إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد ربنا أنت الحق وقولك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم حق، اللهم لك اسلمنا وبك آمنا وعليك توكلنا وبك خاصمنا وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه ، وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول:"إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

فإن القائل يقول

فصف الليلة التي كان للمخ...  تار فيها على البراق استواء

وترقى به إلى قاب قوسي...    ن وتلك السيادة القعساء

رتب تسقط الأماني حسرى... دونها ما وراءهن وراء

من الضيف في هذه الليلة المباركة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ وما تلك الليلة التي استضاف بها الملأ الأعلى رسولنا الخاتم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؟ وما أبعاد ذلك؟ وما دلالاته؟ وما الذي ينبغي على الأمة اليوم أن تتعرف إليه؟ أيكفيها يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن تبحث في تاريخ ومشاهد اطلع عليها الضيف في تلك الرحلة الربانية العجيبة الرائعة السامية التي فيها تفتحت أبواب السموات بعدما أغلق النظام الجاهلي الوثني أبواب مكة في وجه الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؟ وهل نكون بذلك قد وفيناها حقها علينا ؟

أيرتضى من الأمة أن تبحث في هذه الرحلة عن : هل كانت الرحلة بالجسد أم بالروح؟ يقظة أو مناما ؟ والمسرى يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بأيدي يهود من سنوات !! كأني بالأمة الاسلامية وفي عنقها كلها صغاراً وكباراً، في عنقها تخليص ذلك الأسير يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام من أيدي آسريه، كأني بها قد باعت أو ساومت أو تريد أن تبقى المسألة معلقة مشجباً من أجل أن تعلق عليها أهواءها ! من أجل أن تزعم أنها من وراء تحرير بيت المقدس ! وهاتي يا ناقة حتى يأتيك العلف !! لا ، يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

إن الذكرى حارة ، إن الذكرى تجمع بين الأرض والسموات ، الذكرى توقفنا على ذلك النظام الجاهلي الذي كان يحكم مكة المكرمة ، نظام وثني جاهلي شركي ، كله أهواء ن وكله شهوات ، كله عبادة للزعامة والمال والسلطان والتسلط والطغيان

ينبغي أن نتعرف إلى تلك الحقبة وإن كان ربنا جل جلاله قد أنعم على الأمة فطوى هذه الحقبة ، أجل طويت يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ورُحلت إلى مزابل التاريخ ، ولكن لا بد لنا من أن نتعرف إلى ما الذي كان يجري في دروب مكة المكرمة؟ متى أغلقت مكة أبوابها في وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام؟ ما كان من شأن تلك الرحلة الطائفية التي توجه بها عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى الطائف يتلمس هناك النصرة؟ من أجل ماذا؟ من أجل أن يعرف الناس بالله جل جلاله ، من أجل أن يسمو بالحياة البشرية إلى أفاقها العليا التي تتحقق بها القيم الربانية، إنسانية كاملة وحق وعدل وخير وأخوة ومحبة ! من أجل أن لا تبقى الأرض يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام في بواطن الوحوش الضارية

أبو جهل كان الزعيم وقد وضع خطة لعينة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام لما رأى أعداد المسلمين يتكاثرون خطراً على زعامته ، كل يوم يدخل في دين الله عز وجل داخل، ما الخطة؟ أسمعتم بها لا أفتئت على التاريخ سأقول ما وقفت عليه يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ولا أخفي أنهم- أي الجاهلية- قد عرضت خطة على الرسول عليه الصلاة والسلام ،حوار دعي إليه الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ولا أنكر على الإطلاق أن الجاهلية في كل شؤمها وكيدها ونكدها وقبحها وسوء أخلاقها ورزالة طبعها ما اعتدت على عرض، ما قال لنا التاريخ على الإطلاق أن جاهلياً أراد أن ينكئ الإسلام والمسلمين ورسول الإسلام فإذا به ينتهك عرض مسلمة ! ما عرفنا هذا، الحق يقال يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

خطة أبي جهل تمثلت في أن الذين يدخلون في الإسلام إما أن يكونوا من الأشراف ذوي المنعة الذين لا يقدر عليهم إيذاء ، وإما أن يكونوا من التجار، وإما أن يكون من الضعفاء، فرز حاد جاهلي وثني كيف كان يتعامل مع ذوي الجاه والرفعة الذين لا يقدر عليهم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام كان يلتقي أحدهم فيقول تركت دين أبيك وهو خير منك ثم يحلف لنفسدن حلمك ولنفيلن رأيك ولنضعن شرفك يريد أن ينسب عقله إلى التفاهة والسذاجة والهزال خطة إعلامية قادها أبو جهل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بها يهاجم المسلمين في عقولهم وعلى أنهم جماعة مهترئة العقول

أما إذا كان تاجراً فالتهديد للتجار إنما هو واضح في لهجة أبي جهل ماذا كان يقول للتجار؟ والله لنكسدن تجارتكم ولنهلكن أموالكم أو ينبغي أن يكون التاجر مع أبي جهل

وأما الضعفاء فكان يثب عليهم وثوب الضاري الذي لا يرحم يعذب من عذبه أو يغري بهم تعالوا بنا إلى الرسالة التي كان يحملها الجاهليون يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، إلى ما يدعو الجاهليون؟

ونحن حينما نذكر ذلك إنما نريد أن نضع حدث الإسراء والمعراج تلك الرحلة الربانية التي تفتحت بها أبواب السماوات وإذا بالحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول فيه من قال

كيف ترقى رقيك الأنبياء        يا سماءاً ما طاولتها سماء

تلك الرحلة التي يقول فيها من وصفها من أولها إلى أخرها وباختصار مركز تناولته القوافي

رسل الله هم هداة البرايا                ولكل محجة بيضاء

خص منهم محمداً بالمزايا              الغر منها المعراج والإسراء

أرسل الروح بالبراق                   كما تفعله للكرامة الكرماء

فعلاه البدر التمام أبو القاسم            ليلاً فضاء منه الفضاء

راح يهوي به وحد انتهاء              الطرف منه إلى خطاه انتهاء

مر في طيبة وموسى وعيسى          ولقد شرفت به إيلياء

ثم صلى بالأنبياء إماماً                 وبه شرف الجميع اقتداء

ومضى سارياً إلى العالم العلوي        حيث العلى وحيث العلاء

رحب الرسل بالحبيب وكل             فيه إما أبوة أو إخاء

والسفير الأمين خير رفيق              لم يفارق ما مثله سفراء

ولدى السدرة الجواز عليه              صار حظراً فكان ثم انتهاء

فدعاه النبي حين علا السدرة           نور منه عليها غشاء

ها هنا يترك الخليل خليلاً              أين ذاك الصفاء أين الوفاء

قال عذراً فلن أجاوز حدي             لو تقدمت حل فيا الفناء

وبه زج في البهاء وفي النور          إلى حيث كل خلق وراء

ورأى الله لا بكيف وحصر             لا مكان يحويه لا آناء

فوق فوق وتحت تحت لديه             قبل قبل وبعد بعد سواء

إنما خصص الحبيب بسر              لسواه        ما زال عنه الخفاء

ويقول في بعض العطاء

وسقاه بحور علم فعلم الخلق            منه كالرشح وهو الإناء

وحباه أنواع كل صفاء نفحة            منه ما حوى الأصفياء

رسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حيث كان حيث بلغ سدرة المنتهى أتدرون ما سدرة المنتهى يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ جبريل ما استطاع أن يتجاوزها لأنها عندها ينتهي كل ما يعرج من الأرض إلى السماوات، وقد حبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم من المؤهلات ما به قرب قرب حتى كان قاب قوسين أو أدنى كما قال ربنا جل جلاله " ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو ادنى "

أين أبو جهل والرسول عليه الصلاة والسلام في السماوات العلا؟ حينما تلقاه أبونا آدم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فكان لقاء الأبوة بالبنوة مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، أين أبو جهل؟ وأين بنو عمرو: عبد كلال ومسعود وحبيب؟ زعماء من زعماء الطائف والجاهلية يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام ذات روح واحدة هل تظنون بأن جاهلية الطائف  تختلف عن الجاهلية في مكة المكرمة لا يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أتدرون لماذا؟ لأن الجاهلية كما قلت كانت تدعو، أجل كانت تدعو الجاهلية، إلى ماذا تدعو الجاهلية؟ 

سئل ابن عباس رضي الله عنهما هل كان المشركون ينالون  من المسلمين نيلاً يعذرون معه في أن يقولوا كلمة الكفر، قال نعم ! كيف؟ كانوا يجيعونه يعطشونه يضعونه على الرمضاء                                                             نوعوا فيهم العذاب وكانت من لظاهم في الأبطح الرمضاء،                أجل حتى كانوا يقولون أذكر اللات والعزى بخير !! هم رسل لللات والعزى يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أذكر اللات والعزى بخير ليتخلص من تعذيبهم

بلال رضي الله عنه عطشوه يوماً وليلة ثم طرحوه على الرمضاء على الصخور الشاوية التي ظني أنها لولا عالم الأسباب أبت أن تمس جسم بلال رضي الله تبارك وتعالى عنه لكنه عالم الأسباب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، السيف من الأسباب، والرمح من الأسباب، والنبال من الأسباب، والقذائف من الأسباب هذا عالم الأسباب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

وهو الابتلاء وهو الاختبار وهو التصبير وهو الإعداد إعداد هذه الأمة من أجل أن تحمل الرسالة الخاتمة التي تقدم بها نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فكان إماماً لجميع المرسلين حيث اجتمعوا هناك في بيت المقدس وأمهم عليه الصلاة والسلام بعدما أذن جبريل وبعدما أقام جبريل أخرج إليه المصطفى عليه الصلاة والسلام فكان إماماً لخيرة خلق الله تبارك وتعالى وأنتم- اليوم- حملة هذا الدين يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

والابتلاء حاصل وقد نجح الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم في التعذيب حيث كان الجُعل وهو حشرة دويبة من دواب الأرض تمر بهذا المعذب المضطهد فإذا بالجاهلي يقول أهذا إلهك دون الله؟ هم رسل الجُعل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام رسل الحشرات وهم حشرات ! ألهتهم التي يعبدونها مرذولة رذيلة ضالة مضلة، ما الذي يستفيده الجاهلي إذا قال المسلم بالتعذيب الجُعل إلهه دون الله، ما الذي يستفيده؟ هل يربت الجُعل على كتفه بل والله إن الجُعل لو كان بإمكانه مع كونه لا يدرك، لو كان بإمكانه لتحول إلى آفة هاضمة آكلة تبتلع هذا الجاهلي لأنها تبقى مع هذا الكون المسبح بحمد الله جل جلاله، إذن هم رسل اللات والعزى وهم رسل الجُعل والجاهلية روحها واحدة تسري في الحياة ما لم تجتث

ولعل هذا الدين العظيم الذي أظهره الله تبارك وتعالى كما أراد الله عز وجل هذا الدين الذي هو شمس للبشرية لولا هذه الشمس لانطفأت الأنوار كلها ولتاهت البشرية في دروب الوثنية ومستنقعات الشهوات والأهواء التي إذا ما تلاعبت بالمجتمعات فحدث ولا حرج عن القتل بلا حساب وعن الطغيان وعن العدوان وعن الظلم حتى يعم الظلام الأرض كلها في مشارقها ومغاربها ، ولكن بعدما أخبر عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل قد زوى له الأرض وأن ملك أمته سيبلغ ما زوي له من هذه الأرض أو كما بين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، هيهات أن يطين للجاهلية وجود

من المشاهد التي رؤيت في بطحاء مكة تلك التي كادت تقول بلسان حالها

فليت الذي بيني وبينك عامر           وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود يا غاية المنى              فكل الذي فوق التراب تراب

بلال كان يقول أحد أحد ، وزنيرة، زنيرة رضي الله تبارك وتعالى عنها ما زالوا يعذبونها لكنهم ما اعتدوا على عرضها  والتعذيب أمر مشترك مع الجاهلية في كل عصر! ما زالوا يعذبونها حتى فقدت بصرها، جاء الناطق الرسمي باسم النظام الجاهلي في مكة، أبو جهل يؤنب زنيرة ويقول أأعجبك ذلك ! اللات والعزى قد انتقما منك فسلباك بصرك تفت عليه يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأفت ونفت قالت لا والله اللات والعزى لا تدريان من يعبدهما ما أجهل الجاهلية وما أسخف فكرها وما أتفه أحلامها قالت إن اللات والعزى لا يدريان من يعبدهما ولكن الله عز وجل قضى ذلك ولو شاء الله لرد علي بصري ووالله ما أصبحت إلا وقد رد الله عز وجل عليها بصرها

والجانب الآخر وأختم به من حيث المشاهد من أجل أن نرقى قليلاً لعل الله عز وجل أن يفتح أقفال القلوب وأظن الظن الغالب أنه لا أقفال على قلوبكم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ومن الأدلة على هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان وأنتم إنما تعمرون مسجداً من بيوت الله تبارك وتعالى تلك التي هي من بركات بعثته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم البعثة العالمية، بعث عليه الصلاة والسلام من أجل أن يبلغ دين الله عز وجل إلى مشارق الأرض ومغاربها، جاء عليه الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا" ما معنى هذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

حبيبنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يجلي لنا في موقفه أبعاد قول الله عز وجل "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا" يوم القيامة كل إنسان يدافع عن نفسه يقول نفسي نفسي، إلا محمداً عليه الصلاة والسلام صاحب  ذكرى الإسراء والمعراج يقف يوم القيامة ليقول أمتي أمتي،هو مبعوث رحمة للعالمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا" وهناك من يجادل عنكم يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

أترخص الرتبة التي جاءنا بها عليه الصلاة والسلام أيعرض عنها يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أتستجيب الأمة للفيروسات التي تريد أن تضرب حاسوب هذه الأمة ذلك الحاسوب الذي قوامه شرع الله عز وجل كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، هناك من يخاف من استجلاب أو من استحضار أو من تطبيق النظام الذي جاءنا به عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يرعبون ويرعدون، لماذايرعدون كما رعد أبو جهل ؟؟ من هنا وجدنا خباب بن الأرت رضي الله عنه وهو من الصحابة الأوائل الذين اضطهدوا في سبيل الله عز وجل، ما نوع الاضطهاد؟ إذا كانت هناك عصا كهربائية في القرن الحادي والعشرين فإن أم أنمار التي كانت سيدة خباب وكان حداداً، أم أنمار كانت تمثل المرأة الجاهلية الوثنية فماذا كانت تفعل بخباب؟ كانت تأتي بالحديدة المحماة يظهر أنها استجلبت فلم تمد بما يمد به أهل القرن الحادي والعشرين حديدة محماة أين كانت تضع الحديدة؟ كانت تضع الحديدة على رأس خباب كانت تحرقه، لم؟ لأنه رأس عرف الله، رأس وحد الله، رأس عرف أن الحياة لا تكون سعيدة لا بالدنيا ولا بالآخرة إلا إذا عرفت الربوبية وإلا إذا عرفت العبودية ، فأنت عبد للرب والله رب العالمين

تطعن الرأس تحرق الرأس لأنه رأس عرف عظمة الله جل جلاله وهو السبوح القدوس ذو العرش له مقاليد السموات والأرض،تريد أن ترتكس به إلى ماذا؟ إلى تلك الحجارة التي لعبت بها الفؤوس حتى ملت ، ثم نصبت وكم من أصنام تنصب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام وربما نزهنا الحجارة التي نحتت عن أصنام تنحت

جاء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ورأسه محروق يا رسول الله أم أنمار حرقت رأسه فقال عليه الصلاة والسلام اللهم انصر خباباً، والله إن الله قادر يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام على أن يكفي المسلمين كل بلاء ولكنه الاختبار "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾" "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ ﴿٢١٤﴾"

اللهم انصر خباباً، في المقابل أم أنمار صارت تعوي عوي الكلاب عوت أم أنمار، ارتكست فإذا بها تعوي فنصحت أتدرون بم نصحت؟ 

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه فقد قال لنا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٢﴾"

أمة محمد عليه الصلاة والسلام

لما بلغ الرسول عليه الصلاة والسلام في المعارك ما بلغ أوحى الله عز وجل إليه يا محمد صلى الله عليه وسلم بم أشرفك؟ قال إلهي أن تنسبني إلى نفسك بالعبدية فأنزل الله عز وجل "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ " نحن إذا حققنا العبودية لله وتجردنا عن كل ما يشهد على عبوديتنا لله لجمنا الهوى يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام والهوى لا يجلم إلا بلجام شرع الله عز وجل "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" إلا إذا تعاملنا مع الشهوات التي تميل إليها النفوس وفق شرع الله خذ الشهوات التي تميل نفسك إليها من يد شريعة الله تبارك وتعالى

وقد قال العلماء إن الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء قال " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا "  ذكر العبودية ولم يذكر اسم محمد عليه الصلاة والسلام وباتفاق الجميع، المقصود بالعبدية هنا هو محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

ثم جاءت سورة الكهف بعد ذلك يقول فيها الله جل جلاله " الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ " فمن حيث التنزيل والتصور إنما بدأت به سورة الإسراء عرفنا الله عز وجل إلى أن الله عز وجل واحد في ذاته وفي صفاته وفي أسمائه وفي أفعاله وأنه ليس كمثله شيء وأنه متفرد سبحانه وتعالى من حيث ذاته ومن حيث صفاته ومن حيث اسمائه ومن حيث أفعاله وأن كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك

وجاءت سورة الكهف لتبين الكتاب الذي أنزله الله عز وجل وبه يكمل الانسان فوق هذه الأرض عرفت الله بقوله " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ " مظهر من مظاهر عظمة الله عز وجل وعرفت الله عز وجل من حيث المنهج الذي أنزله الله تبارك وتعالى من فصل فقد انفصل، لا بد من أن تتعرف إلى الله ولا بد من أن تلزم نفسك بشريعة الله عز وجل كفاني فخراً أنه سبحانه قد صيرني له عبدا هذا ما قاله سيدنا علي رضي الله تبارك وتعالى عنه

وقد قال العلماء أول ما أنطق الله عز وجل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لما قال يهود للسيدة مريم " لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ﴿٢٧﴾ " فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿٢٩﴾" أنطقه الله ماذا قال؟ " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ" ولما نطق بالعبدية لله عز وجل أقبل الله عز وجل بقوله وقال الله لعيسى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فيما جاءت به الآيات " إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ " الرفعة بالعبدية يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ومن لم يكن عبداً لله فهو عبد للطاغوت فهو عبد للهوى فهو عبد للشهوات ومن هنا الارتقاء الحقيقي لهذه الأمة كباراً وصغاراً حكاماً ومحكومين في أن تحقق العبودية لله عز وجل وبالعبودية إنما يتمثل الإرتقاء يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

نصحت أم أنمار والناصح كان ناصحاً أميناً قال لها يا أم أنمار اكتوي برأسك نصيحة ربانية والله، فما وجدت إلا خباباً يكويها فأخذ خباب بالحديدة التي كانت أم أنمار تكوي بها رأسه، وإذا به يكوي رأس أم أنمار نسأل الله عز وجل أن يحقق لهذه الأمة ما تبتغيه من صلاح أمرها ومن تطبيق شريعة ربها ومن الارتقاء في كل مجالات الحياة

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾"، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

اللهم ربنا اجعلنا هادين مهدين لا ضالين ولا مضلين، اللهم ربنا أعطنا ولا تحرمنا، وارفعنا ولا تضعنا، وأعزنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهم يا ربنا نصرك الذي نصرت به عبادك الصالحين، اللهم فرج عن هذه الأمة ما هي فيه من كرب، اللهم ادفع عنها أعداءها وأنت القادر على ذلك  ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، إجعلنا اللهم أينما توجهنا متوجهين إليك لا تردنا اللهم عنك إلا إليك، نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا غماً إلا كشفته ولا مريضاً إلا شفيته، ولا غائباً إلا سلمته ورددته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا عدواً لهذه الأمة إلا قصمته، ولا عدواً لهذه الأمة إلا قصمته، ولا عدواً لهذه الأمة إلا قصمته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته

اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة