها ! لا يبالي من أين يأخذ المال؟؟ ثم إذا ما أنفقه، أنفقه في الموبقات ! وتهييج الشهوات! وإشاعة الفساد والإفساد في الأرض ! يسأل عن علمه؟ إذا علمت شيئاً وجب عليك أن تتعرف إلى كيفية تطبيقه ، ذلك أن العلوم في هذه الشريعة ، إنما تطلب  للعمل ، يسأل عن علمه ماذا عمل به؟ أي علم يقع في قلبك ، وجب عليك أن تقف به الموقف الرباني ، إذا ما عرفت أمراً من أمور الحلال والحرام ، ينبغي أن تصوغ سلوكك وفق هذا العلم الذي علمك الله- عز وجل- إياه ، إذا علمت أن ظلماً يقع على المظلومين وبإمكانك أن تفعل ، أوأن تقول ، وجب عليك أن تحول هذا العلم إلى مواقف ربانية ، وما يخرج من هذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إلا ما يتعلق بالعلم بالله- جل جلاله- العلم بصفاته وأسمائه ، فهذه العلوم مطلوبة لذاتها ،وإن كان لها من الأثار ما لا يخفى !! حيث إن أنوار الذات وأنوار الصفات وأنوار الأسماء حينما تملأ خلايا النفس والروح والقلب ، دل هذا على أن هذا الإنسان صار ملكاً ، لكنه في قالب بشري.

هذه الأسئلة ! فماذا أعددنا لها من الأجوبة الصحيحة ؟ ولعل العلماء- هنا- قالوا: أول واجب على المكلف- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن يتعرف إلى ما يتعلق بحقائق الإيمان ، يتعلم أركان الإيمان ، ويتعلم أركان الإسلام ، ذلك أنه بعد العلم بالله- تبارك وتعالى- وجب عليه أن يتعرف إلى العبادات ، ووجب عليه أن يتعرف إلى الأخلاق الإسلامية ليتخلق بها ، فالعلم بالله والعلم بالعبادات التي تقربنا من الله- عز وجل- والعلم بالأخلاق الإسلامية التي جاءت بها شريعة الله- عز وجل- وبها ترتقي النفوس ، وإذا ما تخلت النفوس عن الأخلاق الجاهلية ، وتحلت بالأخلاق الربانية التي جاءت في كتاب الله ، وسنة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- وجسدها- صلى الله عليه وسلم- واقعاً في سيرته الشريفة، معنى ذلك أننا حققنا ما أراد الله- تعالى- منا عبر ما شرع لنا ،وإلا فإن المتنكب للأخلاق الربانية يوقفنا أمام وحوش بشرية ضارية !! لاتحلل ، ولا تحرم ! ومن- هنا- وجب على المكلف أن يتعرف إلى الحلال والحرام ، ووجب عليه أن يتعرف إلى تلك الموبقات التي من ارتكبها أوبقته- والعياذ بالله تبارك وتعالى- في دركات الشقاء !!! هذا كله من الجانب النظري ، ومن الجانب العملي نجد أنفسنا أمام مواقف جسدت هذه الحقيقة وأصحابها- هناك- في ساحة العرض على الله- جل جلاله- إذا ما سئلوا عن علمهم ماذا عملوا به كانت الإجابات حقائق ، ووقائع !!.

استدعى المندوب السامي حينما كانت البلاد العربية ترزخ في نير ذلك الاحتلال الذي عم كل البلاد العربية آنذاك ! استدعى شيخاً من الشيوخ ، أو عالماً من العلماء أو مطوعاً من المطوعين ، استدعى ذلك العالم ، وقال له : يا هذا! إما أن تكف عن سمومك التي تبثها في الشباب في مسجدك ضدنا !!سماها سموماً!!!! وإما أن أرسل الجنود ليغلقوا ذلك المسجد إغلاقاً كاملاً ، فتبسم الشيخ ، وقال له: لن تستطيع!! مواجهة للباطل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هذا الجواب المختصرلفظاً ، الطويل معنى !! الباطل يريد أن يغلق المسجد، والباطل يريد أن يكتسح المسجد،وأن يجيره لسلطانه ، ويحوله بوقا لطغيانه !! ولكن العالم الرباني- ههنا- وقف شامخاً ليقول بملء فيه :" لن تستطيع " طلب منه أن يكف عن سمومه ، ظن أن ما يعلمه الشيخ لرواد المسجد حيث يعلمهم " العزة والكرامة " " يعلمهم الحق وعشق الحق والذوذ عن الحق "  "يعلمهم كيف يكونون وقافين مع أحكام الله- عز وجل- " " يعلمهم الإيثار والمحبة والتضحية " " يعلمهم الجود والسخاء والكرم " " يعلمهم كيف يفهمون عن الله- جل جلاله- " " يعلمهم الاستقامة وثمراتها "  أهذه- يا عدو الله وعدو الأمة- سموم ؟؟؟هي كذلك في نظر ذلك المندوب السامي- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام -.

فما الذي لا يستطيعه ؟ استشاط غضباً ذلك المندوب حينما قال له الشيخ : لن تستطيع!! فقال: بلى ، أستطيع، قال: لن تستطيع، إني إذا أغلقت المسجد، وحضرت عرساً فسأهنئ أهل العروس ، وأعلمهم ، وإن حضرت ميتماً عزيت أهل الميت ، ووعظتهم ، وإن سجنتموني أعلم المساجين في السجن ، وإن ركبت القطار علمت المسافرين في القطار، وإن قتلتموني ألهبتم مشاعر الناس ،أجل :هناكن يسأل عن علمه ماذا عمل به ، أأدركنا عمق السؤال ، وخطورة الإصابة في الجواب ؟؟؟ أيمكن لهذاالعالم ، واسمه عبد العزيز الجزائري عبد الحميد الجزائري أن يقول- غداً- يا رب! وقفت هذا الموقف ! أيمكن لغيره إذا لم يقف هذا الموقف أن يكذب، هناك لا كذب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- كل ألوان الخداع والتزوير والتحريف والبلاهة والنكاية بالحق ، هنا في هذه الدنيا يمكن أن تلبس ألف لبوس ، لكن هناك ، ينادى أن " لا ظلم اليوم " هناك لا يخفى على الله منا شيء.

حماد بن سلمة عالم من العلماء الربانيين ، يقول مقاتل بن صالح: كنت عنده في بيته، ولم يكن في بيته سوى المصحف الذي يقرأ فيه، والسجادة التي يجلس عليها ، والإداوة التي يتوضأ منها ، وإذا بالباب يقرع قال: يا صبية! انظري من بالباب؟ خرجت ورجعت لتقول: رسالة لك من الوالي، من الوالي؟ محمد بن سليمان وأحضرت الرسالة، فتحت، وإذا بها "بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصبحك الله بما صبح عباده وأهل طاعته أما بعد، فإنه قد وقعت لنا مسألة فأحببنا أن تأتينا لنسألك !!! وقعت مسألة للوالي محمد بن سليمان فبعث برسالة إلى حماد بن سلمة! وقعت مسألة وأحببنا أن تأتينا فيها فاحضر، قال حماد لمقاتل: اقلب الصفحة، هاتي يا صبية الدواة ، أكتب "بسم الله الرحمن الرحيم، وصبحك الله بما صبح عباده وأهل طاعته أما بعد إنا أدركنا العلماء، وأنهم لا يأتون أحداً، إنا أدركنا العلماء وأنهم لا يأتون أحداً، وإذا كانت قد وقعت لك مسألة، فاحضر إلينا ، واسأل عما بدا لك ، وأحذرك أن تأتي في خيلك ورجلك ، فإني لا أنصحك بهذا ، بل تعال وحدك" ودفع بالرسالة الجوابية إلى حامل الرسالة ، وما مضت فترة- يقول مقاتل- حتى قرع الباب ، وخرجت الصبية لتتعرف، فإذا بها ترجع لتقول: يا شيخي! إن محمد بن سليمان بالباب !واذن له فدخل محمد بن سليمان الوالي ، ليجلس بين يدي الشيخ ، ثم قال له أسألك سؤالاً: قال: سل ! قال ما لي إذا نظرت في وجهك ملئت رعبا؟ ما لي إذا نظرت في وجهك ملئت رعبا؟ ذلك الجلال- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- جلال الحق الذي ملأ الخلايا ، خلايا النفس ! جلال الصلة بالله- جل جلاله- في مثل هذا الموقف! قال حماد: روى ثابت البناني قال: سمعت أنس بن مالك قال: سمعت الرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- إن العالم إذا أراد بعلمه وجه- الله عز وجل- هابه كل شيء، إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله- عز وجل- هابه كل شيء، وإذا أراد أن يكتنز به الكنوز هاب من كل شيء، قال الأمير: هاك هذا المبلغ أنفقه حيث تريد، قال: رده على من ظلمته منا ، قال: والله ما أعطيتك إلا مما ورثت! قال إزوعني هذا يا هذا، زوى الله عنك أوزارك!! الموقف الرباني- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-هو ابن أبي ذئب في مسجد المصطفى- عليه الصلاة والسلام- وجاء أمير المؤمنين المهدي- رحمه الله تبارك وتعالى- ودخل المسجد، فقام له كل من في المسجد إلا واحداً، هو ابن أبي ذئب! لم يقم ، فتقدم الوالي، والي المدينة إلى ابن أبي ذئب، وقال: قم، قال لم؟ قال أمير المؤمنين! قال: إنما يقوم الناس لرب العالمين ، وأراد أن يلح عليه بالقيام ، وإذا بالمهدي يقول: دعه! فوالله مذ أن وقع بصري على وجهه وقفت كل شعرة من شعرات رأسي، ودخل السلطان عبد العزيز إلى الجامع الأزهر، ومعه الخديوي إسماعيل ، ومروا هما والحاشية على حلقات العلم هناك في الأزهر، حيث تبنى النفوس بناءً ربانياً تتعرف به إلى الله- جل جلاله- تستكمل فيه النفس بأروع الإكمالات ، نظافة في الحس، ونظافة في المعنى، ارتقاء في الحس ، وارتقاء في المعنى ، خلق كريم ، وروح فياضة، وقلب مفتوح، وعقل ساطع!! أسطع من الشمس ، وإذا بواحد من العلماء في الأزهر قد أسند ظهره إلى جدار من جدره وقد مد رجله، فسارع الخديوي بالسلطان بعيداً لكي لا يرى ذلك الذي ما زال ماداً رجله ثم أشار إلى واحد من حراسه، فقال خذ هذه الصرة- يريد أن يختبر الشيخ- وضعها في يده، وأشار إليه، ذهب الرجل بالصرة ، ولما وصل إلى الشيخ أراد أن يعطيه إياها ، فقال: يا هذا! كف عني هذا، يا هذا كف عني هذا! وقل لمن أرسلك: إن الذي يمد رجله لا يمد يده. هؤلاء- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- سيجيبون بلسان فصيح بل، حالهم يجيب ، حين يسألون عن علومهم : ما الذي عملوه بما علمهم الله- تبارك وتعالى-

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين ، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

أما بعد أمة محمد عليه الصلاة والسلام!

فإن كل الأشعة الرائعة التي سطعت من شموس هذه المواقف إنما أخذت من شمسه- عليه الصلاة والسلام- إذ جاء زعماء قريش إلى عمه أبي طالب، وطلبوا منه أن يكف ابن أخيه عنهم، فإنه يأتيهم في ناديهم وعند كعبتهم فيسمعهم ما يؤذيهم ، وبعث أبو طالب عقيلاً ليبحث عن ابن عمه، عن الرسول- عليه الصلاة والسلام- وجاء رسولنا- عليه الصلاة والسلام- وقال: ما لك يا عم؟ ما بك يا عم؟ ما الذي تريده؟ قال: إن قومك قد أتوني وطلبوا مني أن أكفك عنهم ، لأنك تأتيهم .... ثم ذكر حجة أولئك ، حلق- عليه الصلاة والسلام- ببصره إلى السماء ، وقال: يا عم! والله ما أنا بأقدر من أن أترك ما أدعو إليه من أحدكم يوقد شعلة من الشمس!! وإن كانت هناك روايات تقول: قال :والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله- عز وجل- أو أهلك دونه!! أو كما قال- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.

عرفت الحق أيها الشاب المسلم ، فعليك أن تعض عليه بالنواجذ ، عرفت الكرامة فحذار أن تفرط فيها ، عرفت الضلال فعليك أن تحذر منه، عرفت الفساد عليك أن تتجنبه، وهذه كلها في إطار تربية الشباب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- سأطيل ، ولكني لن أطيل كثيراً، صورة رسمتها الآيات القرآنية فيها: فرعون يقف شامخاً بسطوته وعزته الكاذبة ، السحرة قد أتى بهم ليدعموا ملكه موسى- عليه الصلاة والسلام- وقف في وجه باطله، فكانت المعجزة عرفها السحرة ، فسجدوا لله- عز وجل- وأعلنوا إيمانهم بالله رب العالمين ، ماذا فعلوا: جاؤوا لينصروا الباطلن فعرفوا الحق ، فانحازوا إلى الحق ، ووقع الحق وبطل ما كانوا يصنعون! أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! " وألقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون " القرارات السريعة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- التي أصدرها الطاغية ! القرار الأول: " آمنتم له قبل أن آذن لكم "! ويلك ! يا ويحك يا فرعون 1 أتريد منهم أن يستأذنوك في أن يكفروا بك ، وأنت تتدعي الربوبية! أتريد منهم أن يستأذنوك ، وقد سطعت شمس الحقيقة في قلوبهم ، مما جعلهم يسجدون لله رب العالمين،" آمنتم له قبل أن آذن لكم " ثم نسب ذلك للمؤامرة ، فقال : " إنه لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون " لغة الحوار عند فرعون هي لغة البطش والعضلات ، ولك أن تتحدث الحديث العجيب العجاب إذا ما تحول العقل إلى الأرجل ، أو تحول العقل إلى العضلات ، أو تحول العقل إلى القوة "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" يطبق عليهم حد الحرابة "ثم لأصلبنكم أجمعين" الجواب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الذي أجاب به المؤمنون "إنا إلى ربنا منقلبون * وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ، ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين" وجاءت البطانة تشجع فرعون على الفتك والبطش "وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك" القرار "سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون".

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأقم الصلاة.