417 - في إسعاف أهل اليمن
خطبة الجمعة    417 - في إسعاف أهل اليمن
تاريخ الإضافة : 2012-07-23 09:28:45

نص المادة

إن الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت الحق وقولك الحق ولقاءك حق والجنة حق والنار حق والموت حق والنبيون حق ومحمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم حق، اللهم لك اسلمنا وبك آمنا وعليك توكلنا وبك خاصمنا وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله ! أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته والإنابة إليه وما توفيقي ولا اعتصامي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم.

الله جل جلاله يقول: "وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٧﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ﴿٦٨﴾ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٩﴾"

أما بعد أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم !

فإن الشاعر في لحظة ألم أمضه أيما إمضاض قال يرسم الخارطة التي عليها الأمة الاسلامية تلك التي بناها شرع الله إذ بناها على حقائق الايمان بناها لتعمر بيوت الله عز وجل بناها لتستقي من أجزاء الوحي مع الأنفاس الحقائق والتألقات بناها لتترابط فيما بينها برباط الايمان ذلك الرباط الذي وثقه ربنا جل جلاله، الأمة الاسلامية كل فرد من أفرادها ينتمي نسباً إلى الاسلام فالاسلام دينه وينتمي إلى الله جل جلاله إنتماء العبد للمعبود والمخلوق للخالق والمرزوق للرازق وينتمي لحضرة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إنتماء إيمان به على أنه رسول من الله جل جلاله

تلتقي الأمة الاسلامية في بيوت الله لا لتنقطع عما سوى بيوت الله بعد ذلك وإنما من أجل أن تتحرك خارج بيوت الله الحركة الربانية الايمانية الاسلامية الاخوية الحركة التي تبني ولا تهدم الحركة التي تصلح ولا تفسد الحركة التي تملأ الدنيا كلها خيراً وبراً ورشداً وهداية ويقيناً ومحبة ومساواة، تلك الأمة التي بناها شرع الله تبارك وتعالى وجاء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهو يبنيها ليقول لنا محذراً كل شأن من شؤونها ومبيناً أن هذه الأمة فيما بينها تعاطفاً وتراحماً ومودة مثالها مثال الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر

وأنتم خبراء أن الجسد الواحد لا نستطيع أن نفهم منه على الإطلاق أن تكون نوبات الرمل تضرب أعماقه فإذا به يرقص وإذا به يمرح ويلهو أو لا يفهم على الإطلاق أن يؤتى لعين هذا الجسد فتقلع أو لقلبه فيطعن ثم إذا بباقي الجسد لا علاقة له على الإطلاق لا بالعين المقلوعة ولا بالقلب المطعون، يقول الشاعر

إذا ألمت بوادي النيل نازلة              باتت لها راسيات الشأم تضطرب

وإن دعا في ثرى الأهرام ذو ألم         أجابه في ذرا لبنان منتحب

لماذا بدأنا بقول الشاعر يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام لنبين أنه إذا تألم مسلم في مشارق الأرض ومغاربها تألماً بدافع الفاقة والعوز والحاجة على سائر أفراد الأمة أن تستنفر أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام لأنها أمة حملها ربنا جل جلاله خاتمة الرسالات هي رسالة عالمية يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام رسالة فيها السعادة كل السعادة فيها البر كل البر فيها كل ما يسعد الحياة فوق هذه الأرض ثم جاءنا شرع الله عز وجل ليربط الآخرة بالدنيا ربط نتيجة بمقدمة ربط ثمرة بشجرة لئلا يضل بنا الهوى ولئلا تتلاعب بنا الشهوات ولئلا تعمي علينا بعض زخارف هذه الدنيا ولئلا يضللنا المضللون أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

حيث قرر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مثل هذه الأمة بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر دل هذا على أنه ينبغي على هذه الأمة أن تكون على يقظة تامة فيما يجري في مشارق الأرض ومغاربها وعلى هذا أيسوغ يا ترى أن يموت جوعاً أناس في اليمن أو أناس في تركيا أو أناس في سوريا أو أناس في الفلبين أو أناس في مشارق الأرض ومغاربها لا يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

ونحن حينما نتحدث ههنا عن الحاجة والعوز لا نقصد الحاجة بنفسها ولا العوز بذاته وإنما نقصد أن الآلام مشتركة كما أن الأحلام مشتركة، لماذا؟ قال لأن القاعدة التي بني عليها هذا المجتمع الرباني هي الايمان بالله جل جلاله والايمان بالرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم والايمان بلقاء الله جل جلاله يقول رسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى يقول (يطوي الله عز وجل الأرض يوم القيامة، يقبض الله عز وجل الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه ويقول أنا الملك أين الملوك) وقد جاء في كتاب الله عز وجل ما يقال يوم القيامة حيث لا مخلوق يمكنه أن يجيب "لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿١٦﴾" هذا مشهد يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام فيه الفقرة الأخيرة من رحلة الوجود ذلك أننا ما ينبغي أن نغفل عن رحلة الوجود

عتبة بن غزوان خطب خطبة فقال قد ولت الدنيا حدّاء وآذنت بصرم وإنكم منتقلون إلى دار الأبد فانتقلوا بخير ما بحضرتكم وإنه قد بلغنا أن الحجر يرمى به من شفيل جهنم فيمضي عليه سبعون خريفاً حتى يبلغ قعرها أو كما قال رضي الله تبارك وتعالى عنه، لماذا خبرنا بهذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام؟ يحدثنا عن الآخرة يحدثنا عن طي هذه الدنيا يحدثنا رسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الأحاديث بعد الأحاديث التي يبين فيها أنه ما من امرؤ مسلم يظلم وأنت تقدر على أن تنصره فلم تنصره، فلم تنصره إلا أذل الله عز وجل ذلك الذي تقاعس عن نصرة المسلم، من خذل مسلم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام في موطن يمكنه أن ينصره فيه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب أن ينصر فيه

وفي المقابل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام من مشى مع مظلوم حتى يبلغ به حاجته إلا ثبت الله عز وجل قدميه على الصراط أو كما أخبر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ثم ماذا من الحقائق يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام التي ينبغي أن تستحضر؟ وهل هذه الحقائق هي قاصرة على حياة الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم لا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إذ منهج الله عز وجل منهج إنما أنزله الله تبارك وتعالى ليبقى إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، وما خصيصة الصحابة في هذا إلا أنهم قد حولوا هذا المنهج إلى واقع عملي حياتي فلهم السبق في ذلك رضي الله تبارك وتعالى عنهم

سئل أبو سليمان الدراني رجل في افريقيا وآخر في سمرقند أيكونان أخوين؟ واحد في افريقيا وآخر في سمرقند أيكونان أخوين؟ قال نعم، قال وكيف يكون ذلك؟ قال كل منهما ينوي نية صادقة أنه إذا لقي أخاه واساه ورحب به هذا هو عمق الأخوة يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

عمر بن عبيد الله من الأجواد مر ببستان وعلى جدار البستان زنجي لكنه كان ممن تحقق بحقائق الايمان، العجب رأى عمر من هذا الزنجي كان يأكل وبين يديه كلب فكان يأكل لقمة ويعطي الكلب لقمة، لا تسأل ما نوع الطعام؟ كي لا يغبش هذا السؤال على مغزى الواقعة، فوقف فقال له يا هذا ما لك تأكل لقمة وتطعم الكلب لقمة؟ قال إني لأستحي من ذي عينين ينظر إلي وأنا مستبد بمأكول دونه، أستحي من ذي عينين نحن هنا نتحدث عن كلب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام له عينان، فكيف إذا ما تحدثنا عن عيون جائعة أو عيون مرعوبة أو عيون أتلفها الخوف والهلع أو عيون قد أمضها الألم أو عيون سحقت كرامتها سحقاً

أمة محمد عليه الصلاة والسلام

المسألة أعمق مما نظن عينا كلب ترمق الزنجي الذي صاغته حقائق الاسلام تلك الحقائق التي إن ملأت القلب نضحت على الجوارح لا محالة إن امتلأ القلب بالحقائق الايمانية لا بد لهذه الحقائق من أن تأخذ بنواصي الجوارح فإذا بها تسلك بها الصراط المستقيم الذي نسأل الله تبارك وتعالى مع كل صلاة أكثر من مرة بحسب الركعات فنقول "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾" الاسلام شريعة كاملة يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام وليست شريعة قاصرة قابعة في الكهوف، الشريعة إنما جاءت لتنظم العلاقات الاجتماعية أيما تنظيم جاءت من أجل أن تدل الناس على الله جل جلاله جاءت من أجل أن تبصر الناس بالحكمة من وجودها جاءت من أجل ألا تغفل القافية البشرية وهي في طريقها إلى الله جل جلاله، الغافلون عن هذا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يبجبجون أيما بجبجة حتى إذا ما جاءتهم سكرات الموت عرفوا أنهم كانوا على ضلال وأنهم كانوا يعيشون الافتراء ذات الافتراء بل يصنعونه صباح مساء 

أمة محمد عليه الصلاة والسلام

قال عمر للزنجي أحر أنت أم عبد؟ قال أنا هديت لبني فلان أي هو عبد رقيق، حملها عمر ومضى إلى بني فلان واشترى ذلك الزنجي منهم بل واشترى البستان ورجع بعدما أعتق العبد، رجع إليه فقال يا زنجي أتشعر أو أشعرت أن الله عز وجل أعتقك؟ قال الحمد لله الذي أعتقني، ولمن كان سبباً في عتقي، قال يا زنجي إن هذا البستان ملك لك يا فرحة الزنجي يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام بهذه الثروة الطارئة قال إن هذا البستان صار ملكاً لك وإذا بالزنجي يقول والذي لا إله غيره وهو وقف على فقراء المدينة، قال عجباً منك ما حاجتك؟ وقد آتاك رزق توقفه في سبيل الله تبارك وتعالى الجواب يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إني لا أستحي من الله أن يعطيني شيئاً ثم أبخل به عنه

أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يمكن أن نسوق ههنا قضية الأخلاء أسمعتم بها؟ لكل منه ثلاثة أخلاء خليل يبقى معك حتى تقبض روحك ولا تخف حيث أقول تقبض روحك وإن كان أدب الخطاب يقول حتى تقبض روحك، لماذا أقول حتى تقبض روحك؟ لأنه ما منا من مخلوق إلا وقد جاء قول الله فيه "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴿٣٠﴾" أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام

وخليل إنما يسير معك حتى تلك الحفرة التي توضع فيها وهل هناك يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام مفر من هذه الحفرة نحن نسوق هذا من أجل أن نبين أنك إذا ما أنفقت في سبيل الله معنى ذلك أنك تتقرب إلى الله وأنك تضع في خزانة الله عز وجل يا ابن آدم أفرغ من خزانتك حيث يقول الله جل جلاله في الحديث القدسي (يا ابن آدم أفرغ من خزانتك عندي حيث لا حرق ولا سرق ولا غرق ثم أوفيكه أحوج ما تكون إليه) أجل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يذهب الخليل الثاني معك إلى حفرتك ثم يرجع، أما الخليل الثالث فهو الذي يبقى معك في حياتك معك وفي مماتك معك وفي الدنيا معك وفي الآخرة معك

أما الأول فهو المال وقد قرر الفقهاء أن الميت إذا ما مات انتقلت أمواله مباشرة إلى الورثة فالمال يبقى معك يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام حتى تقبض الروح أما من يذهب معك يشيعك فهم أهلك وحشمك وخدمك، ثم ماذا بعد هذا؟ الذي يبقى معك في قبرك عملك مع أن هذا الذي بلغه ذلك قال وإن كنت وهو يخاطب العمل أهون الثلاثة عليك، أجل يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

النوايا الطيبة رائعة ولكنها ينبغي أن تترجم إلى سلوك، النوايا الفاسدة تضر بصاحبها وتضر بالمجتمع كله وعلى هذي الأمة بكل فئاتها وطبقاتها إن كانت لها طبقات عليها أن تقرر إذا ما أرادت السعادة في الدنيا وفي الآخرة أن تحسن النوايا وأن تنأى عن النوايا الفاسدة هناك أناس يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام يضمرون الشر لهذه الأمة وأنت خبير من خلال المثل الذي ضربه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أن العداوة في البدن إما أن تكون من الداخل وإما أن تكون من الخارج وكلاهما من العداوة بمكان، ولعل التي من الداخل هي أخطر

أرأيت إلى ذلك الفيروس الذي يدخل البدن خفية فإذا به ينشر فساده باضطرابات في الخلايا التي إنما تبنى بها الأجساد، أرأيت إلى خبث هذا الذي يتسرب في الظلام فإذا به يهدم المجتمع أو الجسد من داخله وعلينا ههنا يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن نذكر بأن النية الصالحة والنية الفاسدة لها أي تأثير في المجتمع الصالحة يربو بها المجتمع والفاسدة إنما يظلم بها المجتمع

ملك من الملوك تخفى من أجل أن يتعرف إلى أحوال الرعية هو هو تخفى لم يكن له من العيون التي تبث من أجل أن تطلع على عورات الناس لو كان له من العيون لوجدنا أن من هذه العيون عيون خائنة عيون متجسسة لكنه هو أراد أن يتعرف إلى أحوال الناس، ووقف على فلاح لديه بقرة نزل عنده ضيفاً والفلاح لا يعلم رجعت البقرة من المرعى وحلبت فأتت بحليب غزير يقارب ثلاثين بقرة تحلب، فعجب الملك من هذا أغرته البقرة فنوى أن يقتنصها ونقول له لو اقتصرت على اقتناص البقرة لكان بعض الشر، ولكنه الكارثة في أن يقتنص صاحب البقرة مع البقرة مع المرعى مع الهواء مع الأعشاب، هو اقتصر على أن يقتنص البقرة وفي اليوم التالي ومعلومكم أن الضيف يبقى في الضيافة ثلاثة أيام في اليوم التالي يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام رجعت البقرة من المرعى فحلبت فإذا بحليبها ينقص إلى النصف، ما حلبت الكمية نفسها فقال الملك المتخفي يا هذا عجب أرعت في مرعاها؟ قال نعم رعت في مرعاها، أشربت من مشربها؟ نعم شربت من مشربها، فلم هذا التفاوت؟ وكأنما هذا الفلاح كان من أصحاب البصائر، قال يمكن أن يكون الملك قد هم بظلم أو فعله، إما أن يكون قد ظلم أو أن يكون قد هم بظلم، مباشرة راجع الملك نفسه ويظهر أن فيه الخير عزم على أن لا يظلم ولا يهم بظلم وفي اليوم الثالث رجعت البقرة إلى حالتها يا أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

أيتمعر وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام؟ معنى التمعر تغير الوجه، تغير الوجه لا إلى حالة تكشف عن ابتهاج قلبي وروحي، وإنما عن حالة ممضة، نعم يتمعر وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام وحتى نسوق ههنا معنى التمعر بأبعاده من أجل أن نتفحص وجوهنا أمام المرايا

أمر الله عز وجل ملك من الملائكة بأن ينزل العقاب بقرية من القرى فقال الملك إلهي سيدي والله يعلم فيها فلان وهو عابد قال فبه فابدأ، عابد فبه فابدأ، الحكمة يا رب؟ قال ما تمعر وجهه فيّ قط، ما أنكر منكراً يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام رأى الجريح فظن أن الدم بلونه الأحمر لوناً من ألوان الزينة تضعها النساء على الشفاه، رأى عمق المأساه رأى العري الفقر الفاقة جاء في ما كتبته الأوقاف مما يتعلق بالوقوف إلى جانب أهل اليمن، أولئك الذين قال فيهم عليه الصلاة والسلام جاءكم أهل اليمن ألين قلوباً وأرق أفئدة الايمان يمان والحكمة يمينية، أهل اليمن عمقهم الانصار الذين أثنى الله عز وجل عليهم، أثنى عليهم في أنهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة علماً بأن الذين قد أتوا إلى المدينة المنورة وفيها الأنصار الأوس والخزرج وهما من اليمن جاؤوا من مكة المكرمة وقد قال العلماء كان التآخي على الايمان هو الرابط الذي ربط الأنصار والمهاجرين برباط الايمان والثقة بالله تبارك وتعالى

أهل مكة من عدنان، وأهل اليمن من قحطان، هم من اليمن وأهل مكة من مكة ومع ذلك آثروهم على أنفسهم وأنتم خبراء بثناء الله عز وجل على الأنصار وهم أهل اليمن، هم الذين نفس الله عز وجل بهم الكرب عن مشارق الأرض ومغاربها، هم الذين انطلقوا فاتحين في سبيل الله تبارك وتعالى، أهل اليمن الكثيرون بل الآلاف يعيشون في حاجة وعوز ومن هنا وحيث نقول أهل اليمن نريد بذلك لو أن مسلماً مات جوعاً في الفلبين أو في أفغانستان أو في بنغلاديش أو في أوروبا على هذه الأمة أن تراجع حساباتها ولا أقول هنا المسؤولية على واحد بعينه وإنما المسؤولية مسؤولية جماعية الاستنفار الكامل حيث وجدنا مجالاً للمساعدة وجب على كل فرد يريد مساعدته في الدنيا والآخرة أن يسارع إلى ذلك

جاء وفد إلى المدينة المنورة من مضر كما قال عليه الصلاة والسلام لما رآهم تمعر وجهه تغير وجهه لما رأى عليهم من علامات الفاقة والحاجة كانوا مجتابي النار متقلدي السيوف عماتهم من مضر بل كلهم من مضر فدخل بيته عليه الصلاة والسلام وحزن أيما حزن لكنه كان حزناً صادقاً كان حزناً إنما تجلى في السلوك وليس في الأقوال، وما أبشع الأقوال يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام إذا كان القائل يمكنه أن يفعل ومن هنا أمر بلالاً فأذن واجتمع المسلمون وتلى قول الله تبارك وتعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ" لما جاء هؤلاء الفقراء إنما ربط الفقراء بالأغنياء من نفس واحدة نحن كلنا، كلنا نرجع لآدم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ثم تلى قول الله عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ" ثم قال تصدق رجل بدينار رجل بدرهم رجل بثوب رجل بصاع برغل رجل بصاع تمر وبدأ يعدد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ألواناً من الصدقات والصحابة استجابوا مباشرة فإذا برجل يحمل صرة كما جاء في الحديث يكاد يعجز عن حملها بل عجزت كفاه عن حملها وتوارد الناس بالعطاء حتى ظهر بين عيني المصطفى صلى الله عليه وسلم كومان من الثياب والطعام فإذا بوجهه صلى الله عليه وسلم كأنه مذهب أو مذهب أخذ يتألق وحجهه سروراً عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، هذه النجدة الحقيقة وهذا هو العطاء الحقيقي المباشر ولم يأخذ من الذين خاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم كماً معيناً وإنما كل ينفق بحسب قدرته وحاجته

نبهني الله وإياكم من رقدة الغافلين وحشرني وإياكم في زمرة عباده المتقين فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فقد قال لنا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٢﴾"

أمة محمد عليه الصلاة والسلام  

بنى عليه الصلاة والسلام المسجد من أجل أن نحقق الصلة بالله جل جلاله وفي المسجد كثير من الحقائق الاسلامية السلوكية ومنها ما يطلق عليه أنه المساواة على معنى أنك إذا دخلت بيتاً من بيوت الله عز وجل هنا تلقي كل الشعارات التي بها تتميز في المجتمع خارج المسجد تدخل عبداً لله تبارك وتعالى يقف في المسجد الفقير إلى جانب الغني والقائد إلى جانب الجندي وقل ما شئت من مثل هذه المعاني الرائعة الربانية

الاستطراق الايماني في بيت من بيوت الله عز وجل يحقق فينا معنى المساواة، المساواة هي المنبع الأصيل يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام للأخوة الايمانية، تلك الأخوة تعني بأبسط معانيها أنك وأنت تتحرك في دروب الحياة تلك التي فيها الشدائد فيها الضراء فيها كل الآلام والأحلام والآمال أنت تعيش في سراء وضراء أو قل أنت أمام شدائد هذه الحياة ونكباتها، الأصل بناء على معنى الأخوة ألا تتلفت فلا تجد حولك أحداً على الإطلاق وإنما الأصل أن تتلفت فإذا بحولك مجموعات كثيرة من المؤمنين والمؤمنات الذين قد أقبلوا على الله تبارك وتعالى يحققون بنصرتك إن كنت مخذولاً يحققون بعطاءك إن كنت محتاجاً أروع وأرقى ألوان التقرب إلى الله جل جلاله

علي بن الحسين زين العابدين رضي الله تبارك وتعالى عنه جاءه انسان فقال إن فلاناً يقول كيت وكيت يذكر نميمة لزين العابدين، فغضب زين العابدين، أجل غضب لأن هذا الذي ينقل لم يسلك مسلكاً شرعياً في النقل هو ينم هو يغتاب هو يحرش، وهذا ليس من أخلاق المسلم يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، قال إجلس إجلس فجلس، قال له هل حاربت الروم؟ قال لا، هل حاربت الفرس؟ قال لا، هل غزوت في سبيل الله؟ قال لا، قال يا هذا إذا كان الروم والفرس والكفار قد سلموا من حربك فلماذا تغير على أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أيسوغ وقد سلم من يدك الفرس والروم والكفار ثم لا يسلم من لسانك واحد من أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، هذا لون من ألوان المواجهة التي لا بد لهذه الأمة من أن تواجهها أولئك الذين يعملون السكاكين في جسد هذه الأمة، أولئك الذين يخذلون هذه الأمة، أولئك الذين يقفون إلى جانب الظالم من هذه الأمة، أولئك الذين يقفون إلى جانب أولئك الذين تجلطت مشاعرهم تجاه الآم هذه الأمة

فإلى اليمن يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، اليمن التي أحببناها ولم لا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الأحاديث الصحيحة اللهم بارك لنا يقول لنا اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا قالوا يا رسول الله وفي نجدنا والثالثة قال هناك الزلازل والفتن ومنها يدخل قرن الشيطان أو كما قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

والبركة ههنا حتى ننال منها وجب علينا للسعداء أن يقبلوا من أجل أن يفهموا الاسلام الفهم الواعي ومن أجل أن يقفوا في المرصاد في وجه كل من تسول له نفسه بأن يخذل المسلمين وأن يطعن في جسد المسلمين وأن يسعى في تفريق هذه الأمة التي بناها الله تبارك وتعالى بالشرع الخاتم الذي ما زال بين أيدينا ولا ننفك عنه بإذن الله تبارك وتعالى  

أكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى قد صلى عليه في محكم كتابه بقوله "إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿٥٦﴾"، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت وسلمت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الصحابة الخلفاء السادة الحنفاء سادتنا وموالينا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

اللهم ربنا اجعلنا هادين مهديين لا ضالين ولا مضلين سلماً لأوليائك وحرباً على أعدائك، نحب بحبك من أطاعك ونعادي بعداوتك من خالف أمرك، اللهم ربنا إدفع عنا ولا تدفعنا اللهم انصرنا ولا تنصر علينا اللهم ربنا أعطنا ولا تحرمنا، اللهم ربنا إنا نجعلك في نحور أعداءنا، اللهم يا ربنا إنا نجعلك في نحور أعداءنا، اللهم يا ربنا إنا نجعلك في نحور أعداءنا، اللهم إكفيناهم بما شئت، اللهم إكفيناهم بما شئت، اللهم إكفيناهم بما شئت، حفنا والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بألطافك الخفية، واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً مباركاً محفوظاً، لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً هبنا جميعاً لسعة رحمتك

نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته، ولا غماً إلا كشفته، ولا هماً إلا فرجته، ولا هماً إلا فرجته، ولا غماً إلا كشفته، ولا غماً إلا كشفته، ولا غماً إلا كشفته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا سجيناً في سبيلك إلا أطلقته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا عدواً إلا قصمته، ولا عدواً إلا قصمته، ولا عدواً إلا قصمته

اغفر اللهم لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولمن حضر معنا ولمن غاب عنا منا واغفر اللهم لمنشئ هذا المكان المبارك ولمن أعان  فيه بمعروف ابتغاء وجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وأقم الصلاة.