401 - في آفاق الدعاء
خطبة الجمعة    401 - في آفاق الدعاء
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت الحق وقولك الحق ولقاءك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم حق، اللهم لك اسلمنا وبك آمنا وعليك توكلنا وبك خاصمنا وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده.

 

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

 

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو رب العرش العظيم.

 

الله- جل جلاله- يقول:"وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون"

 

أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

 

جاء عن المصطفى- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- أنه قال :" (ادفعوا طوارق البلاء بالدعاء ، فإنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل، مما نزل فيزيله، ومما لم ينزل فيحبسه)، أو كما قال- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وقال- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- : (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال- عليه الصلاة والسلام- : (إن الدعاء والقضاء يعتلجان ما بين السماء والأرض إلى يوم القيامة).

وقال ذلك الذي نزلت به الكرب ، و اشتدت عليه ، فوجد روعة التوجه بكليته إلى من بيده الأمر كله:

 

 ولقد ذكرتك والخطوب كوالح...  سود ووجه الدهر أغبر قاتم

 فهتفت في الأسحار باسمك شادياً...    فإذا محيا كل فجر باسم

 وقال الآخر: مهما رسمنا في جلالك أحرفاً قدسية،أجل: مهما رسمنا في جلالك أحرفاً قدسية... تشدوا بها الأرواح... فعزك وجلالك وعظمتك فوق هذا الذي نقول، بل، وأعظم مما نقول.

 

 من تقوّى بالله عز وجل قواه الله- تبارك وتعالى- ومن استغنى بالله- عز وجل- أغناه الله- تبارك وتعالى- ومن راقب الله- تبارك وتعالى- استوت خلوته وجلوته! الغنيّ بالله لا تشغله رغبة ولا رهبة ، والقويّ بالله لا تفزعه قلة أو كثرة ! نحن في رحاب باب عظيم فتحه لنا الله- جل جلاله- الغني عن العالمين ، الذي أنزل آيات ، ومن الآيات ، قوله- تعالى- : "الرحمن على العرش استوى * له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى * الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى" فالذرة عند سدرة المنتهى كالذرة في أقصى أقصى الوجود! هو الذي أحاط بكل شيء علما ، هو الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ، نحن في ضيافة الحق- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- إذ نحن في بيت من بيوته، بل ونحن في رحاب هذه الضيافة الكريمة ، كذلك في ضيافة الخليل إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- نتعرف إلى مشاهد، قد جاء بها كتاب الله تبارك وتعالى بل نحن في رحاب كتاب الله يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام نتحرك حيث حركنا كتاب الله نبني بواطننا بالحقائق التي امتلأ بها كتاب الله- تبارك وتعالى- ونحن في هذه المشاهد مع موسى الكليم ، إذ جأر إلى الله- جل جلاله- " في مدين "حيث قال : " ربّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير" ونحن مع نوح- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- إذ طغى قومه أي طغيان ! عربدوا عربدة ليس بعدها عربدة ! فإذا به يلهج لسانه بقوله: "ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا* إنك إن تذرهم يضلوا عبادك * ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا"، وأمّا مع الخليل إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ففي صمته! وفي نطقه! في نطقه كما أخبر الله- جل جلاله- فقال يبين لنا ما قاله إبراهيم الخليل "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون"، وفي صمته لما وقف عباد الأصنام ورأوا أصنامهم جذاذاً ،إذ جاء الحق على يمين الخليل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-فانهال عليها ضرباً ، وحطم الأصنام المنصوبة التي ملؤوا بها الشوارع والطرقات ، ونصبوهاعلى أبواب المدن ، امتلأت الحياة بالأصنام !!!صارت أكثر من الطعام الذي به قوام الأبدان!! أتدرون ما معنى الأصنام ؟ حجر يرفع فوق هذا الإنسان الذي كرمه الله- عز وجل- سواء كان الصنم حجراً أو بشراً ، ذلك أن العلماء قرروا أن الأصنام التي كانت تعبد دون الله- عز وجل- إنما كانت منصوبة في باكورة الصنمية لشخوص ، كانوا من الصالحين ، فأراد هؤلاء الذين نصبوها أن يخلدوا صلاحهم ، فإذا بهم ينصبون لهم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ،ونصبوالهم يغوث ويعوق ونسراً ، هذه الأصنام عبدت دون الله ، وقد هدد إبراهيم الخليل- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- بتحطيمها ،قال : " تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين" ثم أعمل فأسه في رؤوسها ، لكنه لحكمة ترك كبير هذه الأصنام ، ثم علق فأسه في عنق ذلك الصنم ، لما دخل المعبد الكبير حيث ازدحم بالأصنام ، كان القوم قد خرجوا من المدينة إلى عيد لهم خارج المدينة، حيث كان مهرجان من مهرجاناتهم ، وقد وضعوا الطعام بين يدي الأصنام ، أهناك عقول أخف من هذه العقول ؟ فإذا به يهزأ من هذه الأصنام ، ويقول لها :" ألا تأكلون " ثم  "راغ عليها ضرباً باليمين " حطمت الأصنام- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ورجع القوم من احتفالهم ،ورأوا ما وقع لمعبوداتهم !!! وذكروا أن " فتىً يقال له إبراهيم " كان قد هدد بهذه الفعلة ،وأنه هو من وراء ذلك ، استدعوه ، وجاء أمنهم الشرير فاستدعى إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- بل جاء شرهم وليس أمنهم ، ذلك أن الأمن إذا ما انقلب إلى رعب وإرعاب وتخريب وقتل وسفك دم ونهب وهتك عرض !!! فهذا من العار اللغوي أن يطلق عليه أنه" الأمن " وكان الاستجواب " أأنت فعلت هذا بألهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون" وكان في ذلك تورية عرض بها بعقولهم ، أي: "إن كانوا ينطقون فاسألوهم"، "بل فعله كبيرهم هذا" وعلق الفأس في عنق الكبير، ليقول ما قال ،" نكسوا على رؤوسهم" هنا تبدولنا ما يبدو من المعاني التي نحن بأمس الحاجة إليها، أهل الضلالة ، أهل الفجور، أهل الطغيان، أهل العدوان ، إذا ما أفحمتهم بالحجة وأقمت لهم بالدليل والبرهان على " أنك على حق " لووا رؤوسهم مباشرة، فإذا بهم يحولون الحوار من حوار عقلي لساني فكري إلى حوار عضلي! اتخذوا القرارمباشرة ، وهو: "حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين" والتحريق عندهم لم يكن بمدفعية ولا طائرات تشن أو تشن غاراتها ! وإنما كانت نيران تضرم ،وتوقدها الأحقاد الوثنية ! وأخذ القوم يملؤون الحفرة الكبيرة بالحطب ، تقول السيرة كانت المرأة إذا مرضت نذرت إن برئت من مرضها لتجمعن الحطب لإبراهيم ! أي نذر هذا؟؟ نذور شر- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- وهل لدى الوثنية إلا الشر؟؟ جمعوا من الحطب ما هو كفيل بأن يحرق مدينة ، لا إبراهيم وحده- عليه الصلاة والسلام- والدليل على فظاعة النيران التي أشبوها في ذلك الحطب أنهم ما جرؤوا على أن يقتربوامنها ليلقوا بجسد إبراهيم في النار! وإنما وضعوه في المنجنيق وألقوه، ألقوه في الفضاء يهوي إلى تلك النار التي أضرموها، مجموعة من المعاني هنا ، معنى منها يقول: إن إبراهيم- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- لما عرض له جبريل، وهو في الهواء ، فقال له "يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أما منك فلا، وأما منه فعلمه بحالي يغنيني عن سؤالي" الجواب جاء بقوله- تعالى- : "قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم" كادوا له فجعلهم الله- عز وجل- الأسفلين ، كادوا له فجعلهم الله- تبارك وتعالى- الأخسرين، إذا قال الله- عز وجل- للنار "كوني برداً وسلاماً" أتظن بأنها تقدر على أن تحرق إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- هو في بطن النار، ولكنه نقل عنه أنه قال: ما من أيام ، ولا من ليال ، كنت أنعم فيها أنعم ما كنت، وأنا في النار التي أضرمها أعداء الله- تبارك وتعالى- !!.

 

يفهم من هذا أننا إذا كنا في محنة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- فلا نبالي على الإطلاق بأي نار تضرم حولنا ما دمنا على الحق ، حرر ما أنت عليه من الحق ، فإذا كنت على الحق ، واستوثقت مما أنت عليه ، فلا تبال بأي نيران تضرم لك حولك!!.

 

ولما رأى ذلك أبوه كما يقال ، أو أمه ، قالت: نعم الرب ربك يا إبراهيم! لم يدع إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- ربه جل جلاله ههنا ، وإن كان الموقف موقف استغاثة ! ذلك أن الله- عز وجل- هو ملجأ المكروبين ، وهو مستغاث المستغيثين ، هو فارج الهم ، وكاشف الغم- سبحانه وتعالى- هو الذي دعاه ذو النون ، وهو هناك في ظلمات "أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم" هل هي لذي النون وحده لا "وكذلك ننجي المؤمنين" ما عرض الله- عز وجل- علينا في كتابه من مواقف الأنبياء حيث دعوا الله- عز وجل- واستجاب الله- عز وجل- دعاءهم ، وهذا ليس قاصراً على الأنبياء- عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم- وإنما هو عام لهذه الأمة ، إذ قال ربنا لنا "وقال ربكم أدعوني أستجب لكم" إذا ما استغثنا بالله- تبارك وتعالى- لا نخيب على الإطلاق ، ولو رحلنا عن هذه الدنيا دون أن نرى ما نطمح إلى رؤيته في هذه الدنيا ،قال الحكيم :" لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجباً ليأسك ، فهو- سبحانه- قد ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك ، لا فيما تختاره لنفسك ، وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد" هذا شأننا مع الله- جل جلاله- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام !.

لا يوجد فم على الإطلاق أطهر من فمه- عليه الصلاة والسلام- ولا توجد كلمات على الإطلاق أعمق صدقاً من كلماته- عليه الصلاة والسلام- وما عرفت البشرية ثناءً على الله مثل الثناء الذي أثنى به رسولنا- عليه الصلاة والسلام- على الله!! وليست هناك من المضامين التي دعا الله- عز وجل- بها- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- أعمق وأشمل وأسمح وأسمى من تلك المعاني التي تناولها- عليه الصلاة والسلام في أدعيته- !!.

 

ولذلك يقول أحد الصحابة لقد دعى أدعية ما حفظنا الكثير منها ولذلك كنا نقول اللهم إني أسألك من خير ما سألك نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذك نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، والذي فاه لسانه الذي لا ينطق عن الهوى فإذا به يقول اللهم أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أن تحييني ما كانت الحياة خيراً لي وأن تتوفاني إذا علمت أن الوفاة خير لي أو كما قال عليه الصلاة والسلام وهو الذي سأل الله جل جلاله فقال اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك قول كلمة الحق في الرضى والغضب وأسألك القبض في الفقر والغنى وأسألك قرة عين لا تنفذ نعيماً لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع، وهكذا يلهج عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يعلمنا أن نسدد خطانا في طريق دعائنا لله جل جلاله ذلك أن المضامين من أرقى المضامين ألم يسأل الله عز وجل لذة النظر إلى وجهه الكريم ألم يسأل الله تبارك وتعالى شوقاً إلى لقائه في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة وهكذا شأنه عليه الصلاة والسلام

 

ولكن إذا ما نظرنا في فقرات جاءت في كتاب الله عز وجل تسدد خطانا على الطريق الدعاء هو مخ العبادة ذلك لأنه يعني فيما يعني أنك مفتقر إلى الله وأن الله غني قادر على أن يجيب دعاك، وعلى أنك محتاج إلى الله عز وجل بالأنفاس وعلى أن الأمور والبصائر والفتوحات التي ينبغي أن تحققها في هذه الدنيا عليك أن تسبقها بسؤالك الله عز وجل أن يعينك عليها، ذلك أن ما طلب أن تقوم به لا تسأل الله عز وجل إلا على أن يعينك عليه، ما طلب الله منك أن تقوم به ما كلفك بالقيام به عليك أن تسأل الله عز وجل أن يعينك على القيام به.

 

على معنى أن إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- بعدما رفع القواعد من البيت ، ومعه إسماعيل قالا "...ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" هنا لفتة لا بد لنا من أن ننظر إليها ، ما هذه الباع  الطويلة في الخير إذ سأل الله- عز وجل- أن يقيمه على الإسلام وحقيقة الإسلام- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- من حيث الواقعية أن يسلم المسلمون من يدك ولسانك ، فإذا رأيت يداً تؤذي هذه الأمة ، فهي يد فاجرة ، إن لم تكن كافرة!! إذا رأيت لساناً يؤذي هذه الأمة ، إذا رأيت لساناً يطعن في أعراض هذه الأمة ، وفي نوايا هذه الأمة ، فاعلم أنه لسان فاجر، لسان كاذب ، إن لم يكن لساناً كافرا،قالا "ربنا واجعلنا مسلمين لك" يقول- عليه الصلاة والسلام- : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ثم لما قالا "ربنا وابعث فيهم" أي: في هذه الذرية التي سأل الله- عز وجل- أن تكون ذرية مسلمة ، وهي هذه الذرية التي في هذا البيت المبارك ، والذرية التي في كل مساجد المسلمين ، ولا نتكلم عن مسجد ضرار!! وإنما نتكلم عن المساجد التي عمرها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها.

 

ولذلك مما أوحى الله- عز وجل-  به إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام " أنه سيجعل ذريته عدد التراب " وكان ذلك لما أراه الله عز وجل الجهات الأربع ، ويأتي حديثه- عليه الصلاة والسلام- : " فيقول زويت لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها " أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولكن متى استجاب الله- تبارك وتعالى- لإبراهيم عليه الصلاة والسلام دعاءه "ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم" بعد قرون- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- لا تستسلم ، لتقول إذا ما دعونا على الطغاة اليوم سننتظر قروناً أنا ما أقصد هذا على الإطلاق ، وإنما أقصد أن الأمور بيد الله ، والمقادير بيد الله- عز وجل- هي أقضية يسوقها الله- تبارك وتعالى- وما عليك إلا أن تجأر إلى الله عز وجل بالدعاء ، ثم تكفل الله عز وجل بالإجابة ، إلا إذ سددت طريق الإجابة بسدود أنت أقمتها ، منها اللقمة الحرام !.

 

بعد قرون جاء- عليه الصلاة والسلام- ليقول  "أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة أخي عيسى ، ورؤيا أمي" وقد رأت أمه- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- أن نوراً خرج منها ملأ الخافقين ،" وكذلك أمهات الأنبياء يرين " كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. نحن أمام مجموعة من الحقائق منها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام سأل الله- عز وجل- أن يعمر ذلك الوادي الذي أقام فيه من ذريته ولده إسماعيل وأم إسماعيل هاجر، وقد دعا "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم" وهناك قول الله- عز وجل- "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات" إذا خلا الأمن- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- على المعنى الإسلامي لا على المعنى الجاهلي ، إذا خلا البلد من الأمن ، فمعنى ذلك أنه بلد وحشي متوحش!! هو الذي يفر منه الصالحون ، ويظل فيه الأشقياء، أسمعتم أن الله عز وجل قد استنفر- عليه الصلاة والسلام- استنفر الله عز وجل محمداً- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- من أجل الدفاع عن أولئك الذين لا يستطيعون أن يخرجوا من القرية الظالم أهلها،قال- تعالى- : "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً" قال العلماء لماذا ذكر" الولدان" لماذا قال الرجال والنساء والولدان، قال: ليبين لنا أن هذا الطغيان لم يوفر طفلاً! قتل الأطفال ، وقتل النساء ، وقتل الرجال ، لأن القتل هو السمة البارزة بأيدي أولئك الذين بيّن الله- عز وجل- أنه بأفعالهم الوحشية إنما حولوا القرية ، وهي مكة المكرمة ، إلى قرية ظالم أهلها ، قال العلماء لم يقل أخرجنا من هذه القرية الظالمة! لأنها مكة ، وهي مقدسة عند الله- عز وجل- ولكن أهلها قد ظلموا فيها ، وهذا يدل على أن البلاد ربما كانت شريفة مشرفة ، ولكن الفجار فيها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- هم الذين يحولونها إلى ما حولوها إليه!

 

 

قال ربنا- جل جلاله- "إنا كفيناك المستهزئين" وقرأنا في السيرة فوجدنا أن ثمة أناساً- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ناصبوا الدعوة العداء ، وآذوا الرسول- عليه الصلاة والسلام- أيما إيذاء! بم جاءهم ؟ جاءهم يعرفهم إلى الله- جل جلاله- جاءهم ليرقى بهم في سلوكياتهم وتصوراتهم، جاءهم ليضع أقدامهم على الصراط الذي ينتهي إلى رضوان الله- جل جلاله- هم ما فهموا هذا ، كانوا جاهليين في أعمق ما تكون الجاهلية ! ومن هنا شكلوا أندية ، أو أحزاباً للاستهزاء، وهنا لا بد أن نذكر بأن النار التي أضرمت لإبراهيم- عليه الصلاة والسلام- قد شاركت كما جاء في" السنة" دواب الأرض في إطفائها ، لأنها نار أريد بها أن تحرق الحق الذي يمثله إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- إلا دابة! وقفت إلى جانب ضرام النار هي" الوزغ " وهكذا نجد أن ضرام النار، نارعباد الأصنام يقف إلى جانبهم فيها الوزغ ! يؤيد الوزغ ضرام النار! فكان يزيدها ضراماً- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يشارك الوزغ في إضرام النار لتحرق إبراهيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم!

 

 

الحارث بن قيس واحد من أولئك المستهزئين ! ما كان شأنه؟ نزل جبريل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال: يا رسول الله! إن الله أرسلني لأكفيك هؤلاء بقوله : "إنا كفيناك" من الذي يكفي هو الله- جل جلاله- " أليس الله بكاف عبده "و " فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم" إن الله- عز وجل- أرسلني من أجل أن أكفيك هؤلاء، فأشار إلى أنفه الحارث ! شأن الله عظيم- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام-. نمرود الذي قال" أنا أحيي وأميت " سلط الله عليه بعوضة ، دخلت في أنفه! سلط عليه أضعف الخلق ! البعوضة لا تكاد ترى ، فإذا به يستدعي حزبه وحاشيته وكل محبيه ، فيقول كل من أحبني أكثر عليه أن يضربه بالصرماية أكثر، أين يضربه على أنفه ، الأنف هو موضع الشمم ، موضع الكرامة ، فأذله الله أيما إذلال، الحارث أشار جبريل إلى أنفه ، فامتخط قيحاً ! بدأ ينزف قيحاً من أنفه، كان بالإمكان أن يصيبه الرعاف ، لكنه القيح ههنا ، وكأنما القيح يحكي باطنه الممتلئ بالفساد والنتن- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- !!.

 

 

العاص بن وائل من المستهزئين ، أشار جبريل إلى أخمص قدمه ، فما كان منه إلا أن وطئ على شبرقة ، ودخلت الشوكة حيث أذن لها ، فانتفخت قدمه أيما انتفاخ ومات منها- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الأسود بن عبد المطلب من المستهزئين ، ما كان من جبريل إلا أن أظهر له ورقة خضراء. هذه السنن- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- الله خالقها ، ويخلق مسبباتها ، ولذلك قال العلماء قد ربط الله عز وجل بين الأسباب والمسببات ، السكين يطعن بها الفاجر خاصرة المطعون المظلوم ! فإذا بالدم ينزف ، وإذا بالمطعون يموت ، خاصة إذا قلنا إنه لا يساعد، بل يمنع من إسعافه، هذه من السنن ، السكين حادة ، وربما طعن بها في الخاصرة ، فإذا بها تتفجر دماءاً ، ولكن أما سمعتم ما قال الله- عز وجل- في سورة البقرة لما أمر الله- عز وجل- على لسان موسى- عليه الصلاة والسلام- بني اسرائيل أن يذبحوا بقرة ، ذبحت البقرة، البقرة مذبوحة لا حياة فيها على الإطلاق ، فقال " اضربوه ببعضها " أخذت قطعة من البقرة المذبوحة التي لا حياة فيها ، ضرب بها ذلك القتيل الذي لا حياة فيه ، فأحياه الله- تبارك وتعالى- الحياة هنا أثر لأي شيء؟ لقطعة لا حياة فيها ، ضرب بها من لا حياة فيه، ليدلك على أن الله- عز وجل- لو أراد أن يجعل النار روضة من الرياض لفعل ، ولو شاء أن يجعل روضة من أي رياض الأرض نارا لفعل ، فهو- سبحانه وتعالى- الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، ومن هنا أشار له بورقة خضراء ، فعمي ولو بقي أعمى لكان الأمر سهلاً ، ولكنه عمي وأصيب بصداع ، أخذ به يعالج نفسه ، فإذا به يضرب الشجرة برأسه حتى تفجر رأسه !! وهكذا- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- نجد أنفسنا أمام ، إما أن يأتي نصر الله- تبارك وتعالى- والفرج من الله عز وجل ، وتقليم أظافر الشر، وإما أن يكون ذلك نتاج دعاء يجأر به من جأر به إلى الله- جل جلاله-

 

 

ربّ يومٍ أتاهُ عقبةُ أشقى ال .. قوم يَسعى وفي يديه سلاءُ

بِخبيثٍ أتى الخبيثٌ وهل يأ .. تي بِغير الخبائثِ الخبثاءُ

قَد رماهُ حينَ السجودِ عليه .. وَاِنثنى منه تضحكُ الأشقياءُ

فَأطالَ السجودَ حتّى أتتهُ .. فَأزالتهُ عنه بنته الزهراءُ

ليتَ شِعري إِذ ذاكَ ما منع الأر .. ضَ منَ الخسف أو تخرّ السماءُ

قَومُ نوحٍ لم يَفعلوا مثل هذا .. وَلَقد أغرقَ البريّة ماءُ

دعا- عليه الصلاة والسلام- عليهم

راحَ شمسُ الوجودِ يَدعو عليهم .. وببدرٍ قد اِستُجيب الدعاءُ

كل من ضحك استهزاءً بحال المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وقد وضع عقبة ابن أبي معيط سلا الجزور على ظهره ، وهو ساجد بين يدي الله- جل جلاله- قد استنزلوا صرعى ، وألقيت أشلاؤهم بالقليب في بدر !! يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

إذا أردنا أن نبين النار تلك التي أضرمها أعداء الله- تبارك وتعالى- لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وليس بعيداً منها تلك النيران التي يضرمها أعداء الله- عز وجل- في جسد هذه الأمة ، ينبغي أن نستدعي ههنا ذلك الشاب الذي أعطاه الله- عز وجل- إمكانيات رائعة ، أيده الله- عز وجل- بتأييده ، ذلك الشاب جاء ذكره في الصحاح ، رواه مسلم وغيره ، يقول فيه- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- إنه شاب أرسله الملك من أجل أن يتعلم السحر، ليدعم كرسي ملكه ، وكان يذهب ذلك الشاب إلى ذلك الساحر يعلمه السحر، لكنه في طريقه التقى براهب تصوره كان من الروعة بمكان ، فأعجبه ما طرحه الراهب عليه ، وقفزت نفسه من ذلك الساحر وسحره ، فكان يأوي إلى الراهب في طريقه إلى بيته ، وفي الطريق إلى الساحر، المهم أن الراهب قال له: يا بني ! إذا أعطاك الله- عز وجل- ما أعطاك ، فلا تدل علي ، وأظهر الله- عز وجل- لذلك الشاب في يوم من الأيام كرامة من الكرامات ، ذلك أنه قال: إلهي! إن كان أمر الراهب أحب إليك فاقتل هذه الدابة ليمضي الناس ، إذ وقفت دابة في طريق الناس تعترض طريقهم ، فقتلت الدابة ، فعلم يقيناً أن الأمر الذي عليه الراهب هو الحق الذي ينبغي أن يتبعه ، واشتهر الغلام ، فكان الله- عز وجل- قد أعطاه أن يبرأ الأكمه والأبرص والمرضى بإذنه- عز وجل- وكان جليس للملك قد عمي ، فقد بصره ، فسمع بذلك الشاب ، فأتى إليه، فقال: هاك المال الذي تريد على أن تشفيني! قال: أنا لا أشفي ، وإنما يشفي الله- جل جلاله- إن شئت ، آمنت ، فدعوت الله عز وجل لك فشفاك ، فآمن جليس الملك ودعا له الله عز وجل ، فرجع الجليس إلى الملك يجلس إليه ، فإذاهو بعينين بصيرتين ! قال: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي ، قال: أولك رب سواي؟؟ عجيب هؤلاء الأرباب الذين لا يدرون ما تحت إبطهم ، ويدعون الربوبية ، كفرعون! قال: أولك رب غيري؟ قال ربي وربك الله ، فأخذ الملك ذلك الجليس ، وأوقع به العذاب ، حتى دل على ذلك الغلام ، وجيء بالغلام ، قال له الملكك لقد بلغت ما بلغت من سحرك ! قال: لا، هذا إذن من الله- عز وجل- أنا أدعو الله عز وجل لمن جاءني مريضاً ، فيبرأه الله- تبارك وتعالى- عذب الغلام يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ! سلطة الملك ! ما يريد الملك أن تمس بأذى أي أذى! ما يصح ! ما يصبر! أيقبل الملك أن تمس سلطته بأي إصلاح ، أو صلاح ، إذا دعاك إلى الله- عز وجل- لماذا لا تحاورهم ؟ ثم ما زالوا بالغلام يعذبونه! حتى دل على الراهب جيء بالراهب ، وقيل له: ارجع ، فلم يرجع ، ما الحكم ؟ وضع المنشار على مفرق رأسه نشر نصفين ، نحمد الله على أن القرن الحادي والعشرين- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- أولئك الذين يفجرون في الأرض ويطغون فيها لا يعرفون أمثال هذا المنشار، بل ربما عرفوا ما هو أنكى من المنشار! ثم جيء بجليس الملك ، وقيل له: ارجع ، فلم يرجع فنشر كذلك ، ثم ما كان من الملك إلا أن قال لجنوده: خذوا هذا الغلام ، هو ما أراد أن يقتله ، أراد أن يخوفه ، وهذا شأن الطغاة- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يستخدمون الإرهاب والإرعاب والتخويف ، من أجل أن يبقى الناس ساكنين بين أيديهم ! خذوه إلى أعلى قمة جبل ، وهناك اعرضوا عليه ، إن بقي على ما هو عليه دهدهوه من فوق الجبل! وإن رجع فأتوا به ، ولما بلغوا ذروة الجبل ، وعرضوا عليه ما عرضوا عليه ن ما كان من الغلام إلا أن قال: اللهم اكفنيهم بما شئت ! لمن جأر الغلام ؟ جأر إلى الله- جل جلاله- فتزلزل الجبل ، وسقط الجنود، ورجع ذلك الشاب إلى الملك ! أجل إنه يواجه الباطل- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ليس خائفاً ليرحل ، وإنما هو واقف بوجه الباطل ، حتى يتحطم الباطل ، قال: ما فعلت ؟ قال: صار كذا وكذا وكذا، زلزل الجبل ومات جندك ، بعث به مع جنود آخرين ، احملوه- هذه المرة-  في قرقور، ثم أوغلوا فيه في البحر، ثم اعرضوا عليه، وإلا فألقوه في البحر غريقاً وكان ذلك يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام قال:" اللهم اكفنيهم بما شئت " فانقلب القرقور، ورجع ذلك الغلام إلى الملك يواجهه، ثم قال له: يا أيها الملك! أتريد أن تقتلني؟ الملك قرر قتله، قرر استئصاله، هذا قرار اتخذه وهو ينظر إلى قوائم كرسيه الأربعة ، ذلك أنه يخاف أن تتزلزل مملكته التي كانت في قبضته يمتصها ويرتضعها ويجعلها جيفة نخرة، قال الغلام : لا تقتلوني حتى تفعل ما أمرك به، الغلام يقول للملك: لا تقتلني حتى تفعل ما أمرك!! وماذا أفعل؟ اجمع الناس في صعيد واحد، ثم اصلبني على جذع شجرة ، ثم خذ سهماً من كنانتي ، وضعه في كبد القوس ، ثم قل- بأعلى صوتك- : بسم الله رب هذا الغلام ، ثم أطلق السهم فإنك ستقتلني حين ذلك ، أراد الغلام أن يضحي في سبيل الله- عز وجل- بناءً على أن هذه التضحية لا تنتهي إلا أن تأتي بخير بإذن الله- عز وجل- هذه سنة الله يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! أي نصر له أقساط ، والأقساط يحددها الله- جل جلاله- إذا ظننت أنك قد دفعت الكثير، ولما يأت نصر الله- عز وجل- فاعلم أن الأقساط التي حددها الله- عز وجل- ما بلغت ما قدره الله- جل جلاله- وجمع الملك الناس ، وفعل ما أمره به الغلام : بسم الله رب هذا الغلام! وأطلق السهم ، فإذا به يقع في صدغ الغلام ، وضع الغلام أصبعه على صدغه حيث وقع السهم ، واستراح الملك!!لم ؟ قتل ذلك الغلام ، تلك الفاشية التي تفشت في مملكته ، وكانت خطراً على مملكته ، قد قضي عليها ، ما كادالملك أن يستريح هنيهة ، حتى ركض الجند- أمة محمد عليه الصلاة والسلام- يصيحون : يا أيها الملك! أتدري لقد وقع بك حذرك!! كان بعض الناس مع الملك ، وبعضهم مع الغلام سراً أو علانية ، ولكن الآن اختلف الوضع ، أتدري أيها الملك لقد وقع بك حذرك ! ما حذره ؟ آمن الناس جميعاً ما القرار الآخر؟؟ حفر الأخاديد في الأرض ، ولديه استعداد أن يهلك الناس جميعاً فيبقى ملكه ، ولوبقي دونما شعب ! ومن هنا قال ربنا- جل جلاله- فيه "قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود* وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد* الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد"

 

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين !

 

الحمد لله ثم الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة  إليه فإنه قال لنا "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"

أما بعد أمة محمد عليه الصلاة والسلام !

 

إذا ما قرأت القرآن الكريم ، واستمعت إلى الأدعية التي دعا بها من دعا بها ، وقد أثبتها الله- عز وجل- آيات ، وجدت أعمق الأدب مع الله- جل جلاله- أما سمعت ما كان من أمر زكريا " إذ نادى ربه نداءاً خفيا * قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ربي شقيا * وإني خفت الموالي " أنه دعا أن يرزقه الله عز وجل من الذرية ، ما يحمل دين الله- تبارك وتعالى- واستجاب الله له فقال : " يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى " استجاب الله- عز وجل- له ذلك    "ونادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى " أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! ذو النون في بطن الحوت " نادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وهكذا وجدنا أنفسنا أمام الدعاء والإجابة أمام النص و التطبيق ، وما زال باب الله مفتوحاً- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- .

لذلك نختم بما كان من إبراهيم بن أدهم، إبراهيم بن أدهم أبو اسحق مر في السوق فالتقاه التجار ونعوذ بالله- عز وجل- من شرار التجار- يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام- ونسأل الله عز وجل أن يرفع درجات التجار الذين صدقوا مع الله- تبارك وتعالى- واتقوا في بيعهم وشرائهم ،  أولئك مع النبيين والصديقين والشهداء كما أخبر- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- يا أبا اسحق ! ما لنا ندعو ولا يستجاب لنا وقد قال ربنا :" وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " قال: لأنكم خالفتم بأمور: منها أنكم عرفتم الله فلم تأدوا حقه ، وأنكم زعمتم أنكم تحبون الرسول- عليه الصلاة والسلام- ثم تركتم سنته ، وأنكم تقرأون القرآن الكريم فلم تعملوا به ، وأنكم آمنتم بأن الجنة حق ولم تعملوا لها ، وآمنتم بأن النار حق لكنكم لم تهربوا منها ، دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بدفنهم ، انتبهتم من نومكم فاشتغلتم بعيوب الآخرين وغفلتم عن عيوبكم ، قلتم إن الشيطان لكم عدو وكنتم أتباع الشيطان!!!

 

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

 

اللهم ربنا اجعلنا هادين مهدين لا ضالين ولا مضلين، إجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، اللهم ربنا اغفر لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا، اللهم ربنا زدنا ولا تنقصنا، وأثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم ربنا لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار لا تجعل لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته، ولا هماً إلا فرجته، ولا هماً إلا فرجته، ولا غماً إلا كشفته، ولا غماً إلا كشفته، ولا غماً إلا كشفته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا غائباً إلا سلمته ورددته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا عاص إلا هديته، ولا عدوا لهذه الأمة إلا قصمته، اللهم ربنا إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إكفيناهم بما شئت، اللهم إكفيناهم بما شئت، اللهم إكفيناهم بما شئت، اللهم اكفناهم بما شئت، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا، اللهم صل على سيدنا محمد بقدر حبك فيه وزدنا يا مولانا حباً فيه، اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان  فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.