399 - في آفاق العناية بالصلاة
خطبة الجمعة    399 - في آفاق العناية بالصلاة
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

الحمد لله  ثم الحمد لله الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد  أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله تبارك وتعالى يقول:"يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور* إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

لعل المنطلق سيكون من كابول ! تلك المدينة التي أصبحت فيما بعد عاصمة أفغانستان ، الذي أوقفنا على كابول ما جاء في صفة الصفوة لابن الجوزي في المجلد الثالث ، حيث وجدت ترجمة لواحد من الصالحين الذين نحن بأمس الحاجة إلى أن نقرأ حياتهم حرفاً حرفاً ، وكلمة كلمة ، وموقفاً موقفاً ، وبين يدي ذلك، ذلك الذي استدعى نفسه من الليل ، فقال : يا نفس قومي فقد نام الورى ... واصنعي الخير فذو العرش يرى، يا نفس قومي فقد نام الورى واصنعي الخير فذو العرش يرى !

سلوك ، إنما هو زهرة من حدائق الحقائق الإيمانية ، الله- تبارك وتعالى- يرى ، ونحن نظهر من أنفسنا ما يحبه الله- جل جلاله- " واصنع الخير" ومع ذلك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- باقة ، لعلها إذا ما قرأناها قراءة صحيحة ، أوقفتنا على عمق المكر الذي يكيده أعداء الله- تعالى- لهذه الأمة !! والذي هدفه أن تقصى هذه الأمة عن شريعة الله- جل جلاله- أن تقصى عن الدين الذي ارتضاه الله- عز وجل- لنا ! تقصى عن مصدر قوتها ، تقصى حيث تسد السبيل إلى الله- جل جلاله- من حيث التطبيق العملي ، ولعل من الطروحات التي طرحت ، وما أدري لماذا يسكت عنها ، خاصة من أولئك الذين قد أوتوا شفافية  قلبية !! هكذا يقولون !! أوتوا بصائر، هكذا يزعمون ،هي صورة أن الشعب " يحكم نفسه بنفسه لنفسه " أطروحة هي عين الجاهلية- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- دعك- الآن- من كونها خداعاً من أخبث الخداعات ! لكنها في مرماها تعني أنكم أيها الشعب الكريم الذي نستحضره ، أو لا نستحضره ، بل ونستحضر أوراقه عند صناديق الاقتراع ، نستحضره من أجل أن يصفق لنا ، ثم بعد ذلك سنحكم باسمه! حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه من نفسه ، يعني أن الشعب هو مصدر التشريع- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الشعب بكافة ألوانه وأطيافه كما يقولون ، ثم كل القرارات التي تصدر باسم الشعب هي صدرت بالحقيقة من قبل الذين أصدروها ، ولا علاقة- لا من قريب ولا بعيد- للناس بها ، مع أنها صدرت باسمهم !! إلا ثلة ربما يقربون من أجل إحكام مكيدة الدجل الذي يدجل به على هذه الأمة !!!.

نحن- المسلمين- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! عقدنا مع الله- عز وجل- عقد الإيمان ، فشهدنا أن لا إله إلا الله ، وشهدنا أن محمداً رسول الله- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وبهذا بينا بالشهادتين : الأولى " أنه لا معبود بحق إلا الله " فنحن العابدون لله- عز وجل- وحده ! وهو سبحانه- وحده- الذي يستحق العبادة، والعلاقة بيننا وبين الله- عز وجل- علاقة عابد بمعبود، علاقة مخلوق بخالق ، علاقة مرزوق برازق ، وهذه العلاقة تقتضي- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن نسلم لخالقنا- جل جلاله- بكل ما شرعه لنا.

فالمصدر الشعب- في رأي هؤلاء- يحكم نفسه ، لا الشعب تحكمه أحكام شريعة الله- تبارك وتعالى- تلك الشريعة التي منها الأيدي المتوضئة ، هم لا يريدون الأيدي المتوضئة !! يريدون من الأيدي تلك الأيدي التي تمتد إلى أموال الناس لتغتصبها ،بألف طريقة وطريقة !! فإذا ما ذكرهم مذكر بأن حد السرقة هو " قطع اليد " قالوا: الحمد لله ! وما أدري لماذا حمدوا الله ههنا !!ثم تبين أنه حمد على أنه  قد نصصوا في الدستور أن الشعب يحكم نفسه بنفسه لنفسه ، ولكي لا نقع في هذه الأحابيل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- نرى أنفسنا أمام شريعة الله الخاتمة الناسخة غير المنسوخة التي حفظها الله- عز وجل- في مصدريها في كتاب الله- عز وجل- وسنة المصطفى- عليه الصلاة والسلام- والتي قيض لها الله- عز وجل- آلافاً من العلماء الربانيين ، دعك من العلماء غير الربانيين ، دعك من علماء الدنيا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- قيض لها الآلاف من العلماء ، فإذا بهم ينهلون من مناهل كتاب الله- عز وجل- ويقتطفون اقتباسات بعد اقتباسات من شمسه- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- !!التي ما تركت شاردة ولا واردة إلا بينتها ،إذ ما من خير إلا دل عليه شرع الله- عز وجل- ودعا إليه ، والذي دل عليه ودعا إليه هو الحبيب- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- بما أوحى الله- عز وجل- إليه من القرآن ، وبما وفقه الله- تبارك وتعالى-  إليه من السنة ، وكان السباق- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إلى ميادين الخيرعلى أشده في كل ميادين الحياة الكريمة !! وما تركت شريعة الله من شر إلا حذرتنا منه ، ونأت بنا عنه ، ونحمد الله- تبارك وتعالى- على ذلك ، ثم هي بنت النفوس من الباطن ، ومن الظاهر، من الباطن عمرتها بحقائق الإيمان ، فنشهد لله- عز وجل- بالربوبية ، ونشهد لله- تبارك وتعالى- بالصفات الكاملة ، ونشهد لله- تبارك وتعالى- بأسمائه الحسنى ، ونشهد أن الله- عز وجل- هو بديع السموات والأرض ، ونعلم علم اليقين أننا سنعرض على الله- جل جلاله- كما قال في محكم كتابه:  "...يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " وقال : "وعرضوا على ربك صفاً لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة " أجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- آمنا بالله- عز وجل- وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وآمنا بالقضاء والقدر خيره وشره من الله- تبارك وتعالى- وآمنا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، وسألنا الله- عز وجل- مع هذه الحقائق أن يثبت أقدامنا على الصراط المستقيم الذي هو شرع الله- تبارك وتعالى- والذي سبقنا فيه الذين أنعم الله عليهم !!

وعرفنا أنا مواكب الرسل- عليهم الصلاة والسلام- مواكب الصديقين ، والشهداء والصالحين ، قد سبقونا إلى الله- جل جلاله- وقد رأينا أن الله- تبارك وتعالى- قد حذرنا من "صراط المغضوب عليهم" ومن "صراط الضالين" هذه المعاني كلها إنما تجمعت على أروع تجميع في سورة الصلاة ! أي: في سورة الفاتحة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- !!.

ومن الدقائق العجيبة في هذه الشريعة الربانية أنهم قالوا: لا يسوغ للتاجر إذا ما جاءه صاحبه ليشتري منه سلعة يبيعها للناس ، فإذا به يهمس في أذن صاحبه : ما عندي من بضاعة لا يصلح لك !!ينصحه !! أتتصورون أن هذه الشريعة قد دخلت في هذه الدقائق ؟ هم يريدون إلغاءها ، يريدون إبعادها عن ممارسة صياغة الحياة ! يريدون إقصاءها حتى لا ينعم بها المجتمع ! ويسجلون ويسجلون- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-أن الشعب يحكم نفسه ! ما أدري والله كيف يحكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه ؟ عن أي شعب يتكلمون ؟ عن أولئك الذين يصرخون تأييداً قبل أن يقرأوا حرفاً مما يشيدون به !! وربما لا يجيدون القراءة أصلاً !! شريعتنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- شريعة ربانية قائمة على مراقبة الله- جل جلاله-في كل الأحوال ! ولذلك قالوا: هذا التاجر الذي جاءه صاحبه ليشتري فإذا به يقول لا تصلح لك هذه البضاعة ، نقول له : كيف تمنعها عن صاحبك ، وتبذلها للمسلمين ؟؟ أليس المؤمنون أخوة ؟ أتريدون أخوة التراب- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أخوة الضلالة ، أخوة الدجل ، أخوة النفاق ؟ "إنما المؤمنون أخوة" عقد من الله- تبارك وتعالى- قد قرره في القرآن ، وعليه ، فالنصح لهذه الأمة واجب على كل مسلم، الدين النصيحة ! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، نحن نريد بهذا أن نكشف عن دقائق هذه الشريعة ليتبين أنها قد غطت حتى هواجس النفوس !! .

سمع عامر بن عبد قيس أصحابه يتحدثون عن الضيعة في الصلاة ! على معنى أنهم لا تحضر قلوبهم في الصلاة، يتحدثون عن أن قلوبهم لا تحضر في الصلاة ، ولعل هذا يلتقي وإن كان الزمن مبكراً مع ما جاء من خبر أن أول ما يرفع من هذه الأمة الخشوع ،  حتى لا ترى لله خاشعاً واحداًحيث تدخل المسجد ،هي أجسام تتحرك ،و أين القلوب ؟ يصلي ببدنه ، ولا يصلي بقلبه! وقد جاء في الآثار الإلهية أن الله- عز وجل- أوحى إلى نبي من الأنبياء : يا فلان ! إذا قمت إلى الصلاة ، فأعطني من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع،ويقول سيدنا عمر- رضي الله تبارك وتعالى عنه- : إن الرجل ليشيب صدغاه في الإسلام، وما أتم لله- عز وجل- صلاة واحدة !! أي : ما أتم ركوعها ، ولا سجودها ، ولا خشوعها ، ولا قراءتها وهو يصلي !! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! ومن هنا جاءت اللفتة من المفسرين أن الله- عز وجل- قد ذم المصلين ، ولم يذم الذين يقيمون الصلاة حيث ورد ذكر إقامة الصلاة ورد على سبيل المدح ، أما لما بين الله- عز وجل- أحوال الذين يصلون بأجسامهم ، وقلوبهم خارج المسجد، قد حشيت قلوبهم بألف وسواس وبألف مشغلة ومشغلة ! وسنرى هذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أمام حقيقة أن الأسد قد رآه صلة بن أشيم وهو يصلي في كابول جرذاً! نوع من أنواع الفئران ، مع أن الذبابة! قال لي إن الذبابة قد منعتني من الخشوع في الصلاة ! قلت: وماذا فعلت؟ قال أتيت بالبخاخ ، وبخختها ، قلنا : طيب ، إذا كنت قد نظفت جو البيت من الذباب ، لأنه يشغلك عن الخشوع ، فكيف تطهر باطنك من ذباب الوساوس والخواطر؟! وبأي بخاخ ؟ هذه مسألة تحتاج إلى استحضار، ولا تقولن لي إن هناك أموراً أخطرتحتاج للمعالجة ! أقول لك: إن قضية الصلاة قد أخذت مساحة واسعة في شرع الله- عز وجل- أما يكفي أنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين ؟ أما يكفي أنها الفريضة الأولى التي فرضها الله- عز وجل- قبل الهجرة في ليلة الإسراء والمعراج ؟ أما يكفي أنها فرضت على هيئة لم تفرض بقية الفرائض على هيئتها بيانا لأهميتها ؟ أما يكفي أنها الفريضة التي هي عريقة عريقة في الزمان ؟ قال- تعالى- : "...يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين" ولما أنطق الله- عز وجل- المسيح ابن مريم- عليه الصلاة والسلام- "قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت ، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " هو عبد لله ، يصلي لله- جل جلاله- فأين يذهب أهل الإنجيل عن هذا ؟!! أما سمعنا إبراهيم الخليل- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يقول "رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي" أما سمعنا ما كان من أمر موسى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- لما استقبل وحي الله- تبارك وتعالى- فكان كليما حيث سمع قول الله- تعالى- "إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى" أجل- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- سمعهم يتكلمون عن " الضيعة " أي: إن قلوبهم لا تحضر في الصلاة! ربما حضرت مع مسلسل أشد بمئة مرة من حضورها  في الصلاة مع أنها قمة العروج- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بها السبح الحقيقي ! بها نتخلص من جاذبيات الطين ! بها نعرض قلوبنا على الله- جل جلاله- ! بها تعرض الصنعة على صانعها- عز وجل- ! بها تتعرف إلى المنهج ! وما أحكم هذه الشريعة ، إذ إنها جعلت القراءة ركنا من أركان الصلاة ، لم يا ترى ؟ من أجل أن نقرأ القرآن كله في الصلاة دون أن نقف عند آية واحدة ، ونبحث عن قلوبنا فيها ، لا، لا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! حينما تقول في الصلاة ، وأنت تقرأ الفاتحة "اهدنا الصراط المستقيم " ثم يأتي بعد ذلك مثل قول الله- عز وجل- " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" أجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- "إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين * وإن عاقبتم فعاقبوا بمثلما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" بعدما قلت "اهدنا الصراط المسقيم" دلك الله- عز وجل- على باقي الصراط الذي سألت الله- عز وجل- أن يثبت قدميك عليه ! ماذا قال عامر؟ قال: والله إن هذا الذي تتحدثون فيه أحب إلي أن تختلف الأسنة في بدني من أن يكون معي، أحب إلي أن تختلف الأسنة- يعني الرماح ، السكاكين- تقطع صدره في بدني من أن يكون هذا فيّ !! هذا شأن أولئك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الذين فهموا عن الله- عز وجل- ما يريد الله- عز وجل- منهم فسعوا ، وأقبلوا على الله- جل جلاله- فحصوا صلاتهم أروع فحص ! وألحوا على هذا الفحص ، فإذا بهم يراقبون خواطرهم في الصلاة ، وكل صلاة تأتي ينبغي أن تكون أرقى من التي قبلها ، لا بالمقلوب !! يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ! هذا إذا ما قدمناه بين يدي كابول فإن لنا الآن أن نذكر حماد بن جعفر- رحمه الله تبارك وتعالى- حيث قال : كنا مع الغزاة ، وحين تسمع الغزاة هنا حضر في قلبك أنهم لا يقتلون ، لا يسفكون الدماء ، هم يريدون أن يغزوا القلوب قبل أن يغزوا الأجساد! وماذا يفعلون بالأجساد؟ هم حملة رايات التوحيد، لا حملة ألوية الشؤم والضلال والكفر والفسوق والفجور والتهديم !!قال : كنا مع الغزاة ، وكان معنا رجل يذكر عنه الكثير، يسمى صلة بن أشيم ! صلة- رضي الله تبارك وتعالى عنه- كان مع الغزاة حتى إذا ما جلسوا مجلساً ، ونزل القوم ، يقول حماد: راقبته ، استلقى يريد أن ينام ، ولكنه بين الحين والآخر كان يتلفت حتى إذا هدأت العيون ، قام وكان هناك غابة ، غيطة قريبة منا ، قام ودخل تلك الغيطة ، فتبعته أرقب ما يفعل ، توضأ ، ثم أخذ يصلي ، وبينا أنا أراقبه ، وإذا بالأسد يأتي ، وهنا لا أتكلم عن هر ولا عن فأر أتكلم عن وحش كاسر! والأسد يقترب ، والله ما التفت إليه ، فلما انتهى من صلاته، وكنت بطبيعة الحال قد ركبت على جذع شجرة خوفاً ، التفت " صلة " إلى الأسد، فقال: ابحث عن طعام لك في غير هذا المكان !!!.

 "سفينة " كذلك واحد من الصحابة ، أطلق الرسول- عليه الصلاة والسلام- اسم سفينة ، لأنه كان يمشي في مؤخرة الجيش ، فإذا ما سقط من الجيش شيء التقطه ،ولق به الركب ! ومرة رآه- عليه الصلاة والسلام- يحمل الكثير، فقال " أنت سفينة " سفينة هذا! ألقت الأمواج به إلى شاطئ على محاذاته غابة ، أخذ يمشي يتلمس الطريق ، وإذا بالأسد يخرج من بين الأدغال ! فقال له: يا أبا الحارث ، وهذا عند العرب كنية الأسد، يا أبا الحارث ! أنا سفينة مولى رسول الله ، والله ما إن سمع اسم رسول الله حتى صه صه همهم !! كأنما يرحب بما سمع !ثم مشى أمامي ، كأنما يدلني على الطريق ، قلت في نفسي : لو لم أكن أنا الذي لقبني الرسول- صلى الله عليه وسلم- بسفينة ، دون أن يكون لي هذا المجد العظيم ، ثم رأيته بالنسبة للحال حال ضعيفة متهالكة متهاوية أأستطيع أن أقول له مجرد يا ! ودون أبا الحارث ؟؟؟ لا والله ، لا أستطيع ، السبب ؟ الخبرالذي قد ملأ القلوب إلا من رحم الله- جل جلاله- بالخوف القاتل من هذا المفترس الشرس الأكال !!! يدعم هذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أني عرض عليّ شريط لأحد الأطباء النفسيين ، يبين فيه أن الإنسان فيه طاقة عجيبة ، إذا ما اكتشفها ووظفها التوظيف السليم وجد نفسه أنه يقطع السفوح التي يراها سفوحاً عالية لا تقطع ، ثم يصل إلى حيث يعيش على القمم- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- سفوح خضوع غير مبرر! سفوح المذلة!! فإذا به يعدو على هذه السفوح ليعيش في قمة العزة والكرامة ! وقد قال الشاعر : وما للمرء خير في حياة ...إذا ما عد من سقط المتاع !! ذلك أنه بالتحرر من الخوف من الأشياء ، حيث لا يخاف إلا من الله- جل جلاله- يكون في القمة الشماء التي يحقق فيها كرامته وسموه الذي أراد الله أن يكون فيها !!.

عرض الطبيب هذا، وقال لو سألتكم : إذا ما ظهر لأحدكم أسد واحد؟ فما موقفه منه ؟! بالطبع سيقول: سأشرد، فإذاظهر له أسدان ، أو ثلاثة ،طيب : لو عشرة ؟؟؟ بعد ما طرح هذا الطرح ، قال ما رأيكم أن يقف خمسة عشرة أسداً مع لبؤة ، فإذا بهم على فريسة لهم ، وحوش تجمعت على فريسة !! وإذا بثلاثة رجال يتصدون لهذه المجموعة من الأسود!! وقال ذلك الطبيب: لولا أني رأيت ذلك ما صدقت ! وقد صور هذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ثلاثة رجال ، لا يكاد يسترهم الثوب ! فقراء منتوفون نتفاً ! بيد كل واحد منهم حربة ، جلسوا القرفصاء ، وإلى قريب منهم جلس الأسود على مائدة لهم هي فريستهم ! كما تجلس الأسود عادة على تلك الموائد! علماً بأن الأسود- وههنا حتى لا نضع أمرها في ذمتنا- لا تفترس لمجرد الافتراس ! هي أرقى من حيث الحيوانية من بعض الناس الذين يرتكسون في حمئة الحيوانية البشعة!! ما الذي استحضروه ؟ والله ما أدري ! لأنه ما بين منهم إلا الأعين ، تغزل غزلاً ، ثم قام الثلاثة ،فاتجهواصوب الأسود ، وحبسنا أنفسنا أو أنفاسنا ، ثم اقتربوا.. اقتربوا.. والتفتت الأسود ، فرأوا الثلاثة ، ما أدري ما الذي دار في مخيلة هذه الضواري !أقاتلت الأسود لأنفسها :ماهؤلاء العمالقةالذي لهم هذه الجرأة علينا حتى كأننا قطط ، أو دون القطط!! هؤلاء الجبابرة هؤلاء هؤلاء ، ولما صار الرجال أقرب إلى هاتيك الأسود، وإذا بها تشرد ، كالكلاب أمام الثلاثة ،الذين أتوا إلى الفريسة ، فاقتطعوا منها قطعة كبيرة ، حملوها ثم رحلوا ، ورجعت الأسود بعد ذلك إلى فريستها التي انتهبت من قبل الإنسان الذي تحرر من الخوف ، فظهر عملاقاً ، أي عملاق !!.

فيك- أيها الإنسان- طاقة عظيمة ، هكذا علق الطبيب على المشهد ! هو يفسر من حيث إنه مختص ، بأن الأسود قد شمت رائحة الشجاعة من هؤلاء الرجال ،، الشجاعة مبعثها أن لا خوف من الموت ، فليأت إن شاء !! ومن هنا كان خالد- رضي الله عنه- ما يدخل معركة إلا وينصره الله- عز وجل- بها ، ولعل من البواعث العريضة التي كررتها السير أنه- رضي الله عنه- كان يلقي بنفسه على الموت ، لكن الموت كان يفر منه- رضي الله تبارك وتعالى عنه- يقول حماد يحدثنا عن " صلة " والله لما التفت إلى الأسد ، وهو يكلمه: ابحث لك عن طعام في غير هذا المكان ! وقام الأسد ولوى بذنبه ، ما أظنه يراه وقتها إلا جرذاً ، أي: فأراً ،أوك كالفأر، بل كان يراه دون الفأر، فعجبت من هذا الموقف ، ثم قام صلة ، ورجع إلى مرقده ، وكل من يراه يظن أنه كان نائماً ، ثم أصبح بعدما حمد الله- تبارك وتعالى- حمداً ما سمعت بمثله ، ومن جملة ما دعا به الله- عز وجل- أن قال : إلهي إني أسألك أن تجيرني من النار! أومثلي يسألك أن تدخله الجنة ؟؟ والله قام ، وفيّ فترة ، مع أني ما لقيت ما لقي !! فيّ فترة وضعف الله أعلم بمدى هذا الفتور الذي مسني ، فجاءه رجل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- فقال له: يا صلة! ادع الله لي !! أتدرون بما دعا الله- عز وجل- قال : اللهم رغبه فيما يبقى ، وزهده فيما يفنى ، وهب له يقيناً لا يسكن إلا إليه ، ولا يعتمد في الدين إلا عليه!!! صلة- رضي الله تبارك وتعالى عنه- لما نادى المنادي من أجل الانطلاق ، إذا به يستأذن لصلاة ركعتين خفيفتين ، هو قال: ركعتان خفيفتان ، قالوا : إن القوم قد انطلقوا، قال: ركعتان خفيفتان ، وهو يصلي انفلتت بغلته ،وعليها ثقلها ، أي حاجات صلة ، وبعدما انتهى من الصلاة ، قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي ! ووالله جاءت منقادة إليه !! صلة بن أشيم كان من أولئك الذين فتح الله- عز وجل- عليهم في تلك البلاد، أيمكن أن يكون في المقابل أمر مسلمة ندخله في هذا المدخل ؟ ما أمر مسلمة؟ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! مسلمة كان يقود حملة من الحملات الخيرة الرائعة التي فيها تفتتح بلاد الظلم والظلام ، فيها يحطم الطاغوت والطواغيت ! مسلمة- رضي الله عنه- حاصر حصناً من الحصون ، فاستعصى عليهم الحصن ، وقد شواهم شياً من بداخل الحصن ، إذ كانوا يرمونهم ،من وراء الجدر العالية ، ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً تجاه هذا الحصن الشاهق !! وفجأة صاح أحد المسلمين: هناك نفق يوصل إلى داخل المدينة! وإذا بمسلم من المسلمين في هذه الأيام ، أيام الانتظار الحمراء! ينتظر بها القوم أن ينصرهم الله- جل جلاله- وإذا ما أخذت بأسباب النصر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- كن واثقاً من أنه إما أن ينصرك ، أو يؤخر النصر، ليخلقه على يد غيرك ، سواء هذا أو ذاك ، فأنت تبتغي بما تقدمه وجه الله- عز وجل- ولذلك قال الله- عز وجل- : "...وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب" انطلق بعض أولئك الجند إلى ذلك النفق ، دخلوه فكانوا في قلب المدينة ، ففتحوا الباب الكبيرللمدينة ، ودخل المسلمون ، ما الذي بقي ؟ بقي أن يعرف مسلمة من هو هذا الذي حفر النفق ؟ اختفى ، فكان فص ملح وذاب ! كما يقولون ، أعلن مسلمة ، وأعلن ، فما ظهرأحد ! ثم قال: أسأله بالله العظيم أن يأتيني ، يريد أن يكافأه ، ولما سأل بالله العظيم أن يأتيه ، ما كان منه إلا أن جاء، فقال : أنا أدلكم عليه، أين هو؟ قال: أدلكم بشرط ! ما هو الشرط؟ ألا تسودوا به صفحة إلى أمير المؤمنين ! شرط ألا تستدعوه مرة ثانية ! بشرط ألا تكتبوا اسمه في أي مجلس من المجالس ! هذه الشروط أخذها عليهم مواثيق ، فأعطاه مسلمة الميثاق، فقال: أنا هو! فكان مسلمة بعد ذلك في كل صلاة يصليها يسأل الله- تبارك وتعالى- أن يحشره مع صاحب النفق ، اللهم احشرنا مع صاحب النفق، نقول لصاحب النفق ولمسلمة، ما رأيك لو أن هناك من المسلمين من سدوا الأنفاق اليوم إلى أعداء الله- عز وجل- ؟؟ ما رأيك بمسلمين يأتون في آخر الزمان ، فإذا بهم يقيمون السدود بيننا وبين أعداء- الله عزوجل- حماية لأعداء الله- تبارك وتعالى- ومع ذلك يسجلون هذا في سجلات المفاخر والأمجاد!! أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

حينما تأتي بيتاً من بيوت الله- عز وجل- إما أن يكون ذلك في صلاة نهارية ، أو ليلية ، عموماً لا بد لنا من أن نتعود أو نعود قلوبنا على الحضور مع الله- عز وجل- خاصة في صلاة التهجد! وقد قال العلماء: إن صلاة التهجد، أو صلاة الليل ، تفوق صلاة النهار، كما تفوق صدقة السر صدقة العلانية ! تدرب قلبك على الحضور بين يدي الله- عز وجل- وإذا ما قرأت القرآن الكريم وجدت لوحات قرآنية من أروع اللوحات ، جسدت أقوال الصحابة الذين أحسنوا التلقي عن الرسول- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- من هنا ينبغي أن تبحث عن نفسك بينهم !! أما قال ربنا فيهم : "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعا ومما رزقناهم ينفقون" أما قال ربنا- جل جلاله- : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا ً" أما قال ربنا- تبارك وتعالى- : " وبالأسحار هم يستغفرون " أما قال ربنا- جل جلاله- "... الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" كيف حالك؟ أين تكون يا ترى في الأسحار؟ يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! حينما نسمع الصفات التي يتصف بها أولئك الذين قال فيهم ربنا- جل جلاله- "أولئك في جنات مكرمون" وجب عليّ أن أبحث عن المشار إليهم ، يا ترى: هل أنا من أولئك المشار إليهم ؟ هل فيّ تلك الصفات التي اتصفوا بها ؟ لأن الآخرةغداً- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-  إما جنة أو نار! أما الجنة فلها أهلها ، وأهلها لهم سلوكياتهم ، التي تبلغهم جنة الله- تبارك وتعالى- وأهل النار لهم صفاتهم كذلك- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أما جاء أن الصلاة وحدها مع روعتها وعظم منزلتها أنها لا تغني عن صاحبها شيئاً خاصة إذا كان الصلوات الرسمية  يصلي مرتين أو ثلاث مرات أو أربعة مرات في السنة ! وهو لا يعرف القبلة من غيرها ، في غير هذه المرات الذي يصليها !! يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !ومع ذلك :إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان ، يقول فيه الحبيب- عليه الصلاة والسلام- : " ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صام وصلى وحج واعتمر، وقال أنا مسلم " الصلاة هذه المذكورة في الحديث هي الصلاة الشبحية صلاة الأشباح ! أو يمكن أن نقول الشبيحة ! ههنا على معنى جمع جديد! هي صلاة الأشباح ، لا صلاة الأرواح ! " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وحج واعتمر وقال أنا مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان " أو كما قال- عليه الصلاة والسلام- .

أرأيت إلى تلك المرأة التي ذكرت للحبيب- عليه الصلاة والسلام- على أنها تصوم وتقوم ، ومع ذلك تؤذي جيرانها ؟؟ فقال: هي في النار " أما سمعتم قضية المفلس ؟ " ما المفلس عندكم ؟ قالوا: من لا درهم لديه ولا دينار! قال: المفلس هو من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وحج وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وضرب هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا "  فإذا به يعربد في الأرض ! وإن ركع أمامنا فليركع ! لذلك قال العلماء: مما مسخ في أذهان كثير من المسلمين: أن الصلاة وحدها تكفي لنحكم على أنفسنا وعلى غيرنا ، مم ابتلي به المسلمون اليوم أنهم قد ضخموا بعض الفروع ، وقد قلصوا ومسخوا الأصول ، وإن كنا نعتقد أن الشريعة فروعها وأصولها كله مكرم- يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- !! ما حال المفلس هنا؟؟ يعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته، ويبقى في ذمته ذمة ، أخذ من سيئات أولئك الذين اعتدي عليهم ، فطرحت عليه ، ثم طرح في النار!! أو كما أخبر- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- .

حتى نتخلص من الوهن ، ومن الأمراض النفسية ، علينا أن نرجع إلى تلك الآيات التي أرجو الله- عز وجل- أن يبين لنا أبعادها النورانية 

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين ، وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين !

الحمد لله ثم الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فقد قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"

أما بعد أمة محمد عليه الصلاة والسلام !

الكلام الكثير يلغي بعضه بعضاً ، وهذا من الامور التي أراها عياناً ، وتبقى مسألة أرجو الله- عز وجل- أن تبقى لتبين لنا عظمة منزلة الصلاة في القلوب ، لأن الله- تبارك وتعالى- بين لنا ما يكون من أصحاب اليمين ، حينما يسألون أولئك الذين هم في سقر "ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين" وقال- جل جلاله- ينعى على أولئك الذين يسهون عن الصلاة ، بمعنى أنهم يؤخرونها حتى تخرج عن وقتها "فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون"!! ومع ذلك وجدنا أنفسنا أمام أبي طلحة- رضي الله عنه- وجهاً لوجهٍ ! أبو طلحة الأنصاري كان عنده حديقة غناء ، هو واقف بين أشجارها يصلي ، فإذا بدبسي ! طائر صغير يقال إنه ذكر اليمام حاول هذا الطائر أن يخرج من العرائش الممتدة في الحديقة ، أو في البستان ، فما استطاع ، أخذ يراقبه ويتبعه ببصره ، أو يتبعه بصره ، لكنه ما استطاع الطائر أن يخرج لروعة الشبكة التي امتدت فوق أرض البستان !! ثم انتبه! هو يصلي شغله الدبسي عما هو فيه من صلاة ، أخذه عن صلاته ! لما رجع ما درى كم ركعة صلى ؟ ألف دبسي ودبسي في صدورنا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- بل نحن في مصانع دبس ! وهذا غير الدبس الذي جاء بأبي طلحة ، نحن نخوض خوضاً في الملهيات ، ونسأل الله- عز وجل- ألا نخرج من صلاتنا ،ومن هذا المسجد ،إلا وقد عقدنا العزم على تجديد الصلة بالله- عز وجل- من حيث إصلاح الصلاة ، نبحث بحثاً حثيثاً كيف نصلح صلاتنا ! لما رجع أبو طلحة إلى نفسه ، ووجد أنه ما يدري كم ركعة صلى ! قال: لقد أصابني اليوم من مالي فتنة! أتظنها فتنة؟ نعم فتنة! لأنها فتنته عن الصلاة ، المال إن فتنك عن الصلاة فهو فتنة ، الأولاد إن فتنوك عن الصلاة فهم فتنة! وذلك جاء في الحديث أن الذي لا يصلي- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يحشر يوم القيامة مع فرعون وهمان وقارون وأبي بن خلف!! وقد قال العلماء لماذا هؤلاء؟ هناك طواغيت كثر! وما أكثر الطواغيت- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- !! قالوا : لأنه من شغله ملكه، من شغلته رئاسته، عن الصلاة ، فهو مع فرعون ، ومن شغلته وزارته عن الصلاة فهو مع هامان ، ومن شغله كنزه وماله عن الصلاة فهو مع قارون ، ومن شغلته تجارته عن الصلاة فهو مع أبي بن خلف ، أو كما قال العلماء- رحمهم الله تبارك وتعالى- هل اكتفى أبو طلحة بأن قال هذا؟ لا والله ، لأنه توجه مباشرة إلى الطبيب- عليه الصلاة والسلام- عرض حاله عليه ، يا رسول الله! لقد أصابني اليوم من مالي فتنة! وما ذاك؟ فقص عليه ما كان ، لم ينتظر أن يصف له الرسول- عليه الصلاة والسلام- الدواء ، بل قال: يا رسول الله! بستاني صدقة في سبيل الله ، فضعه حيث شئت ، وجد أنه لا بد من أن يخلص من الفتنة ، لا أن يغوص فيها إلى أذنيه- أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- فما أسمى منزلة الصلاة عندهم!!

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

ربنا اجعلنا أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك

حفنا اللهم والمسلمين بألطافك الخفية واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً مباركاً معصوماً

 لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً، هبنا جميعاً لسعة رحمتك يا أرحم الراحمين، نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا غماً إلا كشفته ولا مريضاً إلا شفيته ولا عاصياً إلا هديته ولا غائباً إلا سلمته ورددته ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته بقوتك وقدرتك وعزتك يا أكرم الأكرمين ولا عدوا لهذه الأمة إلا قصمته ولا عدوا لهذه الأمة إلا قصمته ولا عدوا لهذه الأمة إلا فككت عموده الفقري وفرقت فقرات عموده فقرة فقرة كل فقرة في نجمة من النجوم وليس عليك ذلك بعزيز يا رب العالمين يا من بيده ملكوت السموات والأرض يا من إذا أراد شيئا قال له كن فيكون احمي أعراض هذه الأمة واحمي دماء هذه الأمة ورد هذه الأمة إلى دينها رداً جميلا

واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون " .