383 - في ابعاد الرفق والشدة
خطبة الجمعة    383 - في ابعاد الرفق والشدة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴿١﴾ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ ﴿٢﴾"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم!

إذا سمعنا ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن خلق كريم لعله يعتبر المفتاح لكل خير إذ قال فيه: ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، إن الله رفيق يحب الرفق وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه

إذا سمعنا ذلك يستدعي هذا السماع أن نتعرف إلى الخلق الآخر الذي يقابل الرفق ولا يناقضه ألا وهو الشدة، فنحن في حديثنا عن الرفق ما ينبغي أن نستغني عن الحديث على الشدة      

سفيان رضي الله تبارك وتعالى عنه يقول لأصحابه أتدرون ما الرفق؟ قالوا قل، قال الرفق أن تضع الأمور في مواضعها أن تضع الشدة في موضعها وتضع اللين في موضعه، أن تضع السيف في موضعه وأن تضع السوط في موضعه، ويعلق الغزالي رحمه الله  على قول سفيان فيقول: يفهم من هذا أنه لا بد أن يتشارك الرفق مع الشدة في نفس المكلف

دخل جماعة من يهود على الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهم مشهورون كما في كتاب الله عز وجل بتحريف الكلم عن مواضعه إذ كانوا يقولون للرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم" راعنا" ويقصدون بذلك الرعونة، فراعنا لا يقصدون بها الرعاية وإنما يقصدون بها الشتم والسب، دخل هؤلاء على المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقالوا السام عليك السام معناه الموت وهم يقصدون ذلك فقال عليه الصلاة والسلام "وعليكم" سمعت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ذلك فقالت السام عليكم يا أبناء القردة والخنازير ولعنة الله وغضبه !

الرسول عليه الصلاة والسلام بعث من أجل أن يسدد الأخلاق ويرقى بالقيم من أجل أن يصوب السلوك ليكون سلوكاً ربانياً ينسجم مع المهمة التي كلف الله عز وجل بها بني آدم، قال عليه الصلاة والسلام : مه يا عائشة أي اكففي يا عائشة، قالت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا؟ قال قد سمعت وقد أجبت فقلت" وعليكم"

ومن المعلوم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن الدعاء على الرسول عليه الصلاة والسلام بالموت كان من قبل أفواه قد تنجست بالكفر والنكران وحيث أجاب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هؤلاء بقوله" وعليكم" من البداهة أن دعاء النبي عليه الصلاة والسلام عليهم مستجاب أما دعاؤهم على الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فإنه لا يستجاب

ثم بين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم" أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه" يمكن أن ننطلق يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام لنتعرف إلى أن ميادين الرفق، الرفق الذي جاءت به شريعة الله عز وجل ودعت المسلمين إليه إنما يشمل كل ميادين الحياة، أن يرفق المعلم بالمتعلم، ورب العمل بعماله وقل ما شئت في كل شأن من شؤون العلاقات بين الناس

ومن هنا سمعنا الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يدعو" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به" ودعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام مستجاب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، هذا الدعاء يتعلق بكل من ولي أمراً من شؤون المسلمين ولو كانت ولايته منصبة على رجل أو رجلين فكيف إذا ما كانت الولاية عامة من شق على هذه الأمة فاشقق عليه، ومن رفق بهذه الأمة فارفق به

يمكن أن نتحرك الآن يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام مصطحبين الأمر الآخر الذي يتبدى في آيات كثرت في سورة الشعراء، ذكر الله عز وجل في سورة الشعراء الأقوام السابقين تناولت الآيات عاداً وثموداً وقوم نوح وقوم شعيب وقوم لوط وقوم إبراهيم عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، تناولت الآيات هؤلاء وكيف وقفوا في وجه الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ثم كيف أنزل الله عز وجل بهم بطشه وانتقامه

ومن الآيات التي تكررت في هذه السورة وجاءت خاتمة لكل مشهد من تلك المشاهد التاريخية التي كشف عنها كتاب الله عز وجل، فإذا بنا نراها بل إنا نرى موقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام من قومه وكيف دعاهم إلى الله جل جلاله وكيف نهى عليهم عبادة الأصنام دون الله عز وجل ثم لم نسمع آية في قوم إبراهيم وكيف أهلكهم الله، ولكنا وجدنا قوله تعالى "فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴿٩٤﴾ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥﴾"

أجل طويت الدنيا عن قوم إبراهيم لنشهد المشهد التالي وهو هؤلاء الذين استنكفوا عن عبادة الله، عبدوا الأصنام دون الله، عبدوا المال والجاه والسلطان دون الله، صدوا عن سبيل الله، قاوموا دعوة الله عز وجل، عاثوا في الأرض فسادا كما قال فيهم ربنا جل جلاله "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ﴿٦إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴿٨ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴿٩ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ﴿١٠ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ﴿١١ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴿١٢ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴿١٣﴾"

ثم قال "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴿١٤﴾"، بالمرصاد في القرن العشرين وفي القرن الحادي والعشرين وفي القرن الثامن والعشرين إن كانت هناك قرون بهذا العدد

بينت لنا الآيات كيف كان الاستقبال هناك على بوابة البرزخ، ليبين لنا ربنا جل جلاله أن هناك من طغى وتجبر لكنه رحل دون أن ينال العقوبة اللائقة بجرائمه وفساده وطغيانه ربما شيع يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بجنازات وراء جنازات ليس المهم ههنا من يودعه، المهم هناك من يستقبله "فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴿٩٤ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴿٩٥" لماذا جمعهم مع جنود إبليس؟ لأنهم كانوا أبالسة في التفكير وفي السلوك وفي الإفساد وفي الطغيان، ما الآية يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام والتي هي عجب من العجب؟

يختم الله عز وجل صفحة القوم الذين يحدثنا عنهم بقوله "وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٩" العزيز الذي يغلب ولا يُغلب، القاهر فوق عباده الذي أمره نافذ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وحيث ينزل انتقام الله تبارك وتعالى بمن ينتقم منهم يكون هذا مظهر انتقام وفي وجه آخر هو وجه رحمة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام للذين انتقم الله عز وجل لهم، ومن هنا "هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ" "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ" إذا ما أمهل ظالم لا يعني هذا أنه قد أفلت من عقوبة الله عز وجل، وحيث نرى من الآيات نرى فرعون وقد مد الله عز وجل له بين قولتين شنيعتين قال فيهما "مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي"، وقال في الثانية "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ﴿٢٤" فأمهله الله أربعين سنة ثم أخذه

نرجع سريعاً يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام من أجل أن نقف على حدث مع كونه عليه الصلاة والسلام من أرأف خلق الله وأكرم خلق الله وأرفق خلق الله بالخلق ومع ذلك قرر عقوبة ونفذت في العرنيين، من هؤلاء؟ كانوا ثمانية جاؤوا إلى المدينة المنورة أعلنوا إسلامهم فآواهم عليه الصلاة والسلام ورحب بهم وأكرم نزلهم، طعام وشراب وإيواء ثم بعد ذلك قالوا: يا رسول الله إن قوم أهل بادية وإنا قد استوخمنا المدينة، يريدون أن يخرجوا من جو المدينة فأعطاهم عليه الصلاة والسلام إبلاً ومعها الراعي الذي هو مولاه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

ذهب يسار ومعه العرنيون خارج المدينة المنورة، ما الذي كان هناك؟ رجعوا إلى الكفر ولو رجعوا فحسب لقلنا قوم أسلموا ثم ارتدوا، لكنهم أبوا إلا أن يستاقوا معهم الإبل سرقة، لو قلنا لو أنهم اكتفوا بالردة والسرقة لقلنا ردة وسرقة، قتلوا يساراً ولو قتلوه فحسب لقلنا هم قتلة فجرة، وهم قد سرقوا وارتدوا، أتدرون ماذا فعلوا بيسار؟ قتلوه قطعوا أوصاله

العرنيون يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، يمثلون صنفاً من الناس ما تعرف قلوبهم الرحمة بدليل قتلتموه فدعوه مقتولاً، لماذا تقطعون أوصاله؟ لو أنهم قطعوا أوصاله فحسب لقلنا هم في بواطنهم وحوش، وفي ظواهرهم ربما كانوا يشابهون البشر، ماذا فعلوا؟ أتوا بالشوك وغمسوا الشوك في عين يسار وهو حي يرزق سملوا عينيه قطعوا أطرافه سرقوا الإبل وانطلقوا

وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فبعث وراءهم عشرين من فرسان الصحابة، وقال اللهم عمي عنهم الطريق واجعله كمسك الناقة أي ضيق عليهم، ووصل الفرسان إلى أولئك بعدما ضيق الله عز وجل عليهم ورجعوا بهم إلى المدينة المنورة، القتل بالقتل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وسمل الأعين بسمل الأعين

ومن هنا سمل أعينهم كما سملوا عيني يسار، قطعت أطرافهم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام كما قطعوا أطراف يسار، وقد وقف العلماء أمام هذا فقالوا جاءت الأحاديث تنهى عن التمثيل في الجثث، فلم يا ترى سملت أعينهم؟ قالوا هذا ليس من باب التمثيل، نهى عن التمثيل وقد مضت سنته على ذلك وما كان يبعث بسرية إلا ونهاها عن أن تمثل أو تغدر ولكن المسألة ههنا مسألة قصاص، العين بالعين يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أيعتبر هذا رفقاً؟ هذه شدة! وقد بين الله عز وجل من صفات الصحابة أنهم "أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا"

ومن هنا نقول يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

وضع الندى في موضع السيف بالعلى

مضر كوضع السيف في موضع الندى

هذا قدمته لئلا نأخذ بالكلام إلى الوجه الخطأ فنجعل الرفق هو وحده الذي نتعامل به دون الشدة التي قد نضطر إليها ، وتأتي دواء وعقابا ، وردعا !حيث سنقرر كثيراً من المواقف الرائعة التي يتجلى فيها الرفق ونتبين بذلك أثاره في المجتمع، فيما بيننا العلاقات التي تقوم فيما بيننا ينبغي أن تبنى على الرفق حيث تعلم الجاهل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أو حيث تنهى عن منكر من المنكرات، هذا كله يستدعي أن تنهى عن المنكر برفق، وأن تعلم الجاهل برفق، وقد واجه عليه الصلاة والسلام مجتمعاً جاهلياً تمثلت فيه جاهليتان، جاهلية بها يفتقد العلم وجاهلية بها ينعدم الحلم، ومن هنا واجه عليه الصلاة والسلام الجاهليتين بالتعليم وبإرساء مبادئ الأخلاق الربانية ومنها الرفق

السيدة عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها كانت على ناقة كأنما كانت صعبة المراس أو كانت صعبة المراس كانت تسوقها ولا تمشي فإذا بها تضربها فقال لها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:" إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه إن الله رفيق يحب الرفق" وبين عليه الصلاة والسلام" أن الله تعالى يعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف" مشهد أبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يصوبه، تريد أن تسوق الناقة بعنف فأبى عليها رسولنا عليه الصلاة والسلام ذلك!!

ثمامة بن أثال من بني حنيفة، زعيم من زعماء بني حنيفة قوم مسيلمة انطلق ومعه جماعة على المسلمين في الحديبية يريدون قتل الصحابة وقعوا في الأسر جميعاً، وقد أسر ثمامة أخذوه إلى المدينة المنورة وهناك في المسجد النبوي الذي كان عليه الصلاة والسلام يشرف فيه على تربية الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم وهو عليه الصلاة والسلام كما قال فيه الباحثون هو أكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بني آدم على الإطلاق بل هو أرقى بني آدم خُلقاً، هو يدري كيف يكرم عزيز قوم ذل وغريب قوم ضل، ومن هنا أمر أن يربط ثمامة بسارية من سواري المسجد، ربط ثمامة وأخذ الصحابة يتعهدونه بالطعام لطف ورفق ما بعده لطف ورفق، يوم ويومين وثلاثة قال لهم عليه الصلاة والسلام: أطلقوه!

أطلقوا ثمامة، انطلق إلى أقرب بستان فاغتسل ثم رجع فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، والله يا رسول الله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي منك ومن وجهك فأصبح وجهك أحب إلي من أي وجه، وما كان دين على الأرض أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب إلي من كل دين، وما كانت بلد أبغض إلي من بلدك فأصبحت بلدك أحب إلي من كل بلدان الأرض أو كما قال رضي الله تبارك وتعالى عنه

ما هذه الثمرة؟ ما هذه النتيجة؟ إنها المعاملة بالرفق فإذا كنا نتعامل مع مشرك بالرفق فأدى هذا إلى هذه الثمرة اليانعة الرائعة فحدث ولا حرج إذا ما شاع الرفق فيما بيننا تعاملاً، رفق بالأقوال ورفق بالأحوال ورفق بالأعمال

رأى أحدهم رؤيا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا يجلي لنا القول الرفيق الذي أعطي من قاله رفقاً بالقول رأى أن أسنانه قد تطايرت جميعها فسأل من يعبر له الرؤيا قال له تطاير الأسنان يعني جميع أهلك يموتون هذا التعبير، فضاق صدره من ذلك، فسأل آخر قال تطاير الأسنان يعني أنك تكون آخر أهلك موتاً فرضي وانشرح صدره، ولو بحثت في العبارتين لوجدت المعنى واحداً، الأول جميع أهلك يموتون والثاني أنت آخر أهلك موتاً أي يموت الجميع، لكنه ما قال يموت أهلك قبلك، هذا رفق في القول أي طلب منا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن نحسن القول ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً

نجد أنفسنا يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أمام ذلك الأعرابي الذي جاء النبي عليه الصلاة والسلام يستعينه بشيء فأعطاه، ثم قال له أوفيت يا أعرابي؟ قال لا ولا أجملت، فدارت عين الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم فكفهم عليه الصلاة والسلام عن كل ما جال في خواطرهم إزاء هذا الفظ الغليظ الذي قال لا ولا أجملت، ثم ذهب إلى بيته عليه الصلاة والسلام واستدعى الأعرابي فأعطاه شيئاً، قال له أأحسنت يا أعرابي؟ قال أحسنت وجزاك الله خيراً، قال إنك قلت قولاً سمعه أصحابي فكان في صدورهم منه شيء فهلا قلت هذا القول أمامهم ليذهب ما في صدورهم، يريد أن ينقي عليه الصلاة والسلام الصدور ورجع ذلك الأعرابي إلى الصحابة فقال جزاه الله كل خير أعطى وأحسن وأجمل، مضى الأعرابي

الدرس هنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يمثله قوله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت منه فركض الناس وراءها اتبعها الناس فزادوها نفورا فقال صاحب الناقة عليكم أنفسكم، كفوا! هي ناقتي وأنا أعلم بها أعرف منكم بها، فأخذ شيئاً من قمام الأرض ثم استدعى الناقة فلما رأت ما بيده أقبلت فأخذها ووضع الخطام فيها ثم استوى على ظهرها، مثلي ومثل هذا كمثل ذلك الرجل الذي له ناقة فشردت منه لو أني أذنت لكم أن تقتلوه فقتلتموه لمات وكان في النار

ويعلق العلماء على هذا فيقولون إن القمامة ههنا إنما يستذل بها كثير من الناس الذين لا يعرفون إلا قمامات الأرض وعلى هذا الدنيا بكل حذافيرها  يمكن أن تبذل من أجل زرع الرضى في قلوب أولئك الذين لا يرضون إلا إذا أعطيتهم وذلك بما تستطيع

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

ما الرأي يا ترى في رجل دخل المسجد ثم بال فيه؟ نحن لا نتكلم الآن عمن يخربون بيوت الله، ولا عمن يمنعون بيوت الله عز وجل أن تؤدي وظيفتها، نتكلم عن رجل يدخل المسجد فيبول فيه، أعرابي دخل المسجد والرسول عليه الصلاة والسلام مع الصحابة فبال في المسجد صاح الصحابة بصوت واحد مه مه، ذلك أنه منكر من المنكرات، كيف يبال في المسجد؟ فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال لا تزرموه أي لا تقطعوا عليه بوله، ذعر الأعرابي لما صاح فيه الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم، ولكنه هدأت نفسه حينما سمع الرسول عليه الصلاة والسلام لا تزرموه، ثم بعدما انتهى قال عليه الصلاة والسلام صبوا على بوله سجلاً من ماء أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

جاء الأعرابي حادثته تلك تحتاج إلى تربية وإلى توجيه كان بالإمكان أن يهاجم أو يضرب، ولكن ما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك وإنما استدعاه وقال إن المسجد إنما بني لذكر الله وإقام الصلاة وقراءة القرآن ولا يصلح المسجد لمثل هذا، أي لمثل بول ذلك الأعرابي، علم الرسول عليه الصلاة والسلام الأعرابي آداب المسجد إذا لو كان يدري ما آداب المسجد لما فعل ما فعل

إنكار الصحابة كان له وجه صحيح يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أسلوب التعامل مع ذلك الذي بال في المسجد إنما رقى ذلك الأعرابي فما عاد إلى فعلتها ثانية، ولكنه بقي في نفسه شيء لما اقترب من المصطفى عليه الصلاة والسلام دعا الله عز وجل قال اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً! ذلك أن الصحابة كانوا قد أذعروه خوفوه أرعبوه 

اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، الرسول عليه الصلاة والسلام انتقل من تعليم إلى تعليم، التعليم الأول أن بيوت الله لا تصلح للنجاسات والتعليم الثاني لقد حجرت واسعاً إذ رحمة الله عز وجل وسعت كل شيء، فإذا ما قلت اللهم ارحمني ومحمداً هذا سائغ لكن ولا ترحم معنا أحداً لون من ألوان تحجير رحمة الله تبارك وتعالى

ماذا تقولون يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام هذه كلها مشاهد تعليمية من مدرسته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لنحسن التعامل فيما بيننا وبين أنفسنا وبين أهلنا وبين أبنائنا وبين بناتنا وبين أحبابنا وبين أصحابنا وبين الغرباء منا

لذلك نجد أنفسنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، الرسول صلى الله عليه وسلم جالس يأكل، مرت امرأة كانت ترافث الرجال أي كان لسانها يتحرك حركات غير منضبطة وتكلم الرجال دونما حياء، فلما مرت بالرسول عليه الصلاة والسلام ورأته، قالت انظروا انظروا إنه يجلس كما يجلس العبد ويأكل كما يأكل العبد

فقال عليه الصلاة والسلام وأي عبد أعبد لله مني؟ هي تتكلم عن المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي بلغ "قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ﴿٩"، قالت انظروا يجلس كما يجلس العبد، ويأكل كما يأكل العبد، قال: وأي عبد أعبد لله عز وجل مني؟ قالت: تأكل ولا تطعمني، أطعمني قال كلي قالت أريدها من يدك فأعطاها لقمة، قالت لا أريد اللقمة التي في فيك، أي في فمك وكان النبي عليه الصلاة والسلام الريق الطاهر قد مس تلك اللقمة، أخذتها المرأة فوضعتها في فمها والله قد تملكها حياء بعد ذلك فما رافثت الرجال حتى ماتت

الموقف عظيم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام وإن بدا لنا أو لبعضنا أنه ساذج أي بسيط هو عميق عمقاً لا يقل عن عمق ذلك الموقف الذي جاء فيه شاب فقال والصحابة جلوس يا رسول الله إإذن لي بالزنى؟ هو يريد زنى مشروعاً هو يدري أن الزنى حرام، ولكنه أراد أن يستأذن مطلب خشن يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، لا يليق بمجالس العلماء بلها الرسول عليه الصلاة والسلام، إإذن لي بالزنا؟ فقال له الصحابة صه أسكت، فمنعهم عليه الصلاة والسلام أن يتابعوا، قال: ادن فدنا ذلك الشاب الذي يستأذن بالزنى، قال أترضاه لأمك؟ قال لا، قال والناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لإبنتك؟ لا، والناس لا يرضونه لبناتهم، أترضاه لأختك؟ والناس لا يرضونه لأخواتهم، أترضاه لعمتك، لخالتك؟ أتدرون لماذا عمم؟ من أجل أن يبين أن الزنى "فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٣٢"

ومن هنا يتبين أن من يريد أن يزني بامرأة هي إما أخت او بنت أو خالة أو عمة، فأثار به الفطرة التي تأبى أن يعتدى على عرضها لما بين له ذلك وضع عليه الصلاة والسلام كفه في صدره وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه والله ما عاد يشتهي ما كان يشتهي بعد ذلك

هذه التربية يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام تربية بالرفق قالوا إن النصيحة تعني في مضامينها أن المنصوح إنما أتى بفعل يسيء، حيث تقول له يا أخي إنك تفعل كذا وكذا معنى ذلك أنك تذمه في الحقيقة أو تنتقصه في الحقيقة

ومن هنا قال العلماء النصيحة كالدواء المر، والدواء المر حتى  يعبر عبر الذوق ينبغي أن يغلف بالسكر من أجل أن تستحلى تلك النصيحة ينبغي أن تغلف بمقدمات لطيفة فيها تقريب وفيها تأخير وعلى هذا وجدنا أنفسنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام نماذج من الناس، وينبغي أن نبحث في أنفسنا من أي هذه النماذج نحن؟

أولاً: الناس يختلفون في قوة الاستعداد لاستقبال المؤثرات، إنسان تثيره التوافه فإذا به يرعد ويجلد كأنما مسته صاعقة من كهرباء يلعن ويطعن ويشتم ويعدو ويقرر قل ما شئت أنت في هذا

وأناس كأنما أعدوا أنفسهم لاستقبال الشدائد فكلما ازدادت الشدائد عليهم غماً وضيقاً إذا بهم يشمخون كالجبال الراسيات بل يقابلون الشدائد مهما اشتدت برابطة جأش ما بعده رباطة وهذا كله يرجع إلى العصمة التي تتمثل في حقائق الايمان وأننا راجعون إلى الله، وأن الله عز وجل قد أثنى على أولئك الذين يمسكون غيظهم "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٣٤﴾"

يقول عليه الصلاة والسلام يصنف الناس هناك إنسان بطيء الغضب بطيء الأوبة، وهناك إنسان بطيء الغضب سريع الأوبة، وهناك إنسان سريع العضب وسريع الأوبة، وسريع الغضب وبطيء الأوبة، هناك إنسان ما أسرع ما يغضب وإذا ما غضب ما أبعد ما يرضى، سريع الغضب بطيء الرضى وهذا لعله من الأصناف التي تذمها شريعة الله عز وجل، أما من كان غضبه بطيئاً، وإذا ما استرضي رضي بسرعة هذا من القمم يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين! وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه فإنه قال لنا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٢﴾"

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

الرجل الشامخ الهادئ الوديع الذي لا يكاد يظهر له ظل في عهده عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذي كما قال العلماء فيه كان أبعد ما يكون عن الظهور مع علو مكانته من قلب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ظهر فجأة رضي الله تبارك وتعالى عنه لما انتقل عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى ووقف وقفته تلك التي حولت التاريخ ليكتب عنه سطوراً مشرقة عمر فيها الأرض بالخير والسداد دافع فيها عن منهج الله عز وجل دفاع المستميت وقف في وجه الردة فأطفأ نيرانها في الجزيرة العربية وأرسل تلك الجيوش من أجل أن تفتح الفتوح الاسلامية الربانية

أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه بدأ عهده بخطاب من جملة ما قاله فيه" إني وليت عليكم ولست بخيركم" هو خير الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم ولكنه ههنا يبين أن الخيرية لم ينلها بالخلافة لأنه كان الخير والأفضل قبل الخلافة، ليبين أيضاً أن الخلافة إنما هي وظيفة لولا أن تبعات دينه وايمانه اقتضته أن يقوم بها لما قام بها، وكم من مرة قال:" أقلتكم بيعتكم! فقالوا: لا نقيلك ولا نستقيلك،" وليت عليكم ولست بخيركم" ثم وضع المنهج كلمات قليلة، كما يذكر في بعض الأحيان أنه ألقى كلمة لمدة دقيقتين لكن عليك أن تفحص هذه الكلمات التي أخذت دقيقتين" فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الضعيف فيكم قوي عندي حتى أخذ له الحق والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم" !

أتدرون ما أول قرار أنفذه رضي الله عنه؟ هو أن بعث جيش أسامة ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قبل إنتقاله إلى الرفيق الأعلى عقد لأسامة ليرسله إلى مؤته حيث استشهد أبوه ومعه مجموعة من الصحابة الكرام رضي الله تبارك وتعالى عنهم، توقف بعث أسامة لأن الرسول عليه الصلاة والسلام انتقل إلى الرفيق الأعلى، أول قرار أمر بإنفاذه أن أنفذوا جيش أسامة، وقد نصحه الصحابة وقتها يا خليفة رسول الله نحن بحاجة لجيش أسامة أن يبقى في المدينة لأن الردة قد انتشرت في الجزيرة العربية ونيرانها تأجج من قبل الباطنية العالمية والمجوسية العالمية والصليبية العالمية، ولكنه أبى" ما كان لي أن أحل لواء عقده الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم "

عزمة صديقية هنا ما ينبغي أن يعامل الحالة التي وضع فيها هو والصحابة بما يسمى بالرفق يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما العزمة الصديقية التي تأبى إلا أن تطبق دين الله عز وجل، أمر بمقاتلة مانعي الزكاة وما رضي من بعض الصحابة إذ عرض عليه أن يرفق بهم وأن يأخرهم كي يقضى على المرتدين لأن الردة جريمة أكبر من جريمة منع الزكاة، أينقص الدين وأنا حي

نحن بحاجة للرفق يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام في شؤوننا كلها وبحاجة إلا أن نقف وقفة كما قالوا مضرية إن صح التعبير أمام ما يمس دين الله تبارك وتعالى، الرسول عليه الصلاة والسلام عفى عمن تسلل إليه ليقتله وأخذ سيف الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال من يمنعك مني يا محمد؟ قال الله فسقط السيف من يد ذلك المتسلل، أخذ السيف وقال ومن يمنعك مني؟ قال يا محمد كن خير آخذ، قال تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قال لا ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك ولا أكون مع من يقاتلك قال اذهب، الرسول عليه الصلاة والسلام عفى عنه، أنت لك أن تستحضر اليوم محاولة اغتيال حقيقية وليست مكذوبة ومع ذلك ما الذي يجري يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

وعفا عن فضالة بن عميرإذ كان يطوف عليه الصلاة والسلام بالبيت العتيق ومشى وراءه فضالة يريد أن يقتله، إلتفت فقال أي فضالة ما الذي تحدث به نفسك؟ قال فتصنعت الابتسام، قلت لا شيء يا رسول الله أذكر الله فتبسم عليه الصلاة والسلام، جاء ليقتله وقال ما الذي تحدث به نفسك؟ قال لا شيء أذكر الله، إقترب فوضع كفه في صدري قبل أن يرفعها والله ما كان على وجه الأرض أحب إلي من محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، عفى عنه وإلا كان بالإمكان أن يشير بعينه إلى الصحابة من أجل أن يمحقوه محقاً

ومع ذلك جاء أسامة حب النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أرسلته قريش ليكلم الرسول عليه الصلاة والسلام في المرأة المخزومية التي سرقت وأراد عليه الصلاة والسلام أن يقيم عليها الحد، قال له عليه الصلاة والسلام أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم صعد المنبر فقال أيها الناس إن ما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، إذا لم يغضب لشريعة الله عز وجل ويغضب لنفسه إذا ما شتم ، معنى ذلك أنه هناك خللاً يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

إذا كان الإيذاء ينصب على جسدك على نفسك خاصة لك أن ترضى لك أن تصفح لك تعفو وهذا الأقرب هذا هو الفضل الذي دعتنا إليه شريعة الله عز وجل، ولك أن تأخذ بحققك كما أذيت وهذا هو العدل، فقد جاءت الشريعة بكل من الفضل والعدل، أما إذا كان الأمر يتعلق بانتقاص هذه الشريعة وبالصد عن سبيل الله عز وجل فهنا ما يصح أن تتبلد المشاعر يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦"، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

اللهم ربنا اجعلنا هادين مهديين لا ضالين ولا مضلين سلماً لأوليائك وحرباً على أعدائك، نحب بحبك من أطاعك ونعادي بعداوتك من خالف أمرك. اللهم ربنا اجعلنا أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك

اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة