366 - خطورة اختيار الأصحاب
خطبة الجمعة    366 - خطورة اختيار الأصحاب
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد على ما هديتنا وأوليتنا وأعطيتنا، ربنا ولك الحمد على الإيمان والإسلام والقرآن، ربنا ولك الحمد حتى ترضى ربنا ولك الحمد إذا رضيت، ربنا ولك الحمد بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول:" يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

عائذ بن عمرو من صحابة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم جاء إلى مجلس عبيد بن زياد فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم) يريد أن شر الولاة أولئك الذين يحطمون الناس حطما (إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم) موعظة ! تنبيه ! لفت نظر لعبيد بن زياد ، بما قابل عبيد هذه النصيحة، قال : اجلس أنت من نخالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ! والنخالة هي الفضلة من القمح يرمى بها، قال : وهل في صحابة رسول الله نخالة، النخالة بعدهم ، وفي غيرهم .

وقال سيدنا علي- رضي الله عنه- لا تصحب الفاجر، فإنه يزين لك عمله ، ويود أن تكون مثله، لا تصحب الفاجر فإنه يزين لك عمله ، ويود أن تكون مثله، وأخبرنا فيما نقل العلماء محمد بن علي بن الحسين- رضي الله عنهم- وهم من أهل بيت المصطفى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- قال: وعظني أبي بل نصحني أبي ، فقال: يا بني ! لا تصحبن خمسة ، ولا تحادثهم ، ولا ترافقهم في طريق، يا بني لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق، قلت: فداك نفسي يا أبت ! من هم الخمسة؟ قال: لا تصحب فاسقاً ، فإنه يبيعك بلقمة أو أقل منها، قلت: يا أبت! وما أقل من اللقمة؟ قال: يطمع فيها ، ولا يحصل عليها، قلت: من الثاني؟ قال: لا تصحب بخيلاً ، فإنه يقطع بك من ماله ، وأنت أحوج ما تكون إليه، من الثالث؟ لا تصحب كاذباً ، فإنه مثل السراب يباعد منك القريب ، ويقرب منك البعيد، قلت: ومن الآخر؟ قال: لا تصحب أحمق ، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، ومن الخامس؟ لا تصحب قاطع رحم ، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله تبارك وتعالى، نصيحة يحدد به الوالد لولده من أولئك الذين يصحبهم؟ من أولئك الذين يصادقهم؟ من أولئك الذين يحبهم؟ من أولئك الذين يؤيدهم؟ من أولئك الذين نقف معهم في السراء والضراء؟ من أولئك الذين ندافع عنهم ؟

لا بد من الصداقات يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! لكل منا أصدقاء وأصحاب ورفاق ، إنما نرافقهم في دروب الحياة، فهل لنا من وقفة صادقة مع النفس نتحرى بها أولئك الذين ينبغي أن نعقد معهم عقد صحبة ، لنكون من أولئك السبعة الذين قال فيهم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-  " سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله " من من هؤلاء السبعة ؟ رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وافترقا عليه ، أو كما قال- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- .

المسألة ربما بدت لنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- سطحية بل ربما وجدنا أنفسنا أننا لسنا بحاجة إلى الوقوف قبالتها ! لا والله يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، الكثيرون اليوم من أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لم يحسنوا الصحبة، ولم يحسنوا محبة الناس، وذلك لأنهم ما وقفوا على تلك الصفات التي ينبغي أن يبنوا عليها صحبتهم وصدقاتهم، لو أننا تحرينا ذلك وسنجد أنفسنا في رحاب رياض كتاب الله عز جل الرياض المزهرة، سنجد أنفسنا في ميادين آيات القرآن الكريم، سنجد أنفسنا مع البصائر التي امتلأ بها كتاب الله تبارك وتعالى، سنجد أنفسنا مع الآيات البينات التي أكرمنا الله عز وجل بها، فإذا بها تتحرك في الأفق البعيد بعدما غاصت في أعماق الماضي لتجلي لنا بداية الخلق عرضت لنا من المشاهد ما هو من مشاهد يوم القيامة تلك المشاهد التي هي واقعة لا محالة إذ الذي أخبر عنها كتاب ربنا جل جلاله، كتاب الله الذي أنزل من أجل أن يصوغ العلاقات بين الناس، كتاب الله الذي أنزل ليكون منهج حياة يعمر الباطن كما يعمر الظاهر يبني الحياة وفق أسس راسخة تقوم على حقائق الايمان بالله عز وجل والايمان بلقاء الله تبارك وتعالى .

إذا ما عرضنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بعض هذه المشاهد وأترك لكم أن تتبعوا بقيتها وجدنا أنفسنا أمام خطورة من نصاحب، لمن نعطي المحبة، مع من نقف، من نؤيد، من نرفض، هذه كلها من الحقائق التي جاء بها كتاب الله تبارك وتعالى، إذا كنت من أولئك الذين أقبلوا على كتاب الله ليصوغوا به مواقفهم فما عليك إلا أن تشهد ذلك الحوار بل هناك حوارات حوار بين أهل الجنة ، وأهل النار ! وحوار إنما يمثله خطاب اولئك الذين قد وقفوا موقف الضلال والإضلال في هذه الدنيا سنجد أنفسنا أمام حالة من الندم المزري من الحيرة القاتلة من القلق الخانق أجل أجدني أمام ذلك الذي كان له صاحب كان له خليل أحبه محبة رخيصة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام حينما نحب الظالم وحينما نحب الأحمق وحينما نحب الفاسق وحينما نحب الصاد عن سبيل الله عز وجل

عقبه بن أبي معيط وأبي بن خلف على خلاف بين المفسرين منهم من جعل عقبة الذي يعض يديه ندماً ومنهم من جعله أبي بن خلف ولا فرق على الإطلاق بين أن يكون عقبة أو أبي فكلاهما إنما أفضى إلى الله جل جلاله ثم طويت هذه الدنيا ونشرت الآخرة فإذا بنا أمام ذلك المشهد الذي بدأه الله عز وجل بقوله " ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا * الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً * ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً "

"الملك يومئذ الحق للرحمن " الملك في هذه الدنيا كذلك " للرحمن " لكن هناك تضمحل الشوائب من شوائب الملك التي يظن معها من ملك- هنا-  أنه المتفرد في رعيته ، بل ،ويظن أنه في هذه الأرض يفعل ما يشاء ! يحطم من يشاء ! يذبح من يشاء ، يأسر من يشاء ! ينفي من يشاء ، يظلم من يشاء ! يسلب مال من يشاء ، أما هناك ، فتبدو الحقيقة في حلوق المستكبرين " الملك يومئذ الحق للرحمن " هناك ينادى :

" لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " تسقط الدعاوى هناك ،وتسقط كل المظاهر الزائفة التي سحرت الناس وتسحرهم ! أين الملوك ؟ وأين الجبابرة هناك ؟ انطفئوا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أين أولئك الذين تنمروا فاعترضوا على الله جل جلاله ، واقترحوا اقتراحات إنما نضحت بها نفوسهم المستكبرة ،  " وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا ملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتواً كبيراً * يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجراً محجوراً * وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً * أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً ".

نأتي إلى تلك الحالة التي عرضتها الآيات هي ليست حكاية ! وإنما هو مشهد حقيقي ، ليست خيالا وإنما هي حق من الحقائق الآخروية ، أما قال ربنا " ويوم  يعض الظالم على يديه " لا بد لنا من أن نشهد هذا العض، قال العلماء فعل عض يتعدى بنفسه ، ولكن هنا النص جاء بالفعل متعدياً " بعلى " يعض يديه أم يعض على يديه، قال يعض على يديه ، ليبين لك تمكنه من العض ، ولم يقل أصابعه، كما هي أساليب العرب في التعبير عن المتحير المتأزم القلق ! وإنما قال على يديه ، لا تكفيه يد واحدة وإنما كأنما أدخل يديه في فمه ! لك أن تتمثل هذه الحالة، ما جريمته؟ تعال اسمعها :

دعى زعماء قريش إلى طعام ، وكان من جملة المدعوين حبيبنا محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- لبى الدعوة ، لكنه أبى أن يأكل حين قدم الطعام ، فقال لمن دعاه : لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ما الذي يريده- عليه الصلاة والسلام- أراد أن يوظف مسألة من المسائل التي تحز في نفوس العرب يومها ، ذلك أن الضيف إذا لم يأكل من طعامك هذه سبة ، فأراد أن يوظفها- عليه الصلاة والسلام- لعل هذا يخرج من كفره إلى الإسلام، فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فأكل عليه الصلاة والسلام ، يا فرحة الحق بمن قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!!! وانفض المجلس وسمع أبي بن خلف بما كان من أمر عقبة ، فخاصمه وغاضبه ، هذا هو شأن الخليل إن كان فاجراً يصدك عن ذكر الله ، ويصدك عن الحق ، ومواقف الحق، أبى أن يرضى عنه، لن أرضى عنك حتى، حتى ماذا يا أبي؟ حتى تأتي محمداً فتكفر به ، ولو وقف هنا كان فاجراً ، لكنه أكمل فقال " وتبصق في وجهه " وفعلها عقبة ! هلك أبد الأبدين فجاء محمداً عليه الصلاة والسلام وأعلن كفره ثم بصق لكن البصقة رجعت في وجهه والله ، لأن وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام أكرم على الله عز وجل من أن يمس بمثل هذه الدناءة.

انطوت الدنيا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام وهناك بين الله عز وجل الحال "ويوم يعض الظالم على يديه" ما سر هذا العض يقول "يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً" قال العلماء الظالم هنا (ال) العهد أو هي (ال) الجنس ويمكن أن نعمل النوعين "ويوم يعض الظالم" عقبة بن أبي معيط هذا سبب النزول ويمكن أن نجعلها للجنس ليدخل كل ظالم، والقرآن ما أنزل لحقبة زمنية محددة وإنما أنزل إلى أن يطوي الله عز وجل هذه الدنيا طياً أبدياً، أنزل قرآن يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ولبعض آياته أسباب نزول ولكن أسباب النزول لا تحجم المعنى إن سبب النزول لا يلغي عموم المعنى على مر الزمان كما قرر العلماء.

وقد استمعت إلى متشدق من المتشدقين ألغى كل كتاب الله عز وجل وهو يتنشق ليقول إن هناك أسباب النزول ، ولو نظرنا في أسباب النزول لعطلنا كل آيات القرآن الكريم حيث إن قول الله عز وجل " ويوم يعض الظالم على يديه " نزلت لعقبة أما بقية الظلمة فلا يعضون ، وأقول ربما يعض آخرون من الظلمة على أرجلهم لكن النص متوهج أيما توهج ، ثم ألم يقل ربنا جل جلاله يبين سبب هذا العض "يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً " جاءت " فلانا " نكرة لم يقل عقبة ، أو أبي بن خلف، وإنما قال " فلاناً " لماذا جاء به نكرة ؟ ليدل على أن كل من أضلك لا سمح الله هو فلان، " فلان " كل ضال مضل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

أدرينا الآن خطورة الصحبة وخطورة الصداقة وخطورة الموقف ؟ من أدار رأسك وقد كان متجهاً للحق فإذا به يتجه للباطل لتؤيد الباطل فهو فلان ! وما أرجو لك أن تكون من أولئك الذين أخبر الله عز وجل عنهم نموذجاً " ويوم يعض الظالم على يديه ".

المشهد الثاني يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إنما يمثله موقف الضال المضل الذي له تلامذة وجنود ينتشرون في الأرض وما انقطع نسلهم ما زالوا قائمين بمناصرة الباطل ، يواجهون الحق ويصدمونه بما أوتوا من لسان أو من فكر أو من عضلات أو من طاقات أو من قوات " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل " هذا الخطاب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يتنصل فيه إبليس من أولئك الذين اتبعوه " إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم " جعل إبليس الآخرة في بعض الرؤوس خيالات وأوهاما ،زرع في عقول أتباعه ذلك ، ثم دعاهم إلى مقتضى الكفر بلقاء الله ، فاستجابوا!! هو له أن يزين الباطل وقد زينه ولكن الذين استجابوا له ما أن أشار إليهم حتى ركضوا خلفه يلهثون ، ثم بين أنه- هناك- لا يستطيع أن ينقذهم ولا يستطيعون أن ينقذوه "ما أنا بمصرخكم" بمنجدكم " وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل " هذا التنصل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام قررته الآية المباركة " وكان الشيطان للإنسان خذولا " كما خذل أتباعه في بدر حيث حشد الحشود وجاء بقرابة ألف من المشركين الضالين المضلين الوثنيين الذين جاؤوا ليطفئوا نور الله عز وجل ، جاؤوا يحادون الله ورسوله ، جاؤوا يصدون عن سبيل الله، جاؤوا ليرسخوا الوثنية فوق هذه الأرض، فما كان منه إلا أن زين لهم أعمالهم " وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني أرى ما لا ترون " أجل إبليس يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ظهر لأتباعه يقودهم أبو جهل في معركة بدر المعركة الفاصلة التي محق الله عز وجل بها الباطل ، التي ارتفعت بها للتوحيد رايات ، فكانت الفاتحة الكبرى في المعارك الإسلامية الفاصلة من بعدما تمثل لهم في صورة رجل هو مالك بن سراقة وقال لا تخافوا أنا أدعمكم بكل عشيرتي أنا معكم انضمت عشيرته إلى جيش الكفر والخزي والوثنية ، ثم لما تراءى الجمعان رأى إبليس الملائكة تتنزل وهو يرى ما لا يرى أولئك الذين عميت أبصارهم فقال  " إني أرى ما لا ترون " فانخذل عنهم وخذلهم وهذا هو شأن الشيطان دائما يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام .

ما رأينا الآن إذا ما كان الصاحب شيطانا بالباطن لكنه إنسي في الظاهر كيف نعلم هذا قال عليك أن تصحب الأتقياء الأنقياء أن تقرر معهم المحبة لتدخل في الحديث القدسي " وجبت محبتي للمتحابين فيّ ووجبت محبتي للمتزاورين فيّ ووجبت محبتي للمتناصحين فيّ ووجبت محبتي للمتبادلين فيّ " الذي يحب أخاه في الله المتحابون في جلال الله على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم النبيون والشهداء بمكانهم من الله جل جلاله.

أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! أختم بالمشهد الثالث ، والحديث مهم أيما أهمية أقل ما يقال فيه وقفة مع النفس نراجع الحسابات من أصدقائنا ؟ ما هواهم؟ ما مواقفهم ؟ ما أراؤهم ؟ أهم مع الحق أم مع الباطل ؟ إذا كان ذلك كذلك ينبغي أن نستحضر ما قاله عليه الصلاة والسلام " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " ولنستحضر ما ضربه رسولنا عليه الصلاة والسلام مثلاً للجليس الصالح والجليس السوء، فالجليس الصالح كبائع المسك، وأما الجليس السوء فإنما هو كنافخ الكير، وأنت خبير بأن الفرق لا يقاس بين بائع المسك ونافخ الكير! ذلك أن نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد له ريحاً منتنة هذا شأن الجليس الذي ليس في قلبه مثقال ذرة من تقوى يجرك إلى معصية الله تبارك وتعالى.

ومن هنا نرصد المشهد من خلال النصوص القرآنية " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " أين هذا في جنة الله عز وجل ؟ ما الذي حدث يا ترى ؟ أهناك محادثة بين أهل الجنة ؟ أي والله " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " عرض أحدهم موقفه استرجع بالذاكرة الدنيا وهناك أهل الجنة يسترجعون الذواكر يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام " قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أئنك لمن المصدقين * أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون * قال هل أنتم مطلعون" هذا الذي قص حكايته مع ذلك القرين الذي كان يوسوس له في صدره الذي كان يلقي في سمعه أتصدق بالآخرة ! عجيب أمرك أنا رجل عاقل والعقلانية دأبي وسبيلي ! أنا رجل علم وينبغي أن أقيم حياتي وتصوراتي وفق الحقائق العلمية وكأنما هو خبير في الذرة وخبير في الفلك وخبير في الفيزياء وخبير في الكيمياء مع أنه ربما لا يدري كوعه من بوعه من حقائق هذا الكون العلمية، " أئنك لمن المصدقين * أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون " أمحاسبون نحن؟ أتصدق هذا؟ وقطع الحديث ليقول " هل أنتم مطلعون " تعالوا حتى نرى هذا القرين حيث مات على الكفر

وهناك كوى كما قال العلماء يطلّ منها أهل الجنة على أهل النار أو كما قال العلماء ، الجنة كلها ، القدرة فيها ظاهرة ، والنظر إنما يعطى أقصى ما يمكن أن يعطى النظر فإذا بهم يطلعون، " فاطلع فرآه في سواء الجحيم " قال يعني من في الجنة وقد نجاه الله عز وجل بنعمة منه " تالله إن كدت لتردين " كدت أن تهلكني والله " ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين " ثم يختم الله عز وجل المشهد المثير، فيقول " إن هذا لهو الفوز العظيم "

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم واستغفروا الله العظيم

إن الحمد لله نحمده سبحانه وتعالى ونسترشده ونستغفره ونستهديه وأصلي وأسلم على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

وأذكر بقول الله تبارك وتعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

شأن الصحبة شأن عظيم ويكفي أن الصحابة الكرام وهم خير البرية بعد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام " خير القرون قرني " كما أخبر صلى الله عليه وسلم عليه أي أولئك الذين صحبوا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وأنتم تعلمون أن الصحابي من لقي المصطفى عليه الصلاة والسلام مؤمناً به ومات على الاسلام أما كونه يموت على الاسلام فهذا من باب اليقين بناءًً على الاستمرارية في الاسلام إلا من جاءنا أنه ارتد والعياذ بالله عز وجل ، سواء كان صغيراً أو كبيراً سواء امتدت صحبته للمصطفى عليه الصلاة والسلام أو قصرت، سواء روى عنه صلى الله عليه وسلم، أو لم يرو عنه سواء رآه من قريب أو من بعيد أو لم يره لعارض كالعمى كما في ابن أم مكتوم رضي الله تبارك وتعالى عنه، قيمة الصحابة في نظر المصطفى عليه الصلاة والسلام يجليها قوله (اللهَ اللهَ في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه) أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

ويكفي علامة على أهمية الصحبة أن الصديق وهو أرقى بني البشر بعد الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم باتفاق أهل السنة والجماعة الصديق قد جاء النص مكرماً له رافعاً من شأنه بوصف الصحبة (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) " إن الله معنا " أي مع الرسول عليه الصلاة والسلام ومع الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه، ولم يخرج الصديق عن معية الله، معية الحفظ والحماية والرعاية والتوفيق والتسديد ذلك أنه لما بويع بالخلافة بقي فيها سنتين وأشهرا معدودات ! ولكن الإنجازات يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام تكفي كثيراً من الذين يعيشون اليوم لو وزعت عليهم خلال مئة سنة.

ومن هنا وجدنا أنفسنا أمام أولئك الذين أقبلوا على الله جل جلاله فأقبل الله عز وجل عليهم لما سئل عليه الصلاة والسلام أي جلسائنا خير؟ هم سألوه ونحن نستمع إلى الإجابة " من تذكركم الله رؤيته " من تذكركم الله رؤيته " ومن يزيد في علمكم منطقه ، وفي الآخرة عمله " عمله له حال ربانية، قوله مضامينه ربانية  وجهه ينضح بالنور والإشراق أرأيت إلى السعيد كيف تبدو السعادة في وجهه أرأيت إلى الكئيب كيف ينضح وجهه كآبة.

عمرو بن ميمون من اليمن جاء مع معاذ رضي الله عنه إلى الكوفة أجمع من رآه أنه ما من أحد يراه إلا ذكر الله ، إذا رأوه ذكروا الله عليه الصلاة والسلام هناك من إذا رأيته تتعوذ بالله عز وجل من الشيطان الرجيم، إنسي في القالب وفي القلب شيطان مريد ! يدخل في قول الله عز وجل "واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه " يدخل فيمن أخبر الله عز وجل عنه أنه يوم القيامة يأتي به قرينه "وقال قرينه هذا ما لدي عتيد * ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع  للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلهاً آخر فألقياه  في العذاب شديد ".

الحسن البصري رضي الله تبارك وتعالى عنه من كبار التابعين كان إذا رؤي  ذكر الله تبارك وتعالى ، محمد بن سيرين مفسر الأحلام عرفناه على أنه مفسر الأحلام ولكن هنا حال آخر كان إذا مر بالسوق ما رآه أحد في السوق إلا ذكر الله جل جلاله وأخيراً يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : لمجلس أجالسه عبد الله بن مسعود أوثق  في نفسي من عمل سنة. لمجلس أجالسه !! نحن بحاجة لهؤلاء يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام كفى الدجل وكفى النفاق وكفى المسخ وكفى التزوير وكفى السحر الذي ينقلب على الساحر!! فإلى مجلس أجالسه عبدالله بن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة.

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً"، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

إجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، حفنا اللهم والمسلمين بألطافك الخفية واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً مباركاً معصوما لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً هبنا جميعاً لسعة رحمتك يا أرحم الراحمين

اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.